< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: صلاة الجماعة/قاعدة لا تعاد/ في اختصاص الحديث بالناسي

(مسألة 23): إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا، كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا، فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت، وكذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد وإلا بطلت

قاعدة لا تعاد

قلنا إنّ الجاهل المقصر تارة يكون متردداً واخرى لا يكون كذلك

أمّا المتردد فلا يشمله حديث لا تعاد، وذكرنا الوجوه التي يمكن أن يستند اليها لإثبات خروجه عن حديث لا تعاد، ومنها ما ذكرناه من أنّه يفهم من الحديث اختصاصه بمن يكون معذوراً في إخلاله بالصلاة كمن أخلّ بالصلاة بتركه للسورة إذا كان معذوراً في تركه

والجاهل المتردد لا يكون معذوراً حتى لو قلنا بمعذورية الجاهل المركب المقصر غير المتردد، فإنّ الجاهل المركب يعتقد بصحة ما يأتي به بينما الجاهل البسيط المقصر الملتفت يدخل في الفعل وهو شاك في كونه وظيفة له

وأمّا الجاهل المقصر المركب فإنّ جهله استند الى تقصيره في الفحص والتعلم فأدّى به الى الجهل المركب والاعتقاد بعدم وجوب السورة في الصلاة

وعلى هذا الاساس يشكل القول بكونه معذوراً، فإنّ مجرد اعتقاده بعدم وجوب السورة عليه لا يعفيه عن المسؤولية، فشمول الحديث له يكون مشكلاً

لكن المفروض أنّ جهله هذا ناشيء من تقصيره وتركه الفحص والتعلم ومثله لا يكون معذوراً في جهله فلا يشمله الحديث

ومن هنا يظهر أنّ أقرب الاقوال في هذه المسألة هو التفصيل بين الجاهل القاصر فيكون داخلاً في حديث لا تعاد ولا تجب عليه الإعادة، بخلاف الجاهل المقصر فلا يشمله الحديث، من دون فرق بين أن يكون جاهلاً متردداً أو غير متردد، وقد اختاره جماعة منهم السيد الخوئي (قده)

نعم، إذا لم ينشأ الجهل المركب من تقصير في التعلم فلا يبعد دخوله في الحديث فلا تجب عليه الاعادة لأنه جاهل قاصر بحسب الظاهر فحاله حال المجتهد المخطيء، لأنّ ميزان القصور والتقصير هو الفحص والتعلم فالمقصّر هو من يقصّر في الفحص والتعلم

ومن هنا يظهر أنّ من يعتقد خلاف الواقع ويجزم به قد يكون مقصراً في ذلك بتركه التعلم والفحص والسؤال وقد يكون قاصراً فيه بأن فحص وتعلم ووصل الى خلاف الواقع، والثاني مشمول للحديث

وبعبارة اخرى إنّ المعتقد بالخلاف ليس معذوراً ومشمولاً للحديث دائماً بل لا بد من ملاحظة أنّ اعتقاده هل نشأ من تقصر في الفحص والسؤال أو لا؟

وعليه فالمصلي إذا أخلّ ببعض الاجزاء والشرائط باعتقاد عدم الجزئية وعدم الشرطية جازماً بذلك لا يصح أن يحكم عليه بمجرد ذلك بعدم الاعادة بل لا بد من فرض كونه غير مقصر في الفحص والسؤال حتى يحكم عليه بعدم الإعادة، وهذا يختلف باختلاف الاشخاص من حيث قربهم الى مراكز الاطلاع على الاحكام وعدم قربهم منها، وفي عالم اليوم نقول باعتبار توفر وسائل الاتصال بالنسبة لهم وعدم توفرها بالنسبة لهم

هذا يلحق بالبحث الثالث في شمول الحديث للجاهل بالحكم

ملاحظة في صحيحة محمد بن مسلم وموثقة منصور بن حازم المتقدمتين جعل النسيان في مقابل العمد، واستدل بقرينة المقابلة بين العمد والنسيان لإثبات دخول الجاهل في العامد، فإنّه لا مجال لإدخاله في النسيان بينما يوجد مجال لإدخاله في العمد باعتبار أنّ معنى العمد قصد الفعل، فيدخل في العامد فلا يشمله الحديث

ويلاحظ عليه بالإضافة لما تقدم إنّه بناء عليه فإنّ عدم وجوب الاعادة يختص بالناسي للسورة وإذا عممنا بإلغاء خصوصية السورة نقول يختص بنسيان الموضوع، ومعناه أنّ الناسي للحكم لا يثبت له وجوب الإعادة، وأمّا الجاهل بالموضوع فلا يثبت له عدم وجوب الاعادة بهذه الروايات لأنّ الروايات اختصت بنسيان الموضوع بحسب الفرض

والظاهر أنّ هذا لا يمكن الالتزام به فلا اشكال في أنّ الناسي للحكم مشمول لهذه الروايات، بل الظاهر أنّهم يلتزمون فقهياً بعدم وجوب الاعادة على الجاهل بالموضوع والناسي للحكم كلاهما

وهذا بخلاف ما إذا قلنا بأنّ النسيان لا خصوصية له ونحمله على مطلق العذر فسوف تدخل هذه الأمور فيه لأنّ الناسي للحكم معذور وكذا الجاهل بالموضوع، والناسي للموضوع هو مورد الرواية

البحث الخامس: في شمول الحديث للإخلال بالزيادة، في مقابل اختصاصه بالإخلال من جهة النقيصة

ويقع الكلام في شمول الحديث بلحاظ عقد المستثنى منه لزيادة أحد الأجزاء والشرائط مما ثبت كونها قادحة في الصلاة، ويترتب على شمول الحديث لهذه الزيادة صحة الصلاة وعدم لزوم إعادتها

وقد يستدل لعدم الشمول ببعض الأمور

الأول: دعوى أنّ ظاهر الحديث هو نفي الاعادة من ناحية النقصان باعتبار أنّ الحديث ناظر الخلل الذي يحصل بترك بعض ما يعتبر في الصلاة من الاجزاء والشرائط، ويفرق بين ما إذا كان الجزء المتروك من الخمسة فالحديث يحكم بلزوم إعادتها وإن كان من غير الخمسة فتصح الصلاة ولا تجب إعادتها

ولهذا يلاحظ في بعض روايات القاعدة أنّها بعد أن ذكرت القاعدة فرعت عليها (فمن ترك السورة متعمداً يجب عليه الاعادة ومن تركها نسياناً فلا تجب عليه الإعادة)، فالمنظور هو الاخلال من جهة النقيصة

وقالوا بأنّه لا بد من التقدير في حديث لا تعاد، وهم قدروا كلمة الشيء، فيكون مفاد الحديث لا تعاد الصلاة من شيء إذا أخل به الا إذا كان من الخمسة، والإخلال بالشيء انما يكون عند تركه وعدم الاتيان به

الثاني: إنّ الاخلال بالزيادة لا يتصور في عقد المستثنى بالنسبة الى بعض الامور الخمسة المذكورة فيه، فالزيادة غير متصورة في القبلة ولا في الوقت وقد لا تكون متصورة حتى في الطهارة، نعم يمكن افتراض الزيادة في الركوع والسجود

وهذا قرينة على أنّ المراد بالإخلال هو الاخلال من جهة النقيصة لأنه لا يمكن تصور الاخلال بالزيادة في بعض الخمسة المذكورة في عقد المستثنى

وبعبارة أخرى وحدة السياق في الخمسة لا تسمح بالقول بأنّ المقصود بالإخلال في الخمسة يكون بالنقيصة بالنسبة الى القبلة والوقت والتطهير، بينما الاخلال بلحاظ الركوع والسجود يكون من ناحية النقيصة والزيادة

فلا بد أن نقول بأنّ الاخلال في المستثنى يكون من جانب النقيصة، وهذا يكون قرينة على أنّ المراد بالإخلال في جانب المستثنى منه من جانب النقيصة أيضاً

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo