< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ قاعدة لا تعاد

 

(مسألة 23): إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا، كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا، فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت، وكذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد وإلا بطلت

قاعدة لا تعاد

الرواية الثامنة: صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: ((الصلاة ثلاثة أثلاث: ثلث طهور، وثلث ركوع، وثلث سجود))[1]

وتقريب الاستدلال بها أنّ ظاهر الرواية أنّ الصلاة متقومة بهذه الامور الثلاثة ومقتضى ذلك أنّها لا تتحقق مع الاخلال بواحد من هذه الامور الثلاثة ولو سهواً، فإنّ مقتضى تقومها بها عدم تحقق الماهية من دونها

بل يفهم منها تحقق الصلاة بتحقق هذه الثلاثة وإن أخل بغيرها من الامور المعتبرة في الصلاة، لأنّ الظاهر من الرواية أنّ المراد بالصلاة فيها هو الصلاة الشرعية الصحيحة لا ما يسمى صلاة لغة فتدل حينئذ على أنّ الصلاة الصحيحة متقومة بهذه الامور الثلاثة فتنتفي بانتفاء أحد هذه الامور الثلاثة، وتتحقق اذا تحققت هذه الامور الثلاثة لأن اذا صحة الصلاة لو كانت متوقفة على أمر رابع بحيث لا تتحقق من دون هذا الأمر الرابع فلا يقول بأنّ الصلاة ثلاثة اثلاث بل لا بد أن يضيف اليها الأمر الرابع الذي لا تتحقق الصلاة من دونه

فلو كان هناك أمر يمنع عدم تحققه من تحقق الصلاة لكان المفروض أن يقول بأنّ الصلاة أربعة أرباع

وهذا هو مفاد القاعدة (إنّ السنة لا تنقض الفريضة) فالإتيان بالفرائض كاف في تحقق الصلاة وإن كان هناك إخلال بغيرها سهواً او نسياناً

هذه عمدة الاخبار المستدل بها على القاعدة، وقد عرفت تمامية جملة منها سنداً ودلالة، وهي تشترك في الدلالة على القاعدة في الجملة، والقدر المشترك منها بالنسبة للإعادة هو الاخلال في النقيصة بالنسبة للركوع والسجود، وبالنسبة الى الحكم بعدم الاعادة فالإخلال سهواً أو نسياناً بسائر الاجزاء والشرائط غير هذه الامور المتقدمة التي اعتبرت من الفرائض

وينبغي الحديث حول امور ترتبط في تحديد مفاد الاخبار

الامر الأول: في المراد من الفريضة والسنة

الامر الثاني: في عدد الفرائض

اما الامر الاول فلا اشكال في أنّ المستفاد من بعض الاخبار المعتبرة اشتمال الصلاة على فرائض وسنن كما في صحيحة زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الفرض في صلاة؟ فقال: ((الوقت، والطهور، والقبلة، والتوجه، والركوع، والسجود، والدعاء.

قلت: ما سوى ذلك؟ فقال: سنّة في فريضة))[2]

بل حتى صحيحة زارة الاولى التي هي العمدة في القاعدة حيث قال في ذيلها ((ولا ينقض السنّة الفريضة))[3]

وقد صرّح الاصحاب بأنّ الفرض الذي تجب اعادة الصلاة بتركه ولو سهواً هو ما ثبت وجوبه في الصلاة بالكتاب العزيز

وأنّ السنة ما ثبت وجوبه بتشريع النبي (صلى الله عليه واله) ولا تبطل الصلاة بتركه سهواً او نسياناً

وهذا التفسير قد يستفاد من بعض الروايات السابقة مثل صحيحة زرارة الثانية عن أحدهما (عليه‌السلام) قال: ((إن الله تبارك وتعالى فرض الركوع؟ والسجود والقراءة سنّة ، فمن ترك القراءة متعمّداً أعاد الصلاة ، ومن نسي فلا شيء عليه))[4]

فالمستفاد منها أنّ الركوع والسجود مما فرضه الله سبحانه، وإن لم تصرح أنّ الله سبحانه فرضهما في الكتاب العزيز، ولكن يفهم منها أنّ الركوع والسجود يختلف عن القراءة وأنّهما بدرجة عالية من الأهمية وأنّ القراءة ليست هكذا، وحيث أنّها ثابتة في الصلاة فيتعين أن تكون القراءة تشريع من النبي (صلى الله عليه واله)

نعم، تطلق السنة اصطلاحاً على المستحب في كثير من الموارد، ومن هنا فالاحتمالات المطروحة في معنى السنة اثنان:

الاحتمال الأول: أن تكون بمعنى ما شرّعه النبي (صلى الله عليه واله)

الاحتمال الثاني: أن تكون بمعنى المستحب،

لكن المعنى الثاني ليس هو المراد بالروايات لوضوح أنّ ما اعتبرته من السنة هو من الواجبات لا من المستحبات، وقد صرّح في بعض هذه الاخبار بأنّ تركها عمداً يوجب الاعادة وهذا شأن الواجب لا شأن المستحب فإنّ تركه عمداً لا يوجب الاعادة

فلا بد أن يكون المفرض هو أنّ السنة ما ثبت تشريعه من قبل النبي (صلى الله عليه واله)

نعم، أثار في الحدائق اشكالاً على هذا الضابط، وحاصله أنّ القراءة التي جعلت من السنة في الروايات قد أمر بها في الكتاب العزيز كما في قوله تعالى ﴿فاقرءوا ما تيسر منه﴾، فقد استدل بها بعض الاصحاب على وجوب القراءة في الصلاة فإنها أمرت بالقراءة والأمر يدل على الوجوب، ووقع الاتفاق على عدم وجوب القراءة في غير الصلاة، وبناء على الضابط المتقدم لا بد أن تكون السورة من الفريضة لا من السنة

وقد يقال بأنّ دلالة الآية على وجوب السورة في الصلاة ليست واضحة

ولكن دلالة هذه الآية على وجوب القراءة في الصلاة لا تقصر عن دلالة الآيات التي استدل بها على ان الركوع والسجود من الفريضة كما في قوله تعالى ﴿وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ وقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾

وقد ذكر باننا نلتزم بأنّ القراءة سنة التزاماً بالروايات التي صرّحت بذلك

أقول إنّ الاشكال ينشأ من أخذ ثبوت الوجوب في الكتاب العزيز في معنى الفريضة

أمّا لو طرحنا بأنّ الفريضة هو ما فرضه الله سبحانه في قبال السنة وهي ما شرعه النبي (صلى الله عليه واله)، فإنّ الولاية التشريعية ثابتة للنبي بالاتفاق، كما في الرواية الواردة في الركعات التي فرضها الله سبحانه فإنها عشرة وان السبعة الزائدة من النبي (صلى الله عليه واله)، فلا يرد الاشكال

نعم، يبقى اشكال أنّ السورة مما فرضه الله سبحانه فلتكن فريضة لا سنة، وجوابه انكار دلالة الآية على وجوب السورة في الصلاة فإنها تتحدث عن صلاة الليل والتهجد في الليل لا عن صلاة الفريضة التي هي محل الكلام فننكر دلالة الآية على كون السورة مما فرضه الله سبحانه في الكتاب العزيز

نعم توجد موثقة لسماعة قال: سألته عن الركوع والسجود، هل نزل في القرآن؟ قال: ((نعم، قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا﴾[5]

ولعل هذا لا ينافي ما تقدم فإنه يثبت أنّ الركوع والسجود فرضه الله سبحانه وبينه القرآن الكريم، ولا يدل على أنّ كل ما فرضه الله لا بد أن يبين في الكتاب، بل هو أعم فبعض الفرائض يبينها في الكتاب وبعضها لا يبينها في الكتاب

ولا طريق لنا لمعرفة أنّ هذا مما فرضه الله وهذا مما شرّعه النبي (صلى الله عليه واله) الا النصوص، أو استفادة ذلك من الاحكام والآثار، فقد استفدنا من الاخبار السابقة أنّ الصلاة تبطل بالإخلال بالفريضة عمداً وسهواً ونسياناً، فكل جزء من الصلاة ثبت له هذا الحكم نستكشف كونه فريضة

البحث الثاني: في عدد الفرائض

قد يقال بانه لا منافاة بين الاخبار المتعددة في تحديد عدد الفرائض، لأنّ ما دلّ على أنّ الركوع والسجود من الفريضة لا ينافي ما دلّ على أنّ الفرائض ثلاثة باعتبار أّن ما دلّ على الأقل ليس له مفهوم ولا يستفاد منه الانحصار

ولكنّ هذا خلاف ظاهر بعض الاخبار مثل صحيحة زرارة الاولى لدلالتها أنّ غير الخمسة لا تعاد منها الصلاة، فهي تنافي الرواية التي تقول بأنّ الفرائض سبعة

وكذا صحيحة الحلبي التي تنفي أن يكون غير الثلاثة جزءاً مقوماً للصلاة تنافي ما دلّ على ركنية ما زاد عن الثلاثة


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo