< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: صلاة الجماعة


(مسألة 11): لو شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم، وأتم منفردا (1)، وإن علم أنه قام بنية الدخول في الجماعة (2)، نعم لو ظهر عليه أحوال الائتمام كالإنصات ونحوه فالأقوى عدم الالتفات ولحوق أحكام الجماعة، وإن كان الأحوط الإتمام منفردا، وأما إذا كان ناويا للجماعة ورأي نفسه مقتديا وشك في أنه من أول الصلاة نوى الانفراد أو الجماعة فالأمر أسهل

1-استشكل في ما ذكره السيد الماتن (قده) بأنّه كيف يرتب آثار صلاته لأنّ كون صلاته صلاة المنفرد لا يمكن اثباتها بأصالة عدم الإئتمام الا بناء على الاصل المثبت

وواضح أنّ هذا الاشكال مبني على أنّ موضوع هذه الآثار كوجوب القراءة هو الصلاة الفرادى، وهذا الموضوع لا يثبت باستصحاب عدم الإئتمام الا بناء على القول بالأصل المثبت، وأمّا إذا قلنا بأنّ موضوع هذه الآثار هو الصلاة التي لا يأتم بها المصلي بغيره فلا يأتي هذا الاشكال، فإنّه يمكن إثبات هذا الموضوع، إذ كونها صلاة ثابت بالوجدان وأنّه لا يأتم بغيره ثابت بالأصل

وأما ما يفهم من المستمسك من جعل الاشكال مبني على أنّ أصالة عدم الخاص إنّما تجدي في نفي حكم الخاص لا غير، ولا تكفي لترتيب حكم العام فيأتي الاشكال، بينما لو قلنا بأنّ أصالة عدم الخاص تجدي في إثبات حكم العام فلا يأتي الاشكال

فمضافاً الى أنّه يرجع الى ما قلناه من الاشكال مبني على أنّ موضوع هذه الآثار هو الصلاة فرادى، فكيف نثبت هذه الآثار باستصحاب عدم الإئتمام؟ باعتبار أن الوجه في عدم ترتب الاحكام على استصحاب عدم الخاص هو أنّ موضوع الاحكام هو الصلاة منفرداً وهذا لا يثبت باستصحاب عدم الخاص الا بناء على الأصل المثبت

وأمّا إذا فرضنا أنّ الموضوع لهذه الاحكام هو الصلاة التي ليست جماعة او التي لا يأتّم فيها المصلي بغيره فلم لا يترتب هذا الأثر على استصحاب عدم الإئتمام؟، وهذا معناه أنّ استصحاب عدم الخاص يثبت به حكم العام

وبناء على هذا، فالنقطة الرئيسية في البحث أن نحدد أنّ موضوع هذه الآثار كوجوب القراءة على المصلي مثلا بعد التخصيص واخراج صلاة الجماعة من العام ما هو وهل هو الصلاة فرادى او الصلاة التي لم يأتم فيها المصلي بغيره؟ فلا بد من تحديد موضوع حكم العام بعد التخصيص

وهذا يرتبط بمسألة اصولية وهي مسألة جواز التمسك بالعام بعد التخصيص ولها فروض كثيرة والمقام يدخل في واحد منها وهو ما إذا كان الخاص مجملاً مصداقاً وكان الخاص لفظياً منفصلاً، مع افتراض أنّ المفهوم واضح لا اجمال فيه

ووقع الخلاف بينهم في هذا الفرض فذهب جماعة الى جواز التمسك بالعام فيه منهم السيد الماتن (قده) كما نقل عنه، وقد يظهر من تقريرات الشيخ الانصاري (قده)

وذهب آخرون الى عدم الجواز منهم المحقق الخراساني (قده) وإن فصّل بين ما إذا كان المخصص لفظياً فلا يجوز التمسك بالعام وما إذا كان لبياً فيجوز

والظاهر أنّ هذا هو المعروف، وتحقيق المسألة في محله، لكنّ الصحيح هو عدم الجواز وفاقاً لكثير من المحققين باعتبار أن العنوان العام بعد التخصيص لا يبقى على ما كان عليه سابقاً قطعاً بمعنى أنّه لا يبقى حجة في جميع الافراد بل تختص حجيته واقعاً بغير الخاص كما لو قال أكرم العلماء ثم قال لا تكرم العالم الفاسق، والا سيقع التعارض بين العام والخاص في العالم الفاسق لان مقتضى عموم العام وجوب اكرامه ومقتضى الخاص حرمة اكرامه، ولا اشكال في خروجه عن العام ودخوله في الخاص، وانما الكلام في الفرد المشكوك

فلا بد أن نقول بأنّ العام لا يبقى على ما كان عليه سابقاً، بمعنى أنّ حجيته تختص بغير الخاص وهو غير الصلاة جماعة في محل الكلام وغير الفاسق في المثال

فلا بد من اخراج الخاص من العام، وهذا له تقريبان

الأول: أن نقيد العام بعنوان وجودي هو ضد للخاص، ففي المثال نقيد العالم بالعادل، وفي محل الكلام نقول إنّ موضوع وجوب القراءة هو الصلاة الفرادى

الثاني: أن نقيده بعدم الخاص لا بقيد وجودي، ففي المثال نقول إن موضوع العام بعد التخصيص هو العالم غير الفاسق وفي محل الكلام نقول إنّ موضوع العام هو الصلاة التي لا يأتم فيها المكلف بغيره

وعلى التقديرين لا يجوز التمسك بالعام في الفرد المشكوك لأنّ موضوع حكم العام بعد التخصيص هو إمّا العالم العادل او العالم غير الفاسق وهذا لا يحرز انطباقه على الفرد المشكوك

كما لا يجوز التمسك بالخاص في الفرد المشكوك لعدم إحراز انطباق موضوعه على الفرد المشكوك لأنّ موضوعه الفاسق ولا نحرز كون هذا فاسقاً

والعام وإن شمل الفرد المشكوك بما هو عالم الا أنّه بعد التخصيص لا يكون حجة في جميع افراده وإنما في ما عدا الخاص

فبعد التخصيص يوجد حجتان العالم العادل والعالم الفاسق ولا نحرز اندراج المشكوك في أيّ منهما

نعم، يفترق التقريبان بلحاظ الأصل الموضوعي الجاري في المسألة، وهو أصالة عدم كون المشكوك فاسقاً وأصالة عدم الإئتمام في الصلاة

ففي النحو الاول لا يمكن التمسك بالعام في الفرد المشكوك حتى بالاستعانة بهذا الأصل لأنّ إثبات كون العالم عادلاً باستصحاب عدم كونه فاسقاً يتوقف على القول بالأصل المثبت فنعجز عن اثبات حكم العام فيه وأما بناء على النحو الثاني فلا اشكال من التمسك بالعام في الفرد المشكوك بالاستعانة بالأصل الموضوعي وهو أصالة عدم كونه فاسقاً وهو عالم بالوجدان فيحرز موضوعه فيجوز التمسك بالعام لإثبات حكمه بعد الاستعانة بالأصل الموضوعي

وبناء على هذا يصح ما في المتن من أنّه لو شك في انه ائتم او لا بنى على العدم وأتم منفرداً،

والصحيح أنّ العام لا يعتنون بعنوان وجودي هو ضد الخاص وانما يعتنون بما عدا الخاص

والوجه فيه أنّ أدلة وجوب القراءة لا اشكال في أنّ فيها إطلاق يشمل كل صلاة لكن قام الدليل على أنّ صلاة الجماعة لا تجب فيها القراءة، فالدليل أخرج صلاة الجماعة من الاطلاق فيكون العام شاملاً لجميع أفراد الصلاة ما عدا صلاة الجماعة

2- ذكر في بعض الحواشي أنّه لا مانع من استصحاب النية فيتم جماعة

ولكن يبدو أنّ المقصود بعبارة المتن أنّه قام بنية الدخول في الجماعة يعني أنّ قيامه كان لغرض نية الجماعة وهذا لا يعني أنّه نوى الدخول في الجماعة، كيف والمفروض في محل كلامنا أنّه عندما دخل في الصلاة يشك أنّه نوى الإئتمام او لا، وهذا ليس الا من جهة أنّ قيامه للدخول في الجماعة لا يعني دخوله بنية الجماعة، فلا يقين سابق بنية الإئتمام حتى يستصحب

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo