< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو


(مسألة 12): إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو فإن لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته (1) وصلاته أيضا إذا ترك القراءة(2) أو أتى بما يخالف صلاة المنفرد، وإلا صحت على الأقوى(3)، وإن التفت في الأثناء ولم يقع منه ما ينافي صلاة المنفرد أتم منفردا (4)، وإن كان عمرو أيضا عادلا ففي المسألة صورتان: إحداهما أن يكون قصده الاقتداء بزيد وتخيل أن الحاضر هو زيد، وفي هذه الصورة تبطل جماعته وصلاته أيضا إن خالفت صلاة المنفرد (5) الثانية أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر، ولكن تخيل أنه زيد فبان أنه عمرو، وفي هذه الصورة الأقوى صحة جماعته وصلاته، فالمناط ما قصده لا ما تخيله من باب الاشتباه في التطبيق.

(مسألة 13): إذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر صحت صلاتهما، أما لو علم أن نية كل منهما الائتمام بالآخر استأنف كل منهما الصلاة إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد (1)، ولو شكا فيما أضمراه فالأحوط الاستئناف، وإن كان الأقوى الصحة إذا كان الشك بعد الفراغ أو قبله مع نية الانفراد بعد الشك.

5-الفرض الثاني في كلام السيد الماتن (قده): إذا كان عمرو عادلاً، وقال ان فيه صورتان

الأولى: أن يكون قصده الاقتداء بزيد وتخيل أنّ الحاضر هو زيد، وفسروها أنّه قصد الاقتداء بالحاضر مقيداً بأن يكون زيداً

الثانية: أن يقصد الاقتداء بالحاضر بتخيل كونه زيداً

ففي كلتا الصورتين هو قصد الاقتداء بالحاضر، وأخذ اعتقاده بأنّه زيد قيداً في قصده في الصورة الاولى دون الثانية

وهذا يصحح أن نقول بأنّه قصد الاقتداء بالحاضر، نعم كونه زيداً هو الداعي لذلك

وكلامنا في الصورة الاولى وقلنا بأنّ فرض المسألة أنّه اقتدى بالحاضر مقيداً بأن يكون زيداً

وفرض الاقتداء بالحاضر لا بد منه لأن الاقتداء كعمل خارجي لا يتصور أن يتحقق الا بالحاضر، والا لا يعقل الاقتداء بأيّ شيء من دون أن يكون حاضراً

وفي هذه الصورة ذكر السيد الماتن (قده) أنّه تبطل الجماعة والصلاة إذا جاء بما يخالف صلاة المنفرد

وقال السيد الخوئي (قده) تصح الصلاة والجماعة لأنّ التقييد غير معقول، والفقهاء قاسوا محل الكلام على باب الانشائيات والتقييد فيها معقول فتارة ينشيء الملكية المطلقة واخرى ينشيء الملكية المقيدة

فالأمور الاعتبارية يتصور فيها التقييد، وخير دليل عليه هو الوصية التمليكية فإنّ التمليك فيها معلق على الموت وأمّا في الافعال الخارجية فلا يعقل فيها التقييد والتعليق فلا معنى لافتراض أنّ الأكل معلق على مجيء زيد بل الأكل فعل خارجي وهو يتحقق سواء أتى زيد أو لم يأت

وما نحن فيه من هذا القبيل لأن الكلام في الإئتمام والاقتداء وهو فعل خارجي ولا معنى لأن يأتم بالحاضر معلقاً على أن يكون زيداً بل الإئتمام تحقق بالخارج

فالصورة المعقولة هي الثانية بمعنى أن كونه زيداً داعي لأن يأتم بهذا الحاضر، وتخلف الداعي لا يوجب البطلان، وما يوجب البطلان هو تخلف القصد

وعليه فيحكم بصحة الجماعة ولازمه الحكم بصحة الصلاة وإن جاء بما يخالف صلاة المنفرد

وقد يلاحظ عليه باننا نتكلم عن قصد الإئتمام وارادة الإئتمام لا في الإئتمام الخارجي حتى يقال بأنّه لا يقبل التقييد، فهو في محل الكلام قصد الإئتمام بالحاضر مقيداً بأن يكون زيداً، وما ذكره في كلامه لا يثبت استحالة التقييد في محل الكلام، فهو أثبت أنّ الفعل الخارجي يستحيل التقييد فيه لا أنّ قصد الفعل الخارجي يستحيل فيه التقييد

وأيّ ضير في أن يقصد الإئتمام بالحاضر مقيداً بأن يكون زيداً، فإذا لم يكن زيداً ينتفي القصد، كما لا مشكلة في أن يقصد الذهاب للزيارة معلقاً على أن يكون هذا اليوم اول رجب، وما نحن فيه من هذا القبيل

فاذا كان الموجود زيداً فهو يقصد الإئتمام وإذا لم يكن زيداً فما قصده لم يقع وما وقع لم يقصد

نعم، إذا استطاع السيد الخوئي (قده) اثبات استحالة التقييد في القصد يتم كلامه

ومن هنا يقال بأنّ قصد الإئتمام بالحاضر يمكن أن يكون مقيداً بكونه زيداً بمعنى أن يقصد الإئتمام بهذا الحاضر على تقدير كونه زيداً بمعنى أنّ القصد معلق على كونه زيداً فينتفي بانتفائه

بخلاف الصورة الاخرى ولذا حكم بصحة الجماعة لعدم التخلف في القصد فيها

والحاصل أن التخلف في الصورة الاولى هل هو في القصد او في الداعي

ادعى السيد الماتن (قده) الاول لأنّ القصد لما كان مقيداً فالتخلف فيه لا في الداعي

وذهب السيد الخوئي (قده) الى أنّ التخلف في الداعي لأنّ الإئتمام لا يمكن أن يكون مقيداً لأنه فعل خارجي والتخلف ليس فيه وانما في الداعي

لكنك عرفت ان القصد قابل للتقييد، ومنه يظهر أنّ الحكم بصحة الجماعة استناداً الى أنّ التخلف في الداعي دائماً باعتبار أنّ التخلف في الفعل محال غير صحيح

يبقى أنّه هل يحكم ببطلان الجماعة كما ذهب اليه السيد الماتن (قده) لأن المقصود غير واقع

او يفصّل التفصيل الذي أشار اليه في المستمسك من أنّه تارة يؤخذ بنحو وحدة المطلوب او تعدد المطلوب فيحكم بالبطلان في الأول دون الثاني

او يحكم بالصحة حتى لو أخذ بنحو وحدة المطلوب

قد يقال أنّه بملاحظة النكتة التي أشرنا اليها بأنّ الإئتمام علاقة خارجية تربط بين طرفين خارجيين فلا يعقل تعلقها الا بالحاضر

فلا بد من الاشارة الى أنّه قصد الإئتمام بالحاضر في كلتا الصورتين، ففي الصورة الثانية قصد الإئتمام بالحاضر بالذات، وفي الاولى قصد الإئتمام بالحاضر مقيداً بأن يكون زيداً

وهذا يوجب أن يكون القصد متعلقاً بالائتمام بزيد أولاً وبالذات وهو لا ينافي أن يقال بأنّه ينوي الإئتمام بهذا الحاضر ثانياً وبالعرض، ولا يبعد أن يقال بأنّ هذا كاف في تحقق الجماعة وصدقها

فقد اقتدى بشخص صالح لأن يكون اماماً وهو نوى الاقتداء به ولو بالتبع وعمل بوظيفة الجماعة فلم لا تصح صلاته

وقد يقال بأنّ ما يدل على صحة الجماعة شامل لهذه الحالة، فيمكن البناء على صحة الصلاة حتى في الصورة الاولى

1-قالوا ان التفصيل بين الصورتين بين المذكورتين في المتن موجود في رواية السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه قال: ((قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجلين اختلفا فقال أحدهما: كنت إمامك، وقال الآخر: أنا كنت إمامك، فقال: صلاتهما تامّة.

قلت: فإن قال كلّ واحد منهما: كنت أأتمّ بك، قال: صلاتهما فاسدة وليستأنفا))[1]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo