< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: صلاة الجماعة/قاعدة لا تعاد/ في اختصاص الحديث بالناسي

(مسألة 23): إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا، كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا، فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت، وكذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد وإلا بطلت

قاعدة لا تعاد

الأمر الثاني: في الاخلال بالسجدة الواحدة

تقدم أنّ عقد المستثنى وعقد المستثنى منه يشمل النقيصة والزيادة معاً، وعليه فترك الركوع ولو سهواً كزيادته سهواً يوجب البطلان باعتبار أنّ الركوع من الخمسة المستثناة، وأمّا السجود فهو أيضاً كالركوع فنقيصته سهواً موجبة للبطلان وكذا زيادته

غاية الأمر أنّ الركوع واحد لا تعدد فيه بينما الواجب في كل ركعة سجدتان وهما الركن فتركهما سهواً يوجب البطلان كما أنّ زيادتهما سهواً توجب البطلان وهي تتحقق بأن يأتي بأربع سجدات في الركعة الواحدة

وأمّا الاخلال بسجدة واحدة فان كان بالزيادة بأن سجد ثلاث سجدات في الركعة الواحدة، فلا اشكال في كونه مبطلاً للصلاة إذا كان عمداً، واما إذا كان سهواً فلا ينبغي الاشكال في عدم كونه مبطلاً للصلاة للأدلة الخاصة من قبيل

صحيحة منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام)، قال: سألته عن رجل صلّى فذكر أنّه زاد سجدة؟ قال: ((لا يعيد صلاة من سجدة، ويعيدها من ركعة))[1]

وصحيحة عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجل شكّ فلم يدر أسجد ثنتين أم واحدة، فسجد أخرى ثمّ استيقن أنّه قد زاد سجدة؟ فقال : ((لا والله ، لا تفسد الصلاة بزيادة سجدة ، وقال : لا يعيد صلاته من سجدة ، ويعيدها من ركعة))[2]

وغيرها من الروايات الخاصة الدالة على أنّ زيادة سجدة واحدة سهواً لا يبطل الصلاة

والكلام في أنه هل يمكن اثبات صحة الصلاة وعدم بطلانها بزيادة سجدة واحدة سهواً تمسكاً بحديث لا تعاد أو لا؟

والظاهر أنه يمكن ذلك إذا قلنا باختصاص عقد المستثنى بالنقيصة؛ إذ عليه يكون زيادة السجدة الواحدة داخلاً في عقد المستثنى منه وهو يقول لا تعاد الصلاة واما إذا قلنا بشمول عقد المستثنى للزيادة والنقيصة كما هو الصحيح ففي المسألة رأيان:

الرأي الاول: لا يمكن اثبات الصحة استناداً الى حديث لا تعاد بل لعل التمسك بالحديث يفضي الى نتيجة معاكسة؛ لأن مقتضى إطلاق عقد المستثنى يثبت أنّ زيادة سجدة واحدة يكون مبطلاً للصلاة باعتبار أنّ السجود هو أحد الخمسة المستثناة في الحديث فيكون الاخلال بالسجود بأي نحو كان مبطلاً للصلاة، ومن الواضح أنّ زيادة سجدة واحدة يعتبر اخلالاً بالواجب لأنّ الواجب سجدتان

وهذا مبني على ما تقدم من أنّه يعتبر في الواجب عدم الزيادة كما يعتبر عدم النقيصة فيه، وقد التزمنا بأنّ عدم الزيادة شرط معتبر في الركن، فاذا سجد ثلاث سجدات خالف الشرط المعتبر في السجود لأن الواجب سجدتان في كل ركعة ويعتبر عدم الزيادة كما يعتبر عدم النقيصة فيهما وقد تقدم أنّ الاخلال بأحد الخمسة يشمل الاخلال بشرائطه وما يعتبر فيه من دون فرق بين أن يكون ما أخلّ به دخيلاً في مفهوم الركن بحيث لا يتحقق مفهوم الركن من دونه وبين أن يكون دخيلاً في صحة الركن بحيث لا يصح الركن مع عدمه، وحينئذ يكون هذا إخلالاً بالركن فيدخل في عقد المستثنى

وواضح أنّ هذا يتوقف على اتمام أمور

الأمر الأول: أن نقول بأنّ عقد المستثنى شامل للزيادة والنقيصة وقد تقدم هذا

والأمر الثاني: أن نقول بأنّ عدم الزيادة في السجود أمر معتبر شرعاً في صحة الركن

الأمر الثالث: أن نقول بأنّ ما يكون موجباً للإعادة هو الاخلال بالركن ولو كان الاخلال بما يعتبر في صحة الركن لا بما يوجب عدم تحقق مفهوم الركن، وتقدم الكلام فيه وقلنا بأنّ ما يظهر من الحديث أنّ الخمسة المستثناة فيه والتي تقول الرواية أنها من الفرائض التي إذا حفظت تصح لصلاة حتى إذا أخلّ بما عداها من أجزاء الصلاة سهواً ولا تصح إذا أخل بواحد منها لا معنى لأن يكون المراد بها الأعم من الصحيحة والفاسدة، بل يجزم الانسان بأن المعتبر هو الأمور الخمسة الصحيحة

فاذا زاد سجدة لا يمكن أن يكون السجود صحيحاً بناء على ما قلناه من أنّ عدم الزيادة معتبر في صحة الركن

والنتيجة انه لا بد أن نتمسك لإثبات الصحة وعدم الاعادة بالنصوص الخاصة

الرأي الثاني: أن يقال بأنّ الامور الخمسة انما ذكرت في عقد المستثنى باعتبار أنّها مما فرضه الله سبحانه وتعالى كما أشير الى ذلك في الحديث، فالمعيار هو ملاحظة ما هو المفروض من قبله سبحانه

وبناء على هذا نقول إنّ ما ثبت بالفرض الإلهي في القرآن الكريم إنّما هو أصل الركوع والسجود وصرف وجودهما المتحقق بالسجدة الواحدة، وهذا يعني انحفاظ الفرض الإلهي بزيادة سجدة واحدة في الصلاة فيثبت بالملازمة في محل الكلام أنّ الخلل المذكور ليس من ناحية فرض الله سبحانه وتعالى بل يكون من ناحية السنة فيدخل في عقد المستثنى منه، وانما يدخل في عقد المستثنى إذا لم يأت بالسجود مطلقاً، وعليه فزيادة السجدة الواحدة سهواً لا يوجب بطلان الصلاة

وقد يشكل عليه بأن يقال بأنّ الخمسة المذكورة في عقد المستثنى يراد بها بناء على ما تقدم خصوص الصحيحة فالركوع والسجود الذي تحفظ بهما الصلاة وتصح مع الاتيان بهما وإن أخلّ بغيرهما سهواً هما الركوع والسجود الصحيحان

ولذا قلنا بأنّ الاخلال بواحد من الخمسة الموجب للبطلان شامل للإخلال بشرائط الركن حتى إذا لم تكن دخيلة في تحقق مفهومه وانما هي دخيلة في صحته

وحينئذ يقال إنّ عدم الزيادة معتبر في السجود ودخيل في صحته فالإخلال به يكون إخلالاً بالركن وداخلاً في عقد المستثنى وموجباً للبطلان

فالقول الثاني يمكن الجواب عنه بأنّه إذا سلمنا المقدمات المذكورة لا ينتج النتيجة المطلوبة لأنّ الاخلال بسجدة واحدة يعتبر اخلالاً بالركن فهو اخلال بالركن ومثل هذا لا يكون قد أتى بالأركان التي تحفظ بها الصلاة

فالظاهر أنّ هذا الوجه ليس تاماً وانما التام هو الوجه الاول


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo