< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة/قاعدة لا تعاد

 

(مسألة 23): إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا، كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا، فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت، وكذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد وإلا بطلت

قاعدة لا تعاد

استدراك حول تفسير التوجه المذكور في صحيحة زرارة

والمنقول عن بعضهم أنّه يفسره بتكبيرة الاحرام، وقد يؤيد هذا بمقطوعة زرارة قال: ((أدنى ما يجزئ من التكبير في التوجّه تكبيرة واحدة، وثلاث تكبيرات أحسن، وسبع أفضل))[1]

وجعل هذا شاهد على حمل التوجه في صحيحة زرارة على تكبيرة الاحرام

ولكن يحتمل أن يراد به التوجه للصلاة والدخول فيها، مع أنّ ظاهر الرواية أنّ التوجه غير التكبير، فلا شاهد واضح على تفسيره بتكبيرة الاحرام

وإذا كان المقصود بالتوجه تكبيرة الاحرام فسيأتي بحث أنّه هل نقتصر على خصوص الخمسة المذكورة في الصحيحة الاولى او نتوسع الى غيرها لأنّه قد ثبت بالأدلة بطلان الصلاة بغير هذه الخمسة من قبيل التحريمة والنية

وطرحنا احتمال أنّ نفسر الفريضة بما فرضه الله سبحانه وتعالى من دون التقيد بأن يكون ذكره في كتابه الكريم لأنّ التقييد بذلك هو الذي أوقعنا في الاشكال

فاذا استطعنا أن نحذف هذا القيد ونقول بأنّ الفريضة هو ما فرضه الله سبحانه على عبده في الصلاة في قبال السنة التي فرضها النبي (صلى الله عليه واله)، لا يأتي الاشكال السابق من وجود الكثير من الفرائض التي يصعب اثبات وجوبها من الكتاب الكريم

ومعظم الروايات لم يذكر فيها هذا القيد كما في الروايات الثمانية المتقدمة، ويشهد له ما دلّت عليه الروايات من ان عشر ركعات من اليومية هي التي فرضها الله سبحانه والباقي من السنة ولا شاهد على ذلك من القران الكريم

وهناك روايات أخرى ليس فيها اشارة الى هذا التقييد أيضاً

كما في صحيحة عبد الله بن سنان عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه‌السلام): ((إن الله فرض من الصلاة الركوع والسجود))[2]

وصحيحة محمد بن مسلم ((إن الله تبارك وتعالى فرض الركوع والسجود والقراءة سنّة))[3]

ورواية سعد بن أبي خلف قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام): ((الغسل في أربعة عشر موطناً، واحد فريضة، والباقي سنّه))[4]

ورواية عبد الرحمن بن أبي نجران، أنّه سأل أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن ثلاثة نفر كانوا في سفر: أحدهم جنب، والثاني ميّت، والثالث على غير وضوء، وحضرت الصلاة ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم، من يأخذ الماء، وكيف يصنعون؟ قال: ((يغتسل الجنب، ويدفن الميّت بتيمّم، ويتيمّم الذي هو على غير وضوء لأنّ الغسل من الجنابة فريضة، وغسل الميّت سنّة، والتيمّم للآخر جائز))[5]

فذكرت أنّ غسل الجنابة فريضة

ومن دون أن نضم مقدمة اخرى فهذه الروايات لا شاهد فيها على أنّ الفريضة هي خصوص ما فرض في القران الكريم

وتوجد روايات اخرى من هذا القبيل وهي لا تدل على التقييد الا بضميمة احدى دعويين

الأولى: أن يدعى بأنّ كلّ ما فرضه الله سبحانه لا بد أن يكون مبيناً في الكتاب الكريم

او دعوى أنّ جميع ما دلّت الروايات على أنّه فريضة يوجد له ذكر في القرآن كما في غسل الجنابة، ليستكشف من هذا أنّ المقصود بالفريضة هي ما فرضه الله سبحانه في الكتاب العزيز

ولا يخفى عدم وجود شاهد على الدعوى الاولى إذ يمكن افتراض أنّ الشيء مما فرضه الله سبحانه ولم يرد في القرآن الكريم وانما بيّنه النبي (صلى الله عليه واله) كفرض من الله سبحانه كما صنع في مسألة العشر ركعات من الصلاة اليومية

وقد تعرضت صحيحة زرارة عن ابي جعفر لهذا الشيء قال (عليه السلام): ((عشر ركعات: ركعتان من الظهر، وركعتان من العصر، وركعتا الصبح، وركعتا المغرب، وركعتا العشاء الآخرة، لا يجوز الوهم فيهنّ، من وهم في شيء منهنّ استقبل الصلاة استقبالاً، وهي الصلاة التي فرضها الله عزّ وجلّ على المؤمنين في القرآن))[6]

وهذه الرواية الوحيدة التي صرحت بأنّ الفريضة ما فرضه الله سبحانه في القران الكريم، ولكن اثبات هذا المعنى صعب

وفي رواية اخرى لزرارة قال: سألت أبا جعفر عليه‌السلام عمّا فرض الله عزّ وجلّ من الصلاة؟ فقال : ((خمس صلوات في الليل والنهار ، فقلت : هل سمّاهنّ الله وبينّهنّ في كتابه؟ قال : نعم ، قال الله تعالى لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق اللّيل) ودلوكها : زوالها ، وفيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات : سمّاهن الله وبينّهنّ ووقّتهنّ ، وغسق الليل هو انتصافه ، ثمّ قال تبارك وتعالى و(قرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً) فهذه الخامسة ، وقال تبارك وتعالى في ذلك (أقم الصلاة طرفي النهار) وطرفاه : المغرب والغداة (وزلفاً من الليل)، وهي صلاة العشاء الآخرة))[7]

وهذه الرواية لا تتحدث عن العشر ركعات الاولى في مجموع الصلوات وانما تتحدث عن الصلوات بمجموعها

فيصعب جداً أن نستفيد من آية في القرآن الكريم أنّ العشر ركعات فرضها الله سبحانه في القرآن الكريم

وأمّا الدعوى الثانية فيبدو أنّها منقوضة طرداً وعكساً في موارد من جملتها القراءة فمع أنّه لا اشكال في كون القراءة سنة الا انها مذكورة في القرآن الكريم كما تقدم نقله عن صاحب الحدائق، وكذا بتكبيرة الاحرام فإنها فريضة على ما سيأتي بمعني أنّ تركها سهواً وعمداً يوجب الاعادة مع أنّه ليس لها ذكر في القرآن الكريم، وإن ذكرت وجوه ضعيفة لإثبات ذلك كما في قوله تعالى ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّر﴾

وقد أصرت الروايات على أنّ الوقوف بعرفة سنة مع أنّ الحج عرفة وهو مذكور في الكتاب ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾، وكذلك منقوض بالحلق فانه عُدّ في الاخبار من السنة مع أنّه مذكور في الكتاب الكريم كما في قوله تعالى ﴿وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾، وقوله تعالى ﴿لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرامَ إنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكم ومُقَصِّرِينَ﴾

وعلى كل حال فإذا استطعنا أن نرفع هذا القيد فلا نواجه مشكلة وحينئذ لا نجبر أنفسنا على أنّ كل ما ثبت كونه فريضة لا بد من آية في القرآن الكريم تدل عليه حتى نقع في المحذور السابق


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo