< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ قاعدة لا تعاد

(مسألة 23): إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا، كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا، فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت، وكذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد وإلا بطلت

قاعدة لا تعاد

الامر الثاني: في عدد الفرائض

طرحنا احتمال عدم التنافي بين الاخبار فان ما ذكر الأقل لا مفهوم له، فليس له دلالة على الانحصار

وقلنا بأنّ هذا خلاف الظاهر خصوصاً في صحيحة زرارة الاولى التي هي العمدة في المقام حيث صرحت بأنّ الصلاة لا تعاد الا من خمسة، وكذا صحيحة الحلبي المصرحة بأنّ الصلاة ثلاثة أثلاث فإنّ هذا ينافي وجود أمر رابع تتقوم به الصلاة بحيث يكون تركه عمداً او سهواً يوجب البطلان والاعادة

وذكرنا لرفع المنافاة أنّ صحيحة الحلبي المصرحة بأنّ الصلاة ثلاثة أثلاث لم تعنونها بعنوان الفرائض، فهي لا تنافي صحيحة زرارة الاولى التي عبرت عن الخمسة بعنوان الفرائض، إذ لا منافاة بين أن تكون الصلاة مركبة من ثلاثة أثلاث ويوجد أشياء أخرى تعاد الصلاة بالإخلال بها عمداً او سهواً

فيمكن أن تكون هذه الصحيحة ناظرة الى الافعال العبادية المستقلة التي تصدر من المكلف، وهي تنطبق على الركوع والسجود والطهور بخلاف الوقت والقبلة فليست أفعالاً تصدر من المكلف

ويحتمل أن يكون الاقتصار على الثلاثة لأجل أهميتها بالقياس الى الوقت والقبلة لما ثبت في محله من المجال للتسامح فيهما

ومبدئياً نقول بأنّ صحيحة الحلبي وإن لم تصرّح بالفرائض ولكن يفهم منها أنّ الصلاة متقومة بهذه الثلاثة، ومعناه أنّ الاخلال بواحد منها يوجب انتفاء الصلاة وعدم تحققها، كما أنّه إذا تحققت الثلاثة تتحقق الصلاة وإن أخل بغيرها سهواً، فالصحيحة ذكرت ما هو أهم من الفرائض، والحمل المذكور بحاجة الى قرينة وسيأتي التعليق عليه

وأمّا رواية زرارة التي جعلت الفرائض سبعة فقد يقال بأنّها لا تنافي صحيحته الاولى باعتبار أنّ المراد بالتوجه هو النية وقصد الصلاة ويراد بالدعاء ذكر الله سبحانه، وهذان الامران مقومان لعنوان الصلاة ومفهومها لغة وعرفاً فعدم ذكرهما في الصحيحة الاولى لا ينافي ركنيتهما وكونهما من الفرائض، لأنّ نظر الصحيحة الاولى الى ما يعتبر في الصلاة من الاجزاء والشرائط بعد الفراغ عن تحقق أصل الصلاة خارجاً

ولكن هذا ليس واضحاً باعتبار أنّ تفسير التوجه بالنية وقصد الصلاة خلاف الظاهر جداً باعتبار أنّ الصلاة تارة تكون مع التوجه واخرى تكون بلا توجه، ولا اشكال عندهم في تحقق الصلاة وصحتها ولو جاء بها المكلف من دون توجه، ولذا يطلب من المصلي أن يتوجه في صلاته

فالظاهر أنّ المراد بالتوجه أن يلتفت المصلي الى أنّه بين يدي الله سبحانه والاقبال عليه بكله في صلاته، واستشعاره معاني الكلمات التي يذكرها ومن الواضح أنّ هذا مما لا تتقوم الصلاة به

وكذا تفسير الدعاء بذكر الله غير واضح باعتبار أنّ ذكر الله إن كان شيئاً مستقلاً عن الافعال والاقوال التي يأتي بها المكلف فلا دليل على وجوبه في الصلاة، فضلاً عن كونه من الأركان، وإن كان ما يتحقق في بعض أجزاء الصلاة كما في الركوع والسجود والقراءة فمن الواضح بأنّه ليس من الاركان حتى لو قلنا بوجوبه

والذي يمكن أن يقال في مقام رفع المنافاة بين هذه الأخبار ما يلي:

أمّا صحيحة زرارة الثانية التي ورد فيها ((إن الله تبارك وتعالى فرض الركوع؟ والسجود والقراءة سنّة ، فمن ترك القراءة متعمّداً أعاد الصلاة ، ومن نسي فلا شيء عليه))[1] فهي لا تنافي الاخبار الأخرى، لأنّ مفادها أنّ الله فرض الركوع والسجود وهو لا ينافي أنّ الله سبحانه فرض غيرهما، فقد ذكر فرض الركوع والسجود في قبال القراءة التي لم يفرضها الله سبحانه فهي سنة

واما صحيحة محمد بن مسلم: في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهّد حتى ينصرف، فقال: ((إن كان قريباً رجع إلى مكانه فتشهّد، وإلاّ طلب مكاناً نظيفاً فتشهّد فيه، وقال: إنّما التشهّد سنّة في الصلاة))[2] فلا منافاة فيها لكل الروايات الأخر

واما الرواية الخامسة والسادسة والسابعة فيمكن أن يقال بأنّها لا تنافي الرواية الأولى، ففي صحيحة معاوية بن عمار قلت الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوّلتين فيذكر في الركعتين الآخرتين أنّه لم يقرأ، قال: ((أتمّ الركوع والسجود؟ قلت : نعم ، قال : إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها))[3]

ورواية الحسين بن حماد قلت له: أسهو عن القراءة في الركعة الاُولى، قال: ((اقرأ في الثانية، قلت: أسهو في الثانية، قال: اقرأ في الثالثة، قلت: أسهو في صلاتي كلّها، قال: إذا حفظت الركوع والسجود تمّت صلاتك))[4]

ومفادها أنّ من أتّم الركوع والسجود فلا يضر بصلاته نسيان القراءة، وهذا يفهم منه الفراغ عن تحقق الطهور والقبلة والوقت، فلا تكون منافية لصحيحة زرارة الأولى، لأنّ الركوع والسجود انما يكونا تامين إذا تحققت الطهارة والوقت والقبلة

وأمّا الرواية الرابعة: عن الفرض في صلاة؟ فقال: ((الوقت، والطهور، والقبلة، والتوجه، والركوع، والسجود، والدعاء.

قلت: ما سوى ذلك؟ فقال: سنّة في فريضة))[5]

وقلنا يصعب الالتزام بأنّ المقصود من التوجه النية ومن الدعاء الذكر، فيصعب أن نلتزم بأنّهما من الاركان فلا بد من اما ايكال امرها الى اهلها او تأويلها بنحو ما، ولعل ما تقدم نقله عن بعضهم يصلح أن يكون تأويلاً لها مع أنّه خلاف الظاهر جداً

وعلى تقدير أن نوافق على هذا التأويل ونقول بأنّ المراد من التوجه النية ومن الدعاء ذكر الله سبحانه فيمكن رفع المنافاة بين هذه الرواية وبين الصحيحة الاولى لزرارة بحمل الاولى على أنّ الحصر فيها اضافي -وكم رفع الفقهاء اليد عن الحصر بالقول بأنّه إضافي- لأنّ الدليل دلّ على أنّ الصلاة تعاد من النية او من الذكر

ويضاف الى هذا أنّ الاولى في مقام بيان حكم الاخلال بما يعتبر في الصلاة من الاجزاء والشرائط بعد الفراغ عن تحقق أصل الصلاة والمفروض أنّ النية والذكر مقومان لمفهوم الصلاة

وأمّا الرواية الثامنة ((الصلاة ثلاثة أثلاث: ثلث طهور، وثلث ركوع، وثلث سجود))[6]

فيمكن أن يقال بأنّ مفادها هو أنّ الصلاة متقومة بهذه الثلاثة بينما مفاد الصحيحة الاولى هو أنّ هناك خمسة أجزاء او شرائط معتبرة في الصلاة تعاد منها الصلاة وما عداها لا تعاد منها، وحينئذ يرتفع التنافي بين الاخبار التي ذكرناها

والذي يمكن الالتزام به في ما يرتبط بالكلام حول الاعادة وعدم الاعادة هو الأمور الخمسة المذكورة في الصحيحة الاولى وهي رواية صحيحة وقد عمل بها الاصحاب

وما زاد على ذلك من التوجه والدعاء فإن أمكن تفسيره بالنية والذكر فهو، وسيأتي أنّ الاركان التي تعاد الصلاة منها هل هي خصوص الخمسة أو يوجد غيرها كالتكبيرة والقيام المتصل بالركوع؟

ولكن التفسير غير واضح

الامر الثالث: في المراد من الطهور

فهل المراد به الطهارة من الحدث أو الاعم منه ومن الخبث؟


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo