< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/08/16

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/ لو ركع ولم يدرك الإمام راكعاً

(مسألة 25): لو ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا ولم يدرك بطلت صلاته (1) بل وكذا لو شك في إدراكه وعدمه (2)، والأحوط في صورة الشك الإتمام والإعادة أو العدول إلى النافلة والإتمام ثم اللحوق في الركعة الأخرى [1]

2-الفرع الثاني: في صورة الشك في الإدراك وعدمه

الصورة الأولى: إذا أدرك الامام وركع بتخيل إدراك الامام راكعاً وشك وهو في ركوعه في أنّه أدرك الامام لأنه باق على ركوعه حتى تقع جماعته صحيحة أو لم يدركه لأنه رفع رأسه قبل أن يركع المأموم

ووقع الكلام في أنّه هل يوجد أصل يحرز أنّه أدرك الامام راكعاً فتصح جماعته أو لا؟

وقلنا بأنّ هذا البحث يتوقف على بحث استظهاري في نصوص الباب وهو أنّ موضوع الحكم باحتساب الركعة ما هو؟

الرأي الأول: إنّه عنوان القبلية لأنه المأخوذ في صحيحة سليمان بن خالد وصحيحة الحلبي، ولا يمكن اثبات عنوان القبلية بالأصل لأنه لا حالة سابقة له كما أنّ اثبات القبلية باستصحاب بقاء الامام راكعاً أي حين ركوع المأموم أصل مثبت، بل الاصل الجاري في المقام هو عدم إدراك الامام راكعاً لأنّ الحالة السابقة عدم ركوع المأموم قبل أن يرفع الامام رأسه

الرأي الآخر: إنّه ركوع المأموم وبقاء الامام راكعاً الى حين ركوع المأموم، والجزء الأول من هذا الموضوع المركب محرز بالوجدان والآخر بالأصل لأننا نشك في بقاء الامام على ركوعه الى أن ركع المأموم، فبعد احراز ركوعه نستصحب بقاءه راكعاً الى حين ركوع المأموم

وقد استدل القائلون بالرأي الثاني برواية زيد الشحام إذ لا أثر فيها للقبلية

ولا يحتمل أن يفهم من قوله فيها (ثم ركع) أنّ المقصود به الركوع غير المرتبط بركوع الامام إذ لا يترتب عليه الحكم الشرعي بل بينهما ارتباط وهو أنّ موضوع الحكم الشرعي بقاء الامام راكعاً مع ركوع المأموم

لأن احتمال أن يكون المقصود بركوع المأموم الركوع الذي لا ارتباط له بركوع الامام غير وارد، فلا بد أن يكون المقصود بقوله ثم ركع هو أنّه ركع مع بقاء الامام راكعاً فالموضوع مركب من هذين الجزئين ويمكن احرازه بضم الوجدان الى الأصل، وعليه يمكن الحكم بالصحة في محل الكلام في صورة الشك فتصح الصلاة جماعة

ولكن قلنا بأنّ الرواية غير تامة سنداً بالمفضل بن صالح الضعيف

وناقش السيد الخوئي (قده) في دلالة الرواية بأنّها مطلقة من حيث إدراك الامام راكعاً وعدمه، ولا بد من تقييد هذا الاطلاق بالصحيحتين المتقدمتين لأنهما صريحتان في أنّه إذا لم يدرك الامام قبل أن يرفع رأسه لا تحسب له ركعة والنتيجة أنّ الحكم بادراك الركعة في رواية زيد الشحام مقيد بأن يدرك الامام قبل أن يرفع رأسه فيتحد مفادها مع مفاد الصحيحتين المتقدمتين بعد التقييد

والظاهر انه يمكن التأمل في إطلاق الرواية باعتبار أنّ الظاهر أنّ المقصود بقول الامام (إذا كبر واقام صلبه ثم ركع فقد أدرك)[2] مع ارتباطه بما فرض في الرواية من أنّه انتهى الى الامام وهو راكع هو أنّه أدرك بركوعه ركوع الامام، والا فلو كان المقصود ثم ركع من دون أن يكون مرتبطاً بركوع الامام بعيد؛ إذ لا يحتمل أن يراد ركوع المأموم من دون أن يرتبط بركوع الامام، لوضوح أنّه ليس هو موضوع الحكم بالاتفاق، فلا بد من فرض الارتباط بين الركوعين، ويمكن تصوره على نحوين

الاول أن يكون الارتباط على نحو القبلية بأن يركع المأموم قبل أن يرفع الامام رأسه

الثاني أن يكون ركوع المأموم مع بقاء الامام راكعاً

والذي نستظهره من الرواية هو الثاني

هذا لو تمت الرواية سنداً، الا أنها ليست كذلك فلا يمكن الاستدلال بها في المقام

الدليل الآخر على دعوى أنّ الموضوع غير القبلية هو احتمال أن يكون المراد من عنوان القبلية في الصحيحتين الإشارة الى بقاء الامام راكعاً بمعنى أن يركع المأموم والامام باق على ركوعه فانه يعبر عن ذلك بانه ركع قبل أن يرفع الامام رأسه

وهذا له وجه لو تمت رواية زيد الشحام سنداً لأننا نستظهر منها أنّ الموضوع ليس القبلية بل هو ما ذكر فنحمل القبلية في تلك الصحاح على ما استظهرناه من الرواية، وأمّا لو لم تتم سنداً فحمل القبلية في تلك النصوص على هذا المعنى بلا وجه

هذا كله إذا التزمنا بوجود فرق في المعنى وفي المفهوم بين التعبيرين، ولكن يمكن انكار هذا فهما عبارتان مدلولهما شيء واحد

فلو فرضنا أنّ قائلاً قال حضر زيد صلاة الجمعة قبل أن ينهي الامام خطبته أو قال حضر والامام يخطب، فلا فرق بين التعبيرين في المعنى إذ مؤداهما أنّ زيداً أدرك خطبة الامام في مقابل أنّه حضر بعد الفراغ من الخطبة

فاذا شككنا في أنّ حضور زيد كان قبل أن يفرغ الامام من خطبته أو بعد فراغه، أمكن احراز هذا المعنى الواحد للعبارتين وهو أنّ زيداً أدرك خطبة الامام بضم الوجدان الى الاصل لأنه حضر بالوجدان وكون حضوره اثناء الخطبة يثبت بالأصل لأنه لا شك في كون الامام كان يخطب وانما نشك في أنّه هل فرغ من الخطبة قبل أن يحضر زيداً أو لا؟ فنستصحب بقاءه في خطبته الى أن حضر زيد

وما نحن فيه من هذا القبيل فإنّ المستفاد عرفاً من قوله في صحيحة الحلبي (وركعت قبل أن يرفع الامام رأسه)[3] ، أنّ موضوع الحكم بادراك الركعة هو أن يدرك المأموم بركوعه ركوع الامام وأن يجتمع ركوعهما في زمان واحد في مقابل أن يدركه بعد ذلك، ويمكن احراز هذا الموضوع بضم الوجدان الى الاصل على ما تقدم

والظاهر أنّه لا يفرق في ذلك بين أن يكون زمان ركوع المأموم معلوماً أو مجهولاً

والحاصل إنّه لا مانع من جريان استصحاب بقاء الامام راكعاً الى زمان ركوع المأموم، وبضمه الى احراز ركوع المأموم بالوجدان يحرز موضوع الصحة فيحكم بصحة الجماعة

ومنه يظهر أنّ الصلاة تصح فرادى في الفرع الاول من المسألة أي فيما لو لم يدرك الامام راكعاً، وتصح جماعة في الفرع الثاني وهو صورة الشك بعد الركوع، هذا إذا فرضنا الشك في أنّه أدرك الامام أو لا بعد ركوعه

وأمّا في صورة الشك حال القيام قبل الركوع فالكلام فيها يقع في جواز الدخول في الجماعة مع عدم احراز إدراك ركوع الامام وعدمه

فهل يجوز الدخول في الجماعة لغرض احتساب الركعة أو لا بد أن يحرز إدراك ركوع الامام؟ هذا بناء على أنّ جواز الدخول مشروط بأدراك ركوع الامام، فهل يوجد أصل يحرز ذلك؟

وهنا تطرح مسألة الاستعانة بالاستصحاب الاستقبالي

فهو على يقين بأنّ الامام راكع فيستصحب بقاءه راكعاً الى حين التحاقه به

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo