< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ إذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر

 

(مسألة 13): إذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر صحت صلاتهما، أما لو علم أن نية كل منهما الائتمام بالآخر استأنف كل منهما الصلاة إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد (1)، ولو شكا فيما أضمراه (2) فالأحوط الاستئناف، وإن كان الأقوى الصحة إذا كان الشك بعد الفراغ أو قبله مع نية الانفراد بعد الشك.

1-يفهم من كلام السيد الماتن (قده) أنّه إذا كان الشك في الاثناء ولم ينو الانفراد يحكم ببطلان الصلاة

ويمكن تصور الشك المفروض في محل الكلام على صور

الصورة الأولى: أن يكون الشك في نية نفسه مع العلم بنية الآخر

الصورة الثانية: أن يكون الشك في نية غيره مع العلم بنية نفسه

الصورة الثالثة: أن يشك في نية نفسه ونية غيره

وهناك تقسيم آخر وهو أن يكون الشك بعد الفراغ من الصلاة او في اثنائها، نتعرض له فيما بعد

اما الصورة الاولى فيمكن أن نفترض أنّه تارة يعلم بأنّ صاحبه نوى الامامة واخرى يعلم بأنّه نوى الإئتمام

اما الفرض الاول وهو أن يشك في نية نفسه ويعلم بأنّ الآخر نوى الامامة فيحكم فيه بصحة الصلاة سواء نوى هو الامامة او نوى الإئتمام

أمّا إذا نوى الإئتمام فيحكم بصحة الجماعة أيضاً لأنه إذا نوى الإئتمام فصحة الجماعة واضحة، وأمّا إذا نوى الامامة فالحكم بصحة الصلاة لما تقدم من أنّ نية كل منهما الامامة لا تقدح في صحة الصلاة، وأمّا الجماعة فباطلة في صورة العلم بأنّه نوى الامامة، واما في صورة الشك في نية الامامة منه، فيأتي احتمال جريان أصالة عدم الإئتمام لإثبات البطلان

ولكن الظاهر أنّ هذا الأصل لا يجري في المقام، فإنّ آصالة عدم الإئتمام لا تثبت أنّه نوى الامامة

الفرض الثاني من الصورة الاولى وهو أن يشك في نية نفسه مع علمه بأنّ الآخر نوى الإئتمام

وهنا يشك في صحة الصلاة والجماعة؛ لأنه إن نوى الإئتمام فصلاتهما كجماعتهما باطلة، وإن نوى الامامة صحت الصلاة والجماعة فالشك في صحة الصلاة والجماعة وعدم صحتهما

واستدلوا على صحة الصلاة في هذا الفرض بقاعدة الفراغ فيما إذا كان الشك بعد الفراغ من العمل

واستدل لذلك بأصالة الصحة فيما مضى من الاعمال أيضاً إذا كان الشك قبل الفراغ، وقالوا ينبغي عليه أن يعمل فيما بقي من الاعمال بتكليفه الشرعي، وهو أن ينوي الانفراد

وكذلك استدل للصحة بأصالة عدم نية الإئتمام، لأنّ المانع من صحة الصلاة هو أن ينوي الإئتمام في حين نية الآخر الإئتمام

وهذا الرأي في مقابل ما ذهب اليه جماعة منهم المحقق (قده) في الشرائع والعلامة (قده) في القواعد من الالتزام بالبطلان مطلقاً حتى لو كان بعد الفراغ، واستدل للحكم بالبطلان بأصالة الاشتغال

وفي قبال هذا القول أيضاً ما ذهب اليه السيد الماتن (قده) من الحكم بالصحة إذا كان الشك بعد الفراغ او كان في الاثناء بعد نية الانفراد والظاهر أنّه استناداً الى قاعدة الفراغ وأصالة الصحة

اما الاستناد الى قاعدة الفراغ إن كان الشك بعد الفراغ من العمل فالإشكال عليه أنّ الحكم بالصحة بعد الفراغ معلل في روايات القاعدة بالأذكرية كما في قوله (عليه السلام): ((هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك))[1] وهذا بيان نكتة الأمارية في قاعدة الفراغ

وقالوا[2] بأنّ هذا التعليل يستلزم اختصاص قاعدة الفراغ بما إذا كان احتمال الخلل مستنداً الى الغفلة والسهو وأمثالهما فإنّ هذا التعليل يأتي فيها، واما إذا لم يستند احتمال البطلان الى الغفلة بل استند الى أمر خارج عن الاختيار يحدث صدفة فلا تشملها أحاديث قاعدة الفراغ، كما في محل الكلام لأنّ الشك مستند الى أنّ نية الآخر الإئتمام به هل اقترنت بنيته هو الإئتمام بالآخر أو لا؟ والمقارنة بين النيتين أمر اتفاقي

فعلى تقدير أن يكون البطلان من هذه الجهة، فهو لم يستند الى الغفلة لتشمله أحاديث قاعدة الفراغ لأنه لا يمكن تعليل الحكم بالصحة بأنّه حين العمل أذكر منه حين يشك، فهو انما نوى الإئتمام عن قصد وعمد وانما البطلان يأتي من اقتران نيته بنية الآخر، وهذا أمر خارج عن اختياره

وناقش السيد الحكيم[3] (قده) في منع شمول أخبار قاعدة الفراغ لمحل الكلام بأنّ بعض أخبار قاعدة الفراغ مطلقة فيمكن الالتزام بها في محل الكلام

ولكن قد يتأمل في ما ذكره باعتبار أنّ الظاهر أنّ هذه المقيدات جاءت لتقييد تلك الاخبار لأنّ التعليل يعلل الحكم بالصحة في هذا المورد بأنّه حين العمل أذكر منه حين يشك

وإذا بنينا على الحكم بالصحة مطلقاً فالتعليل بالأذكرية يكون لغواً وهو مساوق لإلغاء التعليل وهو خلاف الظاهر

وأمّا الاستدلال بأصالة عدم الإئتمام

فقالوا يجري هذا الأصل ولا يعارض بأصالة عدم نيته الامامة لأنّ الأصل الثاني لا أثر له لأنه إن كان الغرض اثبات أنّه نوى الإئتمام فهو أصل مثبت وإن كان الغرض اثبات البطلان فإنّ البطلان ليس من آثار عدم نية الامامة وانما هو من آثار نية الإئتمام

والحاصل أنّ نية الامامة ليست شرطاً في صحة الجماعة فضلاً عن الصلاة فلا مجال لجريان عدمها لإثبات الصحة

فتجري أصالة عدم نية الإئتمام وتترتب عليها الصحة لأنّ الحكم بصحة الصلاة مترتب على عدم نيته الإئتمام فقط

ومع جريان أصالة عدم نية الإئتمام لا تجري أصالة الاشتغال التي استدل بها للبطلان لأنّ هذا أصل موضوعي مقدم عليها


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo