< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ جواز العدول من الائتمام إلى الانفراد

(مسألة 16): يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد ولو اختيارا في جميع أحوال الصلاة على الأقوى (2)، وإن كان ذلك من نيته في أول الصلاة (3) لكن الأحوط عدم العدول إلا لضرورة ولو دنيوية خصوصا في الصورة الثانية

(مسألة 17): إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الدخول في الركوع لا يجب عليه القراءة (1)، بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نية الانفراد قراءة ما بقي منها، وإن كان الأحوط استئنافها خصوصا إذا كان في الأثناء

1-الدليل الذي ذكرناه على لزوم إعادة القراءة في محل الكلام وادعينا استفادته من الاخبار يتألف من مقدمتين:

المقدمة الأولى: إنّ مفاد الروايات أنّ الامام يضمن قراءة من خلفه والمقصود من يأتم به، فموضوع الضمان هو المأموم الذي يصلي جماعة معه ولا دلالة فيها على ضمانه من لا يصلي خلفه

المقدمة الثانية: أن يدعى بأنّ المأموم إذا انفرد تبطل جماعته من بداية الصلاة لا من حين الانفراد

فاذا تم هذا فيجب عليه اعادة القراءة في محل الكلام فلا يدخل في موضوع ضمان الامام لقراءته

والقول ببطلان الجماعة بالانفراد من البداية مبني على دعوى عدم مشروعية الجماعة في بعض الصلاة، والا فلا موجب لبطلان الجماعة من البداية، فبالإمكان الالتزام بصحة الجماعة قبل الانفراد وعدم صحتها بعد الانفراد

والثمرة العملية لبحث أنّ الانفراد هل يقتضي بطلان الجماعة من البداية او من حين الانفراد؟ تظهر في هذه المسألة فإنّه بناء على الاول فالإمام لا يتحمل قراءة المأموم بل يجب على المأموم أن يقرأ، بخلافه بناء على الثاني فإنّ الامام يتحمل قراءته

وتظهر أيضاً في مسألة العدول من الإئتمام الى الانفراد إذا كان ناوياً لذلك من البداية، فإنّه على الاول والذي يعني عدم مشروعية الجماعة في بعض الصلاة يحكم ببطلان الجماعة فإنّ نية الانفراد من البداية تعني أنّه قصد الجماعة في جزء من الصلاة فلا بد أن يحكم ببطلان الجماعة، وأمّا على الثاني والذي يعني مشروعية الجماعة في قسم من الصلاة فيحكم بصحة جماعته قبل الانفراد

وتظهر الثمرة ثالثاً في مسألة العدول من الانفراد الى الإئتمام أي الإئتمام في الاثناء فيقال بعدم جواز العدول على الاول لأنّ الجواز يعني مشروعية الجماعة في بعض الصلاة، فلا يجوز الإئتمام في الاثناء بخلافه على الثاني إذ قد يقال بجوازه

وقد تظهر الثمرة في مسائل أخر تتضح بالتأمل

وعلى كل حال فالصحيح عدم مشروعية الجماعة في بعض الصلاة لعدم الدليل عليها إذ لا إطلاق في أدلة المشروعية بحيث تشمل هذا الفرض، والظاهر من الادلة التي تدل على أنّ الجماعة سنة في الصلاة هو تمام الصلاة

نعم، قد يستدل على مشروعية الجماعة في جزء من الصلاة بما ورد من أنّ الركعة مع الامام تعدل كذا مقدار من الثواب بتقريب أنّ ترتيب الثواب على فعل ظاهر في كونه مستحباً باعتبار الملازمة بين الاستحباب وترتب الثواب، فترتب الثواب من لوازم الاستحباب، والادلة ذكرت اللازم وبه يثبت الملزوم كما في رواية المجالس بإسناده قال: جاء نفر من اليهود

إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسأله أعلمهم عن مسائل فأجابه (عليه السلام) - إلى أن قال – ((أما الجماعة فان صفوف أمتي كصفوف الملائكة، والركعة في الجماعة أربع وعشرون ركعة، كل ركعة أحب إلى الله عز وجل من عبادة أربعين سنة))[1]

وناقش السيد الخوئي (قده) فيها بأنّها ناظرة الى المأموم المسبوق بالجماعة وهي في مقام حثه على الالتحاق بالجماعة فلو أدرك ركعة له هذا الثواب ولا يفهم منها مشروعية الجماعة في بعض الصلاة

اقول إنّ هذه الروايات ليست مختصة بالركعة حتى يقال بأنها ناظرة الى المأموم المسبوق بالجماعة بل يوجد روايات أخرى تذكر أجزاء أخرى من الصلاة كالتكبيرة والسجدة وترتب الثواب عليها لو جاء بها جماعة

كما في رواية المستدرك عن جامع الاخبار عن ابي سلمة عن ابي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه واله): ((يا محمد تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام، خير له من سبعين حجة وألف عمرة، سوى الفريضة، يا محمد ركعة يصليها المؤمن مع الامام، خير له من أن يتصدق بمائة ألف دينار، على المساكين، وسجدة يسجدها مع الامام، خير له من عبادة سنة، وركعة يركعها المؤمن مع الامام، خير له من مائتي رقبة يعتقها في سبيل الله تعالى))[2]

والمشكلة فيها أنّها ضعيفة سنداً فلا يمكن التعويل عليها لإثبات هذا الشيء، مضافاً الى احتمال كونها ناظرة الى توزيع الثواب المترتب على المجموع على الأجزاء، وبعبارة اخرى إنّ ثواب الركعة في ضمن المجموع هو كذا، ولا نظر فيها الى ترتيب الثواب على الجزء منفصلاً عن الجموع، وهذا يمنع من الاستدلال بها

فالظاهر أنّه لا دليل على مشروعية الجماعة في جزء من الصلاة

3-استدراك يتعلق ب(مسألة 16)

قلنا أنّ المأموم إذا نوى الانفراد من البداية تبطل جماعته لأنه نوى الجماعة في جزء من الصلاة وذكرنا في البداية أنّ صلاته تبطل أيضاً إذا فرضنا أنّه زاد في الركوع متابعة للإمام باعتبار أنّها زيادة في الركن، وصحيح ان الزيادة فيه في صلاة الجماعة خرجت مما دلّ على البطلان في الزيادة الركنية ولو سهواً لكن المتيقن من الدليل الخاص الدال على العفو في الجماعة هو المصلي جماعة مشروعة وهو الذي قصد الإئتمام في تمام الصلاة فهذا إذا زاد في الركوع لمتابعة الامام يعفى عنه

واما من لا تكون جماعته مشروعة لأنه نوى الانفراد من البداية فلا يشمله الدليل الخاص فنرجع فيه الى ما دلّ على البطلان بزيادة الركن فيحكم ببطلان صلاته

ثم استدركنا وقلنا ان هذا الكلام انما يتم إذا فرضنا أنّ دليل الخاص ليس له إطلاق يشمل محل الكلام والا فلو كان دليل الخاص شاملاً لكلا الفرضين من كان ناويا الانفراد من البداية وغيره، فنرجع لإثبات صحة صلاته الى دليل الخاص الدال على العفو بعد فرض أنّه يدل على العفو مطلقاً

ولا يبعد انه لا يمكن تحقق هذا الفرض إذ لا يمكن أن يشمل الاطلاق من لا تنعقد له جماعة وهو من ينوي الانفراد من البداية، فما ذكرناه كان على تقدير أن يتم إطلاق الدليل الخاص، فنحكم بالصحة، وإن كنا نقول بعدم تحقق الاطلاق فيه

ثم طرحنا مسألة ترك القراءة عمداً وقلنا في البداية إذا ترك القراءة عمداً يحكم ببطلان صلاته باعتبار أنّ ترك القراءة انما يعفى عنه في من يصلي جماعة وهو من لا ينوي الانفراد من البداية، واما من ينوي الانفراد من البداية فليس واضحاً دخوله في الدليل الخاص فيبقى مشمولاً للدليل العام، اللهم الا أن يكون اطلاق في الدليل الخاص يشمل هذا المورد، وليس الاطلاق واضحاً فيه


[1] وسائل الشيعة: ٨/٢٨٧ ح١٠.
[2] مستدرك الوسائل: ٦/٣٤4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo