الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه
45/04/14
بسم الله الرحمن الرحيم
(مسألة 14): الأقوى والأحوط عدم نقل نيته من إمام إلى إمام آخر اختيارا (1)، وإن كان الآخر أفضل وأرجح (2) نعم لو عرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته من موت (3) أو جنون أو إغماء (4) أو صدور حدث (5)، بل ولو لتذكر حدث سابق (6) جاز للمأمومين تقديم إمام آخر وإتمام الصلاة معه (7)، بل الأقوى ذلك لو عرض له ما يمنعه من إتمامها مختارا، كما لو صار فرضه الجلوس (8) حيث لا يجوز البقاء على الاقتداء به لما يأتي من عدم جواز ائتمام القائم بالقاعد
(مسألة 15): لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء (1)
ذكرنا ما قاله السيد الخوئي (قده) من أنّ هناك أدلة على الاشتراط وهي صحيحة علي بن جعفر وابي العباس البقباق
وفي قبالها إطلاق صحيحتي الحلبي وجميل ورواية زرارة
وعالج السيد الخوئي (قده) هذا الأمر بتقييد الاطلاق بالصحيحتين المتقدمتين
وهناك روايتان لزرارة قد يفهم منهما جواز أن يكون المقدم أجنبياً فاذا تمتا تتحقق المعارضة بينهما وبين صحيحتي علي بن جعفر والبقباق
والاستدلال بها بقوله (فانصرف وأخذ بيد رجل وأدخله) فيفهم منها أنّه أدخله في الصلاة، فلم يكن قبل انصراف الامام داخلاً في الصلاة فهو من غير المأمومين
ولكن لا يمكن الاستشهاد بها لضعفها السندي بعلي بن حديد فلم تثبت وثاقته
والمقصود من قوله ((وهو لا ينويها صلاة)) انه لم ينوها جماعة، كما يشير اليه قوله (عليه السلام): ((ينبغي له أن ينويها وإن كان قد صلّى فإنّ له صلاة أُخرى))، اي انه يسوغ له اعادتها جماعة
والاستدلال بها بأن يقال إنّ المفروض أنّ من قدمه الامام لم ينو الجماعة وإن دخل معهم في صلاتهم وأنّه صلى بهم بعد تقديمه وهو لا ينوي الجماعة، وقوله (عليه السلام): ((وقد تجزي عن القوم صلاتهم وإن لم ينوها)) ظاهر في صحة صلاتهم معه مع كونه ليس من المأمومين
وقد يلاحظ عليها
والحاصل أنّ الحكم بصحة الصلاة في الرواية ليس من جهة جواز أن يكون المقدم من غير المأمومين، بل من جهة جهلهم بعدم نيته الجماعة، ومقتضى حديث لا تعاد الحكم بصحة الصلاة، بل حكم بصحة الصلاة في روايات اخرى مع عدم النية أصلاً من قبل الامام، كمن صلى خلف امام وتبين أنّه كافر، فلعل الحكم بصحة الصلاة من هذه الجهة
وعلى الاقل إنّ هذه الاحتمال يوجب الشك في جعلها معارضة الى ما دلّ على اشتراط أن يكون المقدم من المأمومين
وقلنا بأن الصحيح انه يعتبر أن يكون المقدم من المأمومين
وعلى القول بجواز أن يكون أجنبياً فهل يبدأ هذا الاجنبي من البداية او يبدأ من حيث قطع الامام الاول صلاته، نسب الاحتمال الثاني الى العلامة (قده) واستدل له في الحدائق بصحيحة جميل ورواية زرارة المتقدمتين
واجاب السيد الخوئي (قده) عنه بأنّ التصريح بأنّه (لا يعلم ما صلى من قبله) ينسجم حتى مع الاحتمال الاول باعتبار انه حتى اذا صلى صلاة جديدة فلا بد أن يراعي حال المأمومين من حيث التشهد والتسليم كما لو كان الامام في الركعة الثالثة والمأمومون في الاخيرة فانه يجلس الى أن يتموا التشهد ويومي اليهم أن سلموا كما اشارت الى ذلك صحيحة معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يأتي المسجد وهم في الصلاة وقد سبقه الإِمام بركعة أو أكثر فيعتلّ الإِمام فيأخذ بيده ويكون أدنى القوم إليه فيقدّمه ؟ فقال : ((يتم صلاة القوم ثمّ يجلس حتى إذا فرغوا من التشهّد أومأ إليهم بيده عن اليمين والشمال ، وكان الذي أومأ إليهم بيده التسليم وانقضاء صلاتهم ، وأتمّ هو ما كان فاته أو بقي عليه))[3]
فيمكن أن يكون ذكر (لا يعلم ما صلى من قبله)، لأجل مراعاة حال المأمومين، لا لأجل أن يراعي ما بقي من صلاة الامام كما ذكر المستدل
هذا، واستدل في الحدائق[4] لهذا المطلب برواية زرارة المتقدمة فقد ذكر فيها ((فإن أخطأ سبّح القوم به وبنى على صلاة الذي كان قبله))، وقال بأنّها ظاهرة في أنّه يكمل من حيث انقطع الامام السابق في الصلاة، فإنّ معنى البناء أن يحتسب ما جاء به الامام ويكمل، وتعجب من هذا الحكم بأنّ هذه الصلاة بالنسبة الى هذا الداخل انما هي عبارة عن مجرد الاذكار وان اشتملت على ركوع وسجود
وقلنا بأنّ الرواية ليست تامة سنداً بعلي بن حديد
8-خصوصية هذا المانع من الاقتداء أنّه مانع شرعي فإنّه لا يجوز اقتداء القائم بالجالس
وقلنا سابقاً بأنّ الموارد الكثيرة لجواز تقدم أحد المأمومين لإكمال الصلاة في الروايات تكشف عن أنّ موضوع الحكم هو عدم تمكن الامام من اتمام صلاته
ولكن المشكلة أنّ هناك من استشكل في هذا الفرض وهو ما لو منع المانع الشرعي من الامامة، ولعل وجه الاشكال هو أنّ الجامع لكل الموارد في الرواية هو كون المانع ليس من جهة الشارع فبإلغاء الخصوصيات يكون موضوع الحكم بجواز التقديم هو ما لو كان المانع ليس من جهة الشارع، والتعميم مشكل
ولكن لا وجه للتوقف من هذه الجهة فإنّ ما يفهم من الروايات أنّ كل ما يمنع الامام من اتمام صلاته يكون مسوغاً لتقديم امام ليتم بهم صلاتهم
1- فإنّ المتيقن من أدلة مشروعية الجماعة هو مشروعيتها من ابتداء الصلاة وليس فيها إطلاق حتى يمكن التمسك به لإثبات مشروعية الإئتمام في الاثناء، فنرجع الى أصالة عدم المشروعية
فالدليل هو أصالة عدم المشروعية بعد اثبات عدم الاطلاق في أدلة المشروعية
ويظهر من المحقق العراقي[5] (قده) التأمل في عدم الجواز، والوجه في التأمل هو أنّه يفهم من الروايات في المسألة السابقة جواز الإئتمام في الاثناء، لورود الفترة بين انصراف الامام بعد عروض العارض وبين اقتداء المأمومين بالإمام الجديد، فهناك فاصل بين انصراف الاول وامامة الثاني وبهذا ينطبق على المأمومين عندما يأتموا بالثاني لإكمال صلاتهم أنّهم ائتموا في الاثناء