< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/08/22

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الموضوع: صلاة الجماعة/ لو نوى وكبر فرفع الإمام رأسه/

(مسألة 27): لو نوى وكبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع أو قبل أن يصل إلى حد الركوع لزمه الانفراد، أو انتظار الإمام قائما إلى الركعة الأخرى، فيجعلها الأولى له إلا إذا أبطأ الإمام بحيث يلزم الخروج عن صدق الاقتداء (1) ولو علم قبل أن يكبر للإحرام عدم إدراك ركوع الإمام لا يبعد جواز دخوله وانتظاره إلى قيام الإمام للركعة الثانية مع عدم فصل يوجب فوات صدق القدوة، وإن كان الأحوط عدمه[1]

1-الفرع الأول: لو دخل في الجماعة بتخيل إدراك ركوع الامام ولكنه لم يدركه، وذكروا حلولاً لهذه الحالة

الحل الأول: إنّه يتم صلاته منفرداً، وقلنا بأنّ هذا الحل لا يحتاج الى دليل، فلا اشكال فيه سواء قلنا بانعقاد الجماعة من بداية الأمر أو قلنا بعد انعقادها، لما تقدم من جواز العدول من الجماعة الى الانفراد

الحل الثاني: الانتظار الى قيام الامام للركعة الثانية فيلتحق به في الركعة الثانية وتحسب للمأموم اولى

واستشكل فيه بأنّه يوجب الخروج عن صدق الاقتداء والائتمام لأنّ الاقتداء والائتمام في صلاة الجماعة متقوم بالمتابعة الخارجية وهي غير متحققة في فرض المسألة

نعم يبقى أنّه نوى الاقتداء، ولكن النية بمفردها لا تحقق الاقتداء لأنّه متقوم بالمتابعة الخارجية

ولوحظ عليه أولاً: بأنّ مسألة تقوم الاقتداء والائتمام بالمتابعة الخارجية محل كلام فهناك من يقول بأنّ الاقتداء هو ربط صلاته بصلاة الامام اعتباراً، وهو مرهون بقصد المكلف، فما لم يرفع يده عن هذا الاعتبار يبقى محفوظاً، وليس للمتابعة الخارجية دخل في ذلك

نعم، قد تكون المتابعة واجبة في بعض الموارد بالوجوب النفسي لا بالوجوب الشرطي

وثانياً: حتى لو قلنا بوجوب المتابعة كشرط في صحة الائتمام فالركعة التي لم يدرك فيها المأموم ركوع الامام لا تحسب من ركعات صلاته جماعة وانما هو يبدأ الصلاة جماعة عندما يقوم الامام للركعة الثانية، ودليل وجوب المتابعة لا يشمل ما لا يكون من أفعال المأموم الصلاتية، فسجود الامام لا يجب فيه المتابعة لأنّه ليس سجوداً معتبراً في صلاة المأموم جماعة ولذا يجوز له تركه، فلا يكون مورداً للمتابعة الواجبة فالسجود في هذه الركعة ليس من واجبات صلاته حتى يشترط فيه المتابعة ويكون التخلف عن المتابعة في السجود موجباً لبطلان الائتمام والجماعة

الاشكال الثاني: تقدم منا في (مسالة ٢٥) اختيار القول بصحة صلاته فرادى في ما إذا ركع بتخيل إدراك الامام راكعاً ولم يدركه، ويقال هنا بأنّ المقام يدخل في تلك المسألة لأننا فرضنا أنّه دخل بنية الجماعة باعتقاد إدراك الامام راكعاً فلما كبّر رفع الامام رأسه من الركوع، فتصح صلاته فرادى بناء على ما تقدم

وهذا معناه أن هذه الركعة التي دخل فيها ولم يدرك ركوع الامام تحسب له ركعة أولى في صلاته منفرداً بأن يقرأ ويركع وحينئذ لا يكون انتظاره الامام الى أن يقوم للركعة الثانية ثم يلتحق به مشروعاً، لأنّه إمّا أن يحسب الركعة بعد قيام الامام أولى له وهو خلف فرض صحة صلاته من البداية وأنّ الركعة الاولى له هي السابقة، واما أن يحسبها ثانية فيأتي فيها اشكال الإئتمام في اثناء الصلاة الانفرادية وهو غير جائز على ما تقدم

والحاصل أنّ الصلاة في مفروض الكلام تقع فرادى قهراً ولا يتوقف ذلك على القصد والنية ومعه كيف ينتقل الى الجماعة في اثناء صلاته منفرداً وتقدم في (مسألة 15) أنّ المنفرد لا يجوز له العدول الى الائتمام في الاثناء

هذا، وقد استدل على جواز الانتظار ببعض الروايات

الأولى: رواية عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: ((إذا وجدت الإِمام ساجداً فاثبت مكانك حتى يرفع رأسه، وإن كان قاعداً قعدت، وإن كان قائماً قمت))[2]

أمّا من حيث السند فالمراد بعبد الله بن محمد هو عبد الله بن محمد بن عيسى اخو احمد ولم تثبت وثاقته

وأمّا الدلالة فبتقريب أنّ المراد من قوله ((إذا وجدت الإِمام ساجداً فاثبت مكانك)) أدخل في الجماعة وانتظر حتى يقوم الامام

ونوقش في دلالتها على ذلك باحتمال كون المراد بها أنّه ينتظر من دون أن يدخل في الجماعة، فليست واضحة الدلالة على الانتظار

الثانية: موثقة عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أدرك الإِمام وهو جالس بعد الركعتين؟ قال: ((يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الإِمام حتى يقوم))[3] ولا باس بدلالتها على جواز الانتظار

وقد يقال يوجد روايات معارضة لتلك

منها: رواية المعلّى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((إذا سبقك الإِمام بركعة فأدركته وقد رفع رأسه فاسجد معه ولا تعتدّ بها))[4]

وفي سندها ابو عثمان وقد روى عنه صفوان بسند صحيح في هذه الرواية، وأمّا المعلى بن خنيس ففيه كلام وقد ضعفه النجاشي صريحاً وتوجد روايات مادحة له وأخرى ذامة وتقدم التعرض لها ولم نخرج بنتيجة التوثيق وتوقفنا فيه

وهي معارضة للرواية السابقة باعتبار أن الرواية الاولى تأمره بالانتظار بينما تأمره هذه بالسجود معه من دون أن يعتد بهذه الركعة أو بهذه السجدة، وكل من الروايتين تدل على جواز الدخول في الجماعة من دون ان يحتسب ذلك من صلاته وانما يلتحق بالإمام بعد قيامه الى الركعة التالية

ومنها رواية معاوية بن شريح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((إذا جاء الرجل مبادراً والإِمام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع، ومن أدرك الإِمام وهو ساجد كبّر وسجد معه ولم يعتدّ بها))[5]

وقلنا بأن معاوية بن شريح ثقة برواية البزنطي وابن ابي عمير عنه وطريق الصدوق اليه صحيح

وهي نفس مضمون الرواية السابقة

وعلى كل حال فحتى هاتين الروايتين فيهما دلالة على إمكان أن يدخل في الجماعة، لكن لا يحتسب ما دخل فيه من الجماعة وانما يبدأ بالاحتساب من الركعة اللاحقة

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo