< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ قاعدة لا تعاد

(مسألة 23): إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا، كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا، فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت، وكذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد وإلا بطلت

قاعدة لا تعاد

الرواية الثالثة: صحيحة محمد بن مسلم المروية في التهذيب عن أحدهما (عليه‌السلام)، في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهّد حتى ينصرف، فقال: ((إن كان قريباً رجع إلى مكانه فتشهّد، وإلاّ طلب مكاناً نظيفاً فتشهّد فيه، وقال: إنّما التشهّد سنّة في الصلاة))[1]

وظاهرها الحكم بصحة الصلاة بالرغم من نسيان التشهد، وتعليل ذلك بأنّ التشهد سنّة في الفريضة، والظاهر أنّ قوله ((إن كان قريباً رجع إلى مكانه فتشهّد، وإلاّ طلب مكاناً نظيفاً فتشهّد فيه)) ناظر الى قضاء التشهد، وهو لا ينافي الحكم بصحة الصلاة، بل لعل له ظهور في صحة الصلاة

وحيث أنّ الحكم بصحة الصلاة علل بأنّ التشهد سنّة في الفريضة يفهم منه أنّ كلّ ما يكون سنّة في الفريضة من الأجزاء والشرائط فالإخلال به نسياناً لا يوجب بطلان الصلاة، فلا داعي للاقتصار على خصوص التشهد

بل قد يفهم منها أنّ الحكم بعدم وجوب الاعادة لا يثبت إذا أخل نسياناً بما لا يكون سنّة في الصلاة أي ما يكون ثابتاً في الصلاة فرضاً من الله سبحانه، والا لو كان هذا الحكم ثابتاً لجميع أجزاء الصلاة وشرائطها فلا داعي لتعليل الحكم في التشهد بكونه سنّة بل كان المناسب عدم التعليل، وبهذا الفهم يتّحد مفاد الرواية مع مفاد الروايتين المتقدمتين إذ كلها تتحد في أنّ ترك الجزء يوجب بطلان الصلاة إذا كان فرضاً ولا يوجب بطلانها إذا كان سنة

نعم، لم يذكر الفريضة في هذه الرواية كما لم يذكر مصاديقها

الرواية الرابعة: صحيح اخرى لزرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الفرض في صلاة؟ فقال: ((الوقت، والطهور، والقبلة، والتوجه، والركوع، والسجود، والدعاء.

قلت: ما سوى ذلك؟ فقال: سنّة في فريضة))[2]

وهنا ذكر سبعة مصاديق للفرض في الصلاة بإضافة التوجه والدعاء للخمسة المذكورة في صحيحة زرارة الاولى

وسند الرواية تام، لكن لا دلالة فيها على القاعدة أي وجوب الاعادة عند الاخلال بالفرض نسياناً وعدم وجوبها في السنة كذلك

وانما هي تدل على تقسيم ما يعتبر في الصلاة من الاجزاء والشرائط الى ما يُعدّ فرضاً وما يُعدّ سنة ويفهم من هذا التقسيم أنّ هناك فرقاً بين هذين القسمين بلحاظ الاحكام في الجملة

نعم، يمكن أن نستعين بالروايات السابقة لتعميم دلالة هذه الرواية على القاعدة بأن نقول بأنّ الفرق بينهما هو ما أشارت اليه الروايات السابقة وهو أنّ الاخلال بالفرض نسياناً يوجب بطلان الصلاة، بينما الاخلال بالسنة نسياناً لا يوجب بطلانها

الرواية الخامسة: صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال: قلت الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوّلتين فيذكر في الركعتين الآخرتين أنّه لم يقرأ، قال: ((أتمّ الركوع والسجود؟ قلت : نعم ، قال : إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها))[3]

وفهم من قوله: ((إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها)) أنّ الامام يريد أن ينهى هذا أن يقرأ في الأخيرتين، ويصرفه عن القراءة فيهما الى التسبيح ويعلله حتى لا يجعل آخر صلاته الذي ليس فيه قراءة بمنزلة أول الصلاة الذي فيه قراءة

وعلى كل حال فما يفهم من الرواية أنّ الامام حكم بصحة الصلاة بالرغم من نسيان القراءة، ففي الرواية ظهور في أنّ ترك القراءة نسياناً لا يوجب بطلان الصلاة، بل يحكم معه بصحتها، فيكفي ان يتم الركوع والسجود ولا يضره نسيان القراءة

الرواية السادسة: رواية الحسين بن حماد المروية ي التهذيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قلت له: أسهوعن القراءة في الركعة الاُولى، قال: ((اقرأ في الثانية، قلت: أسهو في الثانية، قال: اقرأ في الثالثة، قلت: أسهو في صلاتي كلّها، قال: إذا حفظت الركوع والسجود تمّت صلاتك))[4]

والحسين بن حماد وإن لم ينص على وثاقته، لكن روى عنه ابن ابي عمير بسند صحيح وهو كاف في وثاقته، كما في الكافي:٤/٢٠ ح١، فالرواية معتبرة عندنا، وهي بنفس مضمون الرواية السابقة

الرواية السابعة: موثقة منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام): إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها، فقال: ((أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ قلت : بلى ، قال : قد تمّت صلاتك إذا كان نسياناً))[5]

وفيها اشارة أنّ ترك القراءة عمداً يوجب بطلان الصلاة

والمستفاد من هذه الروايات الثلاثة هو أنّ المصلي إذا حفظ وأتّم الركوع والسجود فترك غيرهما مما يعتبر في الصلاة نسياناً لا يضر بصحة الصلاة ولا يوجب الإعادة، وهي وإن كان موردها السهو عن القراءة لكن يبدو عدم اختصاصها بذلك لظهورها في أنّ المناط في بطلان الصلاة وعدمه هو اتمام الركوع والسجود وعدمه، فاذا أتّم الركوع لا تجب الاعادة وإن أخلّ بما سواه سهواً، وإن لم يتم الركوع والسجود فتجب الاعادة وإن جاء بما عداه

نعم، اقتصرت هذه الاخبار على الركوع والسجود مما يكون الاخلال به موجباً للإعادة ويكون اتمامه موجباً لصحة الصلاة وإن أخل بغيره سهواً، مع أنّ الروايات السابقة ذكرت غيرهما مما يثبت له هذا الحكم

ولعل الوجه في الاقتصار على الركوع والسجود فيها هو كون المفروض في هذه الروايات الفراغ عن تحقق الطهور والوقت والقبلة وعدم الاخلال بها لأنه يتحدث عن صلاة تلبس بها فيسأل عن السهو في صلاته بالقراءة، ولا معنى لأن يسأل انه جاء بالقبلة والوقت او الطهارة التي هي من الشرائط اللازم توفرها قبل الشروع بالصلاة

خصوصا إذا التفتنا الى أنّ هذه الروايات تتحدث عن الالتفات في داخل الصلاة كما في صحيحة معاوية بن عمار، فالمناسب أن يتحدث عن الافعال التي يأتي بها في داخل الصلاة لا الامور التي تكون قبل الصلاة

الرواية. الثامنة: صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: ((الصلاة ثلاثة أثلاث: ثلث طهور، وثلث ركوع، وثلث سجود))[6]

واستظهر منها أنّ الصلاة متقومة بهذه الثلاثة، ومقتضى تقومها بها أنّها لا تتحقق مع الاخلال بواحد من هذه الثلاثة ولو كان سهواً

ويدعى أيضاً أنّها تتحقق مع الاتيان بهذه الثلاثة وإن أخل بغيرها


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo