< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/03/30

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ إذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر

(مسألة 13): إذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر صحت صلاتهما، أما لو علم أن نية كل منهما الائتمام بالآخر استأنف كل منهما الصلاة إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد (1)، ولو شكا فيما أضمراه فالأحوط الاستئناف، وإن كان الأقوى الصحة إذا كان الشك بعد الفراغ أو قبله مع نية الانفراد بعد الشك.

 

1-قالوا ان التفصيل بين الصورتين بين المذكورتين في المتن موجود في رواية السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه قال: ((قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجلين اختلفا فقال أحدهما: كنت إمامك، وقال الآخر: أنا كنت إمامك، فقال: صلاتهما تامّة.

قلت: فإن قال كلّ واحد منهما: كنت أأتمّ بك، قال: صلاتهما فاسدة وليستأنفا))[1]

 

تعرض السيد الماتن الى فرعين

الفرع الاول: أن يكون نية كل واحد منهما الامامة للآخر

الفرع الثاني: أن يكون نية كل منهما الائتمام بالآخر

وحكم السيد الماتن بالصحة في الفرع الاول، والظاهر أنّه لا خلاف في هذا الحكم وهو معنون في كلمات الفقهاء

وسر تعرضهم لهذا الفرع بالرغم من أنّه فرع نادر التحقق هو ورود الرواية فيه، والرواية تعبر اختلفا، فان قوله كنت إمامك ترجع الى دعوى أن الآخر اقتدى به لأنّه لا يكون إماماً الا اذا اقتدى الغير به والآخر يقول كنت إمامك، والنتيجة أنّ كلاً منهما صلى صلاة المنفرد

فصلاته صحيحة سواء اماما للغير او لا لأن المفروض انه جاء بما يعتبر في صحة صلاة المنفرد

وادعي الاجماع على الحكم بالصحة في هذه الصورة وتدل عليه معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه قال: ((قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجلين اختلفا فقال أحدهما: كنت إمامك، وقال الآخر: أنا كنت إمامك، فقال: صلاتهما تامّة))[2]

وسندها معتبر عندنا وإن كان هناك كلام في النوفلي ولكن ذكرنا أن هناك أدلة متعددة تدل على وثاقته

والتعليل الموجود في كلام الفقهاء هو أنّ كلاً منهما جاء بما يجب عليه من القراءة وغيرها

نعم، مقتضى اطلاق الحكم بالصحة في الرواية شمول الحكم لما اذا جاء الامام بما يبطل صلاة المنفرد، ولو كان الاطلاق ناشئاً من ترك الاستفصال

ولكن ذكروا أنّ الرواية منزلة على الحالة العامة الشائعة المتعارفة وهو أن يأتي بما يجب على المنفرد ولا يأتي بما يخل بصلاة المنفرد، وحينئذ لا اطلاق في الرواية يشمل ما اذا جاء بما يبطل صلاة المنفرد

وفيه إنّ كون الفرد شائعاً ومتعارفاً لا يمنع من اطلاق الرواية وشمولها للفرد النادر، فإنّ الغلبة والشيوع لا يوجب انصراف المطلق الى الفرد الشائع

ويمكن أن يقال باننا نستفيد من نفس الرواية انها ناظرة الى مسألة قصد الامامة والمأمومية لأنّ السؤال كان عن هذا فالجواب ناظر الى هذا ويقول إنّ قصد الامامة من كل منهما في الفرع الاول لا يوجب البطلان كما أنّ قصد المأمومية في الفرع الثاني يوجب البطلان

ومعنى هذا أنّه في الصورة الاولى والتي حكم الامام فيها بالصحة معناه ان قصد الامامة لا يضر بالصلاة وهذا لا ينافي أن يكون الاخلال بأمر آخر يبطل الصلاة كما لو فرضنا أنّه أخل بوظيفة المنفرد

فالحكم بالصحة في الرواية لا نستفيد منه أكثر من أنّ الصلاة يحكم بصحتها من حيث قصد الامامة فلا اطلاق في الحكم بالصحة في الرواية لصورة ما اذا أخل بوظيفة المنفرد

واما الفرع الثاني فحكم السيد الماتن فيه بالبطلان وقيده بما اذا خالف وظائف المنفرد ويفهم منها الحكم بالصحة فيما اذا لم يخالف وظائف المنفرد

وعلق في الجواهر على الحكم بالبطلان في هذه الصورة بقوله (بلا خلاف أجده فيه بل ظاهر جماعة الاجماع عليه)، ويستدل له بأمرين:

الاول: الاخلال بالقراءة الواجبة لأن كلاً منهما ائتم بالثاني ومعناه انه ترك القراءة

وهذا لا وجه له الا ما أشرنا اليه من أنّ المتعارف والشائع هو هذا وهو أنّ من ائتم بغيره يترك القراءة واما فرض أنّه قرأ فهذه حالة نادرة

وأشرنا سابقاً الى أنّ الاخلال بالقراءة الواجبة لا يوجب بطلان الصلاة بمقتضى حديث (لا تعاد) بناء على شموله لحالات الترك العمدي اذا كان عن عذر، فهو ترك القراءة عن عذر

ولا اشكال في تقديم حديث (لا تعاد) على أدلة وجوب القراءة في الصلاة باعتبار أنّ حديث لا تعاد ناظر الى أدلة وجوب القراءة فتختص أدلة وجوب القراءة بصورة الترك العمدي لا عن عذر، فيحكم بالبطلان فيها تمسكاً بأدلة وجوب القراءة

الدليل الثاني: معتبرة السكوني المتقدمة ((قلت: فإن قال كلّ واحد منهما: كنت أأتمّ بك، قال: صلاتهما فاسدة وليستأنفا))

وقد يقال بأنّ الرواية وإن حكمت بالبطلان في الصورة الثانية لكن الظاهر أنّ الحكم فيها من جهة ترك القراءة

فيرجع هذا الدليل الى الدليل الاول

وحينئذ يرد عليه ما أوردناه على الدليل الاول وهو إنّ ترك القراءة لا يستلزم البطلان، فإنه يحكم بالصحة لحديث لا تعاد، فلماذا حكمت الرواية بالبطلان؟

ولكن لا قرينة على أنّ الحكم بالبطلان في الرواية من جهة ترك القراءة الواجبة، بل مقتضى اطلاق الرواية الناشئ من ترك الاستفصال هو ثبوت الحكم بالبطلان مطلقاً وإن أتى بالقراءة، وإن كانت هذه حالة نادرة

فلا بد أن يكون له منشأ آخر وهو نية المأمومية، فنية المأمومية من كل منهما توجب البطلان، لما قلناه من أنّ السؤال أساساً هو عن نية المأمومية وهل توجب بطلان الصلاة او لا؟

وبناء على هذا نلتزم بالبطلان مطلقاً حتى لو جاءا بالقراءة الواجبة في الصلاة، تمسكاً بهذه الرواية


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo