< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ جواز العدول من الائتمام إلى الانفراد

(مسألة 16): يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد ولو اختيارا في جميع أحوال الصلاة على الأقوى (2)، وإن كان ذلك من نيته في أول الصلاة لكن الأحوط عدم العدول إلا لضرورة ولو دنيوية خصوصا في الصورة الثانية

 

2- المحتملات في المسألة ثلاثة

الأول: جواز العدول مطلقاً

الثاني: عدم الجواز مطلقاً

الثالث: التفصيل بين العدول لعذر فيجوز والعدول لا لعذر فلا يجوز

والمقصود بالجواز في محل الكلام هو الجواز الوضعي أي الحكم بصحة الصلاة بعد العدول وعدم صحتها

اما الجواز مطلقا فاستدل له بعدة ادلة انتهى الكلام الى

الدليل الرابع: ما قيل من أنّ ظاهر أدلة الجماعة هو استحباب الجماعة ابتداء واستدامة، فقد اشتهر بين الخاصة والعامة بأنّ المستحب لا يجب بالشروع فيه، الا في موارد خاصة دل الدليل فيها على صيرورة المستحب واجباً بالشروع فيه كما في الحج والاعتكاف

ومع عدم الدليل على وجوب الجماعة بالشروع فيها تجري البراءة عن الوجوب وعليه فالجماعة مستحبة استدامة فيجوز تركها والعدول الى الانفراد

ويلاحظ عليه ما قلناه من أنّ المقصود في محل الكلام هو اثبات صحة الصلاة بعد الانفراد، وغاية ما يثبته الدليل هو جواز ابطال المستحب، ولكنّ هذا لا يعني الحكم بصحة هذه الصلاة لو ترك الجماعة وجاء بالصلاة منفردا ً

الدليل الخامس: التمسك بصحيحة ابي المغرا الثانية عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل يصلّي خلف إمام فسلّم قبل الإِمام، قال: ((ليس بذلك بأس))[1]

واذا تممنا الاستدلال بها فالمستفاد منها الجواز الوضعي لأنّ السائل يسأل عن حكم صلاته، وقالوا بانها مطلقة فتدل على جواز الانفراد في جميع أحوال الصلاة لأنّ المذكور فيها (فسلّم قبل الإمام) وهذه تصدق في جميع أحوال الصلاة، ومن هنا لا نحتاج الى تتميم الاستدلال بالاستعانة بالقول بعدم الفصل بتقريب أنّه لا فرق بين التسليم وغيره فكما يجوز له الانفراد قبل التسليم يجوز ذلك قبل الركوع وقبل السجود وهكذا فإنّه لم يقل أحد بالفصل بينها؛ لأنّ الرواية مطلقة وبإطلاقها تصدق على جميع أحوال الصلاة

او بضم القول بعدم الفصل بين التسليم وغيره

ويلاحظ على الاستدلال بها

اولاً: إنّه يحتمل أن تكون الرواية ناظرة الى مسألة المتابعة للإمام في الاعمال، فقوله (سلّم قبل الإمام) أي إنّه لم يتابع الامام في تسليمه، وهذا لا يعني أنّه نوى الانفراد، بل هو ترك المتابعة مع بقاءه على نية الإئتمام فتكون الرواية دالة على عدم وجوب متابعة الامام في مسالة التسليم او غيرها وهي أجنبية عن محل الكلام

وثانياً: إنّه تارة نفسر قوله (فسلّم قبل الامام) بأنّ المقصود أنّه انصرف عن الجماعة قبل الامام باعتبار أنّ في السلام دلالة على الانصراف عن الجماعة، وأخرى نفسره بأنّ المقصود أنّه سلم قبل تسليم الامام أي انه سبق الامام بالتسليم يعني أنّهما وصلا الى حدّ التسليم وهو سبقه في التسليم،

والظاهر أنّ الاستدلال بالرواية مبني على الاحتمال الاول او ما يشبهه، واما على الاحتمال الثاني فلا إطلاق في الرواية بل هي مخصوصة بهذا الامر فقط فتدل على جواز الانفراد قبل التسليم فقط ولا يمكن تعميمها لكل أحوال الصلاة

ويؤيد الاحتمال الثاني رواية ابي المغرا الاولى فإنّ ظاهرها انهما وصلا الى حد التسليم والمأموم سلّم قبل الامام، خصوصاً مع احتمال كونهما رواية واحدة لوحدة الراوي والسؤال فيهما

ويضاف الى هذا إنّ صدق إطلاق (سلّم قبل الامام) على من انفرد قبل الركوع مثلاً غير واضح، فلا يقال له سلّم قبل الامام بل يقال عدل الى الانفراد قبل أن يتم الامام او انفرد قبل الامام

وعلى كل حال فالصحيحة ليست دالة على الاحتمال الاول امّا لظهورها في الانفراد قبل التسليم او لإجمالها وترددها بينه وبين الاحتمال الثاني

هذا، وقد استدل على عدم الجواز مطلقاً بأدلة

منها: أصالة الاشتغال باعتبار انه فرض الشك في صحة الصلاة بعد الانفراد وبطلانها، ومقتضى الأصل هو عدم الاكتفاء بها لأنّ الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني

وجوابه ما تقدم من الجواب على الدليل الاول للقول بالجواز وهو أصالة البراءة عن الوجوب الشرطي والمقصود اشتراط صحة الصلاة باستمراره على نية الإئتمام

فاذا كانت صحة صلاته مشروطة بذلك فصلاته باطلة واما إذا قلنا بأنّها ليست مشروطة باستمراره على نية الإئتمام فيحكم بصحة صلاته، وهذا معناه أنّ الشك بصحة الصلاة وبطلانها مسبب عن الشك في الاشتراط وعدمه

فالأصل الجاري في الاشتراط وهو أصالة عدم الاشتراط يكون أصلاً سببياً فيقدم على أصالة الاشتغال التي تجري لإثبات البطلان، فاستمراره على الإئتمام ليس شرطاً في صحة الصلاة

الدليل الثاني: ما قيل من أنّ الذي ينفرد بعد الإئتمام يكون قد ترك القراءة عمداً كما إذا عدل الى الانفراد بعد الركعة الثانية، وحينئذ تبطل صلاته ولا يشمله حديث (لا تعاد) لأنه لا يشمل الترك العمدي

ويلاحظ عليه انه أخص من المدعى فقد يأتي بالقراءة، كما لو كان لم يسمع همهمة الامام وقرأ، أو فيما لو التحق بالإمام في الركعة الثالثة وجاء بالقراءة ثم عدل الى الانفراد فلا يأتي هذا الدليل فيه

مضافاً الى إمكان تصحيح هذه الصلاة بحديث (لا تعاد) كما تقدم بناء على شموله للترك العمدي اذا كان لعذر، وهو تركها معذوراً في محل الكلام


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo