< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ إذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر

(مسألة 14): الأقوى والأحوط عدم نقل نيته من إمام إلى إمام آخر اختيارا (1)، وإن كان الآخر أفضل وأرجح (2) نعم لو عرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته من موت (3) أو جنون أو إغماء (4) أو صدور حدث (5)، بل ولو لتذكر حدث سابق (6) جاز للمأمومين تقديم إمام آخر وإتمام الصلاة معه، بل الأقوى ذلك لو عرض له ما يمنعه من إتمامها مختارا، كما لو صار فرضه الجلوس حيث لا يجوز البقاء على الاقتداء به لما يأتي من عدم جواز ائتمام القائم بالقاعد

1- ذهب جماعة كثيرون الى القول بعدم الجواز

وفي المقابل هناك قول بالجواز والمشروعية اختاره العلامة في التذكرة قال (يجوز نقل نيّته إلى الائتمام بإمام آخر)[1]

وادعى الشهيد في الذكرى انه يمكن التفريق بين العدول الى الافضل وغيره

واستدل لهذا القول بدليلين

الأول: الاستصحاب، وتقريبه أن يقال بأنّ المأموم قبل أن يقتدي بالإمام الاول كان يجوز له أن يقتدي بالثاني والآن كما كان، فنستصحب الجواز الذي كان ثابتاً قبل الصلاة

الثاني: التمسك بالنصوص الاتية في الفرع الثاني وهو النقل اضطراراً

اما الاستصحاب فجوابه إنّ ما نشك فيه هو جواز الاقتداء بالثاني بعد الاقتداء بالأول في هذه الصلاة وهذا لا يقين به سابقاً وانما المتيقن هو جواز الاقتداء بالثاني قبل الاقتداء بالأول وهو لا شك فيه فلا يجري مثل هذا الاستصحاب

واما النصوص فموردها عدم تمكن الامام من اتمام صلاته لموت -كما هو مورد النصوص- او اغماء او جنون بناء على التعدي من مورد النصوص، فقالوا لو كان الامام لا يتمكن من اتمام صلاته لزيادته ركناً فيجوز للمأموم ان ياتم بإمام اخر في نفس الصلاة

والتعدي من مورد الروايات الى كل سبب يمنع الامام من اتمام صلاته صحيح كما سياتي، ولكن التعدي منها الى محل الكلام وهو مع تمكن الامام من اتمام صلاته غير واضح

والظاهر أنّ من يفتي بجواز العدول اختياراً يتعدى من مورد النصوص الى محل الكلام، بل صرح في الجواهر بذلك فقال (يستفاد من نصوص المقام أيضاً: جواز نقل المأموم نيته من امام الى امام آخر اختياراً)[2]

ولا اشكال في أنّ الأصل الاولي هو عدم الجواز وعدم المشروعية، وظاهر الادلة الدالة على مشروعية الجماعة في الصلاة هو أنّ الجماعة مشروعة في الصلاة لا في جزء من الصلاة، والصلاة هي عبارة عن مجموع الاجزاء والشرائط، ولم يقل الدليل بأنّ الجماعة مشروعة في اثناء الصلاة،

فكما لا دليل على مشروعية الجماعة في من يصلي منفرداً ثم يقصد الإئتمام في الاثناء، كذلك لا دليل على المشروعية في صلاة من يأتم بشخص ثم ينقل نيته الى الإئتمام بشخص آخر

فنرجع في ما نحن فيه الى الأصل الاولي وهو يقتضي عدم المشروعية ولا نرفع اليد عنه الا بدليل

وفي الجواهر جعل النصوص الاتية هي الدليل في المقام بالتعدي منها الى محل الكلام

ولكن التعدي غير واضح عندنا، فإنّ التعدي من مورد الادلة كالموت الى كل ما يمنع الامام من اتمام الصلاة ممكن، ولكن التعدي منها الى محل الكلام خلاف الظاهر ولا يمكن المصير اليه

2-لأن الدليل الذي استدل به على عدم الجواز لا يفرق فيه بين كون الآخر أفضل او أرجح او لم يكن، فهو يدل على عدم الجواز مطلقاً

3-ويدل عليه صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنّه سأل عن رجل أمّ قوماً فصلّى بهم ركعة ثمّ مات، قال: ((يقدّمون رجلاً آخر فيعتدّ بالركعة ويطرحون الميّت خلفهم ويغتسل من مسّه))[3]

وما ورد في مكاتبة الحميري في الاحتجاج روي لنا عن العالم عليه السلام: أنه سئل عن إمام قوم صلى بهم بعض صلاتهم وحدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه؟
فقال: ((يؤخر ويتقدم بعضهم، ويتم صلاتهم، ويغتسل من مسه))[4]

والظاهر أنّ المراد بالحادثة موت الامام بقرينة ذيل الرواية

4-لا نص وارد في جنون الامام او اغماءه ولكن الاصحاب التزموا به، والظاهر أنّ دليلهم الغاء خصوصية الموت في الروايات خصوصاً انه وقع في كلام السائل لا كلام الامام (عليه السلام)

وسيأتي أنّ هناك موارد كثيرة تدل على التعدي والمذكور فيها اعتلال الامام، ومنها إذا اصابه الرعاف، ومنها ما إذا وجد الامام في بطنه اذى، الى غيرها من الموارد الاتية

ويفهم من مجموع هذه الروايات ان القدر المشترك بين هذه الموارد المتفرقة هو عدم تمكن الامام من اتمام الصلاة، فالتعدي من الموت الى الاغماء والجنون صحيح

ويضاف الى هذا إنّه من البعيد أن يفترض السائل وجود خصوصية للموت وانما المرتكز في ذهنه عدم تمكن الامام من اتمام الصلاة وذكر الموت كمثال، وهكذا في بقية الموارد

ولكن يمكن التأمل في هذا إذ لعل المذكور محل ابتلاء السائل وليست القضية فرضية

وعلى كل حال فالتعدي بملاحظة مجموع الروايات يمكن الالتزام به

5-دلت على ذلك نصوص منها: صحيحة سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل يؤمّ القوم فيحدث ويقدّم رجلاً قد سبق بركعة، كيف يصنع؟ قال: ((لا يقدّم رجلاً قد سبق بركعة، ولكن يأخذ بيد غيره فيقدّمه))[5]

ومنها: صحيحة زرارة، أنّه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): رجل دخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة، وأحدث إمامهم وأخذ بيد ذلك الرجل فقدّمه فصلّى بهم، أيجزؤهم صلاتهم بصلاته وهو لا ينويها صلاة؟ فقال: ((لا ينبغي للرجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة بل ينبغي له أن ينويها وإن كان قد صلّى فإنّ له صلاة أُخرى ، وإلاّ فلا يدخل معهم ، وقد تجزي عن القوم صلاتهم وإن لم ينوها))[6]

 

لأنّ نية الامامة ليست شرطاً في الجماعة

ومنها: صحيحة علي بن جعفر، أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن الإِمام أحدث فانصرف ولم يقدّم أحداً، ما حال القوم؟ قال: ((لا صلاة لهم إلا بإمام، فليقدم بعضهم فليتمّ بهم ما بقي منها وقد تمّت صلاتهم))[7]

6-وتدل عليه صحيحة جميل درّاج، عن الصادق (عليه السلام)، في رجل أمّ قوماً على غير وضوء فانصرف وقدّم رجلاً ولم يدرِ المقدّم ما صلّى الإِمام قبله، قال: ((يذكّره من خلفه))[8]

ورواية زرارة قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن إمام أمّ قوماً فذكر أنّه لم يكن على وضوء فانصرف وأخذ بيد رجل وأدخله فقدّمه ولم يعلم الذي قدّم ما صلّى القوم؟ فقال : ((يصلّي بهم ، فإن أخطأ سبّح القوم به وبنى على صلاة الذي كان قبله))[9]

ومرسلة الفقيه قال: وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ((ما كان من إمام تقدّم في الصلاة وهو جنب ناسياً أو أحدث حدثاً أو رعف رعافا أو أزاً في بطنه فليجعل ثوبه على أنفه ثمّ لينصرف وليأخذ بيد رجل فليصلّ مكانه))[10]

وقد وردت رواية في الرعاف ورواية في الاذى في البطن[11] واخرى تدل على ائتمام الحاضر بالمسافر[12] وتقول يقدم امام آخر ويتم صلاته


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo