< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/07/23

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: صلاة الجماعة/ الحد في إدراك المأموم الركعة مع الامام/

(مسألة 24): إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع أو أدركه في أول الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع جاز له الدخول معه، وتحسب له ركعة، وهو منتهى ما تدرك به الركعة في ابتداء الجماعة على الأقوى (1)، بشرط أن يصل إلى حد الركوع قبل رفع الإمام رأسه، وإن كان بعد فراغه من الذكر على الأقوى فلا يدركها إذا أدركه بعد رفع رأسه، بل وكذا لو وصل المأموم إلى الركوع بعد شروع الإمام في رفع الرأس، وإن لم يخرج بعد عن حده على الأحوط، وبالجملة إدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقف على إدراك ركوع الإمام قبل الشروع في رفع رأسه، وأما في الركعات الأخر فلا يضر عدم إدراك الركوع مع الإمام بأن ركع بعد رفع رأسه، بل بعد دخوله في السجود أيضا، هذا إذا دخل في الجماعة بعد ركوع الإمام، وأما إذا دخل فيها من أول الركعة أو أثنائها واتفق أنه تأخر عن الإمام في الركوع فالظاهر صحة صلاته وجماعته، فما هو المشهور من أنه لا بد من إدراك ركوع الإمام في الركعة الأولى للمأموم في ابتداء الجماعة وإلا لم تحسب له ركعة مختص بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام أو قبله بعد تمام القراءة لا فيما إذا دخل فيها من أول الركعة أو أثنائها، وإن صرح بعضهم بالتعميم، ولكن الأحوط الإتمام حينئذ والإعادة[1]

1-كان الكلام في حدّ إدراك الركعة في صلاة الجماعة، ولا اشكال في إدراك الركعة لو التحق قبل تكبير الامام للركوع، وانما الكلام فيما إذا التحق بالإمام وهو راكع، وهناك قولان رئيسيان في هذه المسألة

القول الاول: ما ذهب اليه المشهور من انه تحسب له ركعة

القول الثاني: إنّه لا تحسب له ركعة الا إذا أدرك تكبيرة الركوع، والمقصود إدراك محل تكبيرة الركوع وهو القيام المتصل بالركوع

وتقدم الكلام في أدلة كل من القولين، ونضيف الى الروايات الدالة على القول المشهور روايتين:

الأولى: معتبرة محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ((إنّ أوّل صلاة أحدكم الركوع))[2]

وصدر الرواية موجود في التهذيب عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال: ((كان أمير المؤمنين (عليه‌السلام) إذا صلى يقرأ في الاولتين من صلاته الظهر سرا ويسبح في الاخيرتين من صلاته الظهر على نحو من صلاته العشاء، وكان يقرأ في الاولتين من صلاة العصر سرا ويسبح في الاخيرتين على نحو من صلاة العشاء وكان يقول أول صلاة أحدكم الركوع))[3]

ويظهر أنّ ارتباط الرواية بصلاة الجماعة ليس واضحاً، ولكنهم ذكروها في المقام باعتبار أنّها تدل على أنّ أول الصلاة الركوع

وعلى كل حال فهي وإن كانت معتبرة سنداً الا أنها لا دلالة فيها على المطلوب

الثانية: رواية الاحتجاج عن محمّد بن عبد الله ابن جعفر الحميري، عن صاحب الزمان (عليه السلام)، أنّه كتب إليه يسأله عن الرجل يلحق الإِمام وهو راكع فيركع معه ويحتسب بتلك الركعة، فإنّ بعض أصحابنا قال: إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتدّ بتلك الركعة؟ فأجاب ( عليه السلام ) : ((إذا لحق مع الإِمام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتدّ بتلك الركعة وإن لم يسمع تكبيرة الركوع))[4]

ويظهر من السؤال أنّ هناك قائل بالقول الثاني في زمن صدور النص

تنبيه يتعلق برواية معاوية بن ميسرة السابقة ورواية معاوية بن شريح

قلنا إنّ رواية معاوية بن ميسرة هي الصحيحة وأنّ رواية بن شريح غير تامة سنداً، ولكن الظاهر أنّ الأمر بالعكس

فإنّ في طريق النجاشي الى معاوية بن ميسرة احمد بن جعفر البزوفري ولم تثبت وثاقته، فلا يمكن الاعتماد على طريق النجاشي لإثبات وثاقة

بينما معاوية بن شريح فهو وإن كان طريق الشيخ الطوسي اليه ضعيفاً بابي المفضل وابن بطة، ولكن في موارد اخرى يروي عنه ابن ابي عمير وصفوان، فتكون رواية معاوية بن شريح هي المعتبرة بخلاف رواية معاوية بن ميسرة، هذا بناء على التعدد

ويبدو لأول وهلة أنّ هناك تنافي وتعارض بين الطائفتين، ويوجد حلول لرفع التنافي

الأول: التصرف في روايات الطائفة الثانية لصالح روايات الطائفة الاولى لأنّ هذا هو مقتضى الجمع العرفي بين الدليلين باعتبار أنّ اخبار الطائفة الاولى صريحة في الاعتداد بادراك الركوع في تحقق الالتحاق، بينما روايات الطائفة الثانية ليس فيها هذه الصراحة، فإنّ معظم هذه الروايات ورد فيها النهي وهو ليس صريح في التحريم وانما هو ظاهر فيه فتحمل على الكراهة وهذا ما يقتضيه الجمع العرفي بين الصريح والظاهر، فتحمل الطائفة الثانية على كراهة الدخول في تلك الركعة التي لم يدرك فيها تكبيرة الركوع، أو تحمل على أولوية التأخير وعدم الدخول في هذه الركعة الى الركعة التي بعدها

وهذا الوجه قد يصح في الروايات التي ورود النهي فيها، الا انه قد لا يصح في الرواية الاولى من صحاح محمد بن مسلم ((إذا أدركت التكبيرة قبل ان يركع الامام فقد أدركت الصلاة))[5] والاستدلال بمفهومها وقد يقال بانها لا تقل ظهوراً أو صراحة عن روايات الطائفة الاولى

وعلى كل حال فما ذكروه من حمل النهي على الكراهة لا يأتي في هذه الرواية إذ لا يوجد فيها نهي

وقد يقال في مقام تجاوز هذا الاشكال بأنّ ارتكاب التأويل في هذه الرواية أسهل من ارتكاب التأويل في أخبار الطائفة الاولى ويمكن أن يكون مرجع هذا الى أنّ تلك الروايات أظهر في مدلولها في أنّ المناط على الركوع من هذه الصحيحة في أنّ المناط على التكبير، فيأتي الكلام في تقديم الأظهر على الظاهر

فالتصرف وارتكاب خلاف الظاهر في روايات الطائفة الثانية أسهل منه في روايات الطائفة الأولى

نعم، قد يقال بأنّ ارتكاب التأويل في هذه الطائفة الثانية بحمل عدم الاعتداد مع عدم إدراك التكبيرة على عدم إدراك الفضل والاستحباب الأكيد أو على الارشاد إلى أقلية الثواب لأنه يكون بادراك التكبيرة قبل أن يركع الامام والّا فاته الفضل وإن صحت جماعته يكون أسهل من ارتكاب التأويل في روايات الطائفة الاولى لأنّ مفادها الصحة وكفاية إدراك الامام راكعاً وهذا لا يقبل التأويل، في حين أنّ مفاد الطائفة الثانية وهو عدم الصحة إذا لم يدرك التكبيرة قبل ركوع الامام يقبل التأويل بالحمل على الفضل

وهذا إن رجع الى دعوى صراحة الاولى في مفادها دون الثانية أو دعوى أظهرية الطائفة الاولى في مفادها من الثانية تكون مقبولة لوضوح أنّ الجمع العرفي يقتضي تقديم الصريح أو الأظهر على الظاهر، والا لو ناقشنا في الأظهرية والصراحة فهذا الوجه لا يكون تاماً

الوجه الثاني: دعوى تقديم الثانية على الاولى بتقييد الاولى بالثانية فيكون مفاد الاولى بعد التقييد أنّ إدراك الركعة يكون بالركوع المقيد بأن يدرك تكبيرة الركوع

وفيه إنّ هذا موقوف على أن يكون هناك إطلاق في مفاد الطائفة الاولى بان يكون مفادها أنّ إدراك الركعة يكون بادراك الركوع مطلقاً سواء أدرك التكبيرة أو لا، فيقيد بمفاد روايات الطائفة الثانية

وأمّا لو فرض في مفاد الطائفة الاولى عدم إدراك تكبيرة الركوع، فهذا لا إطلاق فيه حتى يقيد بمفاد الطائفة الثانية

الوجه الثالث: أن يقال بأنّه إذا وصلت النوبة للتعارض تقدم روايات الطائفة الاولى باعتبار أنّها مشهورة بينما روايات الطائفة الثانية شاذة، كما ذكر في الجواهر وغيره بأنّ روايات الطائفة الثانية وإن تعددت طرقها الا أنها ترجع الى محمد بن مسلم، وكأنها رواية واحدة لها طرق متعددة والاختلاف في المتن باعتبار النقل بالمعنى

وقد يقال بأنّ روايات محمد بن مسلم في الأربعة، يروي الشيخ الطوسي الثلاثة الاولى بإسناده عن محمّد بن مسلم عن ابي جعفر (عليه السلام)

بينما الثانية يرويها عن ابي عبد الله (عليه السلام)

ويلاحظ أيضاً بأنّ الثلاثة الاول يرويها الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد ويبدو أنّه أخذها من كتابه وهو يرويها عن النضر، عن عاصم، عن محمّد بن مسلم

وعن ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن محمّد بن مسلم

وعن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم

وهذا يعني أنّ الرواية لها طرق عديدة مما يعيّن انتشارها وشهرتها بين الاصحاب ونقلة الاخبار فلا تكون شاذة

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo