< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: صلاة الجماعة/قاعدة لا تعاد/ في اختصاص الحديث بالناسي

(مسألة 23): إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا، كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا، فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت، وكذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد وإلا بطلت[1]

قاعدة لا تعاد

بينّا أنّ زيادة السجدة الواحدة ليست مبطلة للصلاة للأدلة الخاصة، والكلام في امكان الاستدلال على الصحة بحديث لا تعاد، وقلنا بعدم الإمكان، مقابل من قال بإمكان اثبات صحة الصلاة التي زاد فيها سجدة في ركعة سهواً بالحديث

أقول إنّ الرأي الثاني لو تم لجرى في الركوع نفسه بنفس البيان السابق، فيكون الفرض الإلهي في الركوع هو صرف وجود الركوع وهو يتحقق بالركوع مرة واحدة فاذا زاد ركوعاً آخر فلا بد أن يحكم بالصحة وعدم الاعادة بمقتضى ما ذكره من انحفاظ الفرض الإلهي فيكون الاخلال من غير الفرض الالهي فيدخل في المستثنى منه فلا تجب الإعادة، ويستبعد أن يلتزم بذلك

وأمّا لو كان الاخلال بالسجدة الواحدة من جهة النقيصة فلا اشكال في كونه مبطلاً إذا وقع عمداً، واما إذا كان سهواً فلا يكون مبطلاً ايضاً للأدلة الخاصة

كما في صحيحة اسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (عليه‌السلام)، في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام، فذكر وهو قائم أنّه لم يسجد، قال: ((فليسجد، ما لم يركع، فاذا ركع فذكر بعد ركوعه أنّه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلّم ثمّ يسجدها، فإنّها قضاء))[2]

وموثقة عمّار، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) ـ في حديث ـ أنّه سأله عن رجل نسي سجدة فذكرها بعدما قام وركع؟ قال: ((يمضي في صلاته ولا يسجد حتى يسلّم، فإذا سلّم سجد مثل ما فاته، قلت: فإن لم يذكر إلاّ بعد ذلك؟ قال: يقضي ما فاته إذا ذكره))[3]

وصحيحة أبي بصير قال : سألته عمّن نسي أن يسجد سجدة واحدة فذكرها وهو قائم؟ قال : ((يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع ، فإن كان قد ركع فليمض على صلاته ، فإذا انصرف قضاها وليس عليه سهو))[4]

وفي سندها محمد بن سنان كما في التهذيب، لكنها صحيحة بسند الشيخ الصدوق عن ابن مسكان وسنده اليه صحيح عن ابي بصير

ومضمون هذه الروايات واحد وهي تدل على صحة الصلاة التي ترك فيها سجدة واحدة سهواً ونسياناً

وانما يقع الكلام في أنّه هل يمكن اثبات الصحة وعدم المبطلية لو ترك سجدة واحدة نسياناً بحديث لا تعاد أو لا؟

والصحيح إنّه لا يمكن ذلك كما تقدم، بل مقتضى الحديث بطلان الصلاة بنقيصة سجدة واحدة من الركعة الواحدة، بل هو هنا أوضح من زيادة سجدة سهواً لأنّ الحكم بالبطلان في باب زيادة السجدة كان يتوقف على عدة أمور

منها شمول عقد المستثنى للزيادة في مقابل اختصاصه بالنقيصة، بينما النقيصة هي القدر المتيقن منه

والأمر الآخر أنّ الاخلال بالخمسة الموجب للبطلان يكون شاملاً للإخلال بشرائطها وما يعتبر فيها في مقابل دعوى اختصاص الاخلال بالإخلال بالركن فقط أي إذا ترك الركن فقط

باعتبار أنّ الزيادة لا تعتبر إخلالاً بالركن فهو قد جاء بالركن

ومن هنا يكون المقام داخلاً في عقد المستثنى بنحو أوضح لأنّه اخلال بالركن، لأنّ الركن المعتبر في الصلاة سجدتين فلو ترك واحدة فقد أخل بالركن

وهنا يأتي ما تقدم أيضاً من دعوى أنّ مقتضى الحديث يثبت الصحة وعدم الاعادة في المقام كما هو الحال في زيادة السجدة بتقريب أنّ المعيار في لزوم الاعادة وعدمه هو ملاحظة ما هو المفروض من قبله سبحانه في الكتاب الكريم، وما ثبت بالفرض الالهي هو أصل السجود والركوع وهو صادق على السجدة الواحدة ومعناه انحفاظ الفرض الالهي بإتيان إحدى السجدتين وإن ترك الاخرى فالخلل الموجود ليس من ناحية الفرض الالهي وانما هو من غيره فلا يكون موجباً للبطلان

والجواب عنه هو ما تقدم من أنّ المراد بالخمسة في عقد المستثنى هو الصحيح لا الأعم من الصحيح والفاسد ويترتب عليه أنّ الاخلال بأحد الخمسة الموجب للبطلان يدخل فيه الاخلال بما يعتبر فيه شرعاً ومن الواضح أنّ نقصان سجدة يعتبر إخلالاً بالسجود الواجب والركن لأنّ المفروض أنّ الواجب والركن عبارة عن سجدتين لا واحدة فيدخل في عقد المستثنى

الامر الثالث: إنّ الاعادة المنفية في الحديث في عقد المستثنى منه هل يراد بها الاعادة الاصطلاحية التي تساوق الأداء وتعني الاتيان بالفعل مرة ثانية في داخل الوقت أو يراد بها الاعادة بالمعنى اللغوي أي تكرار الفعل بعد الاتيان به أولاً؟

وعلى الأول يكون المنفي هو الأداء أي الاعادة في الوقت دون القضاء إذ تتعرض للقضاء، بينما على الثاني فهي كما تنفي الأداء تنفي القضاء أيضاً

والظاهر أنّ الصحيح هو الثاني إذ لا موجب لحمل الاعادة في الحديث الشريف على المعنى الاصطلاحي مع عدم وضوح ثبوته في زمان صدور النص

مضافاً الى أنّه لو قلنا بأنّ المراد بالإعادة هو معناها الاصطلاحي نقول إنّ الحديث ليس ناظراً للقضاء وانما هو ينفي خصوص الأداء، ويوجد مجال للقول بأنّ هذا يثبت عدم القضاء بناء على أنّ نفي الاعادة في داخل الوقت يكشف عن سقوط الأمر بالتام وتحقق الغرض منه والا لوجب عليه الأداء في داخل الوقت

ومن الواضح أنّه مع سقوط الأمر وتحقق الغرض منه لا مجال للقول بوجوب القضاء لعدم تحقق الفوت حينئذ

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo