< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: صلاة الجماعة

 

(مسألة 9): لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة والعيدين نية الإمام الجماعة والإمامة (1)، فلو لم ينوها مع اقتداء غيره به تحققت الجماعة، سواء كان الإمام ملتفتا لاقتداء الغير به أم لا (2)، نعم حصول الثواب في حقه موقوف على نية الإمامة (3) وأما المأموم فلا بد له من نية الائتمام، فلو لم ينوه لم تتحقق الجماعة في حقه. وإن تابعه في الأقوال والأفعال (4)، وحينئذ فإن أتى بجميع ما يجب على المنفرد صحت صلاته (5)، وإلا فلا، وكذا يجب وحدة الإمام (6)، فلو نوى الاقتداء باثنين ولو كانا متقارنين في الأقوال والأفعال لم تصح جماعة، وتصح فرادى إن أتى بما يجب على المنفرد ولم يقصد التشريع (7)، ويجب عليه تعيين الإمام بالاسم أو الوصف أو الإشارة الذهنية أو الخارجية، فيكفي التعيين الاجمالي كنية الاقتداء بهذا الحاضر، أو بمن يجهر في صلاته مثلا من الأئمة الموجودين أو نحو ذلك، ولو نوى الاقتداء بأحد هذين أو أحد هذه الجماعة لم تصح جماعة، وإن كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك في الأثناء أو بعد الفراغ.

6- الظاهر أنّ هذا من المسلمات ولم ينقل فيه الخلاف، وفي الجواهر أنّ الفتاوى متطابقة على فساد الإئتمام باثنين بل لا يعلم وقوعه خارجاً بل يعد من المستنكرات

واستدل على الفساد عند تعدد الامام بمسألة عدم الدليل على الصحة بضميمة أصالة عدم مشروعية الجماعة لأنّ المستفاد من الأدلة أنّ المصلي يجب عليه أن يقرأ السورة والفاتحة هو، وأمّا تحمل غيره فهذا خلاف الأدلة فلا يثبت الا بدليل

وأضاف السيد الخوئي (قده) انه (أنّه في فرض التعدّد لا يخلو الحال من اقتداء المأموم بكلّ واحد منهما مستقلا وبنحو العام الاستغراقي، أو بكليهما معاً على سبيل العام المجموعي، ولا ثالث. وشي‌ء منهما لا يتم: أمّا الأوّل: فلأنّه من الجائز اختلاف الإمامين في الأفعال، بأن يركع أحدهما والآخر قائم، حيث يكون هذا التفكيك في نفسه ممكناً جدّاً وإن فرضنا عدم تحقّقه خارجاً، ضرورة أنّ صدق الشرطية لا يتوقّف على صدق طرفيها.
و حينئذ فلنا أن نتساءل أنّ المأموم حينما يقتدي وهو يرى إمكان التفكيك المزبور هل هو بانٍ على الاستمرار في نيّته حتّى مع فرض تحقّق الانفكاك بينهما خارجاً، فلازمه البناء على الجمع بين الضدّين، أو أنّه ينوي الاقتداء بعد ذلك بأحدهما، ولازمه عدم استمراره على نيّة الاقتداء بإمام معيّن في تمام الصلاة، وهو كما ترى.
و أمّا الثاني : فلأنّه مع فرض الاختلاف وإن لم يتحقّق خارجاً كما سمعت يبطل الائتمام لا محالة، لعدم الموضوع للمجموع، حيث لا يصدق في فرض قيام أحد الإمامين وركوع الآخر مثلاً أنّ المجموع في حال القيام أو الركوع ليمكن الاقتداء.
(و حينئذ فان كان قد استمرّ في نيّته فقد ائتمّ بإمام لا وجود له)[1]

وعلى كل حال فالقضية اوضح من هذا ويكفينا ما تقدم من اصالة عدم المشروعية مع عدم الدليل على المشروعية

7- اعتبر السيد الماتن (قده) في الحكم بصحة الصلاة مع بطلانها جماعة شرطين

الأول: أن يأتي بما يجب على المنفرد، وفساد الصلاة عند عدم تحققه واضح

الثاني: أن لا يقصد التشريع وهذا فيه تفصيل

حاصله أن التشريع يتصور على انحاء

النحو الأول: أن يكون في أصل الأمر بالصلاة، بأن يقصد امتثال أمر يتعلق بالصلاة جماعة مع الإئتمام بإمامين

وهنا لا اشكال في بطلان الصلاة لوضوح أنه لم يقصد امتثال الأمر الحقيقي وانما قصد امتثال الأمر الآخر التشريعي فلا يكون ما أتى به عبادة بل لا يكون مشروعاً أصلاً فتقع صلاته فاسدة

النحو الثاني: أن يكون التشريع في مسألة الإئتمام باثنين لا في أصل الصلاة بل يأتي بها ممتثلاً لأمرها الحقيقي المتعلق بها

وقد يقال أنّه من الممكن تصحيح الصلاة في المقام باعتبار أن المفروض أنّه جاء بالصلاة المأمور بها شرعاً لأنّ المفروض أنّه جاء بجميع ما يجب على المنفرد، وأنّه جاء به بقصد امتثال أمره الحقيقي

نعم، هو بنى على التشريع في الإئتمام باثنين، لكن لم يرتب على ذلك أيّ أثر فليس هناك الا البناء على التشريع، ولا دليل على كون هذا البناء الفاسد مبطلاً للصلاة

وفي المقابل هناك رأي يقول لا بد من الالتزام بالبطلان في المقام إذ لا يوجد تعدد في الخارج فليس هناك وجود للصلاة ووجود للإئتمام باثنين حتى يقال أنّه يمكن أن يتقرب بأحدهما ويشرّع في الآخر بل هو وجود واحد فلا بد أن يحكم بالفساد لأنّ ما صدر منه حرام باعتبار التشريع، والحرام لا يقع مصداقاً للواجب

وهنا لا بد من التفريق بين هذا المورد وبين ما ذكروه من الرياء في قنوت الصلاة، فالظاهر أنّه لا موجب لبطلان الصلاة لأنّ القنوت ليس من أجزاء الصلاة والتعبير عنه بأنّه جزء مستحب مسامحة في التعبير بل هو عمل مستقل ظرفه الصلاة فلا يسري الفساد من القنوت الى الصلاة، دون ما إذا كان الرياء في المكان الذي يصلي فيه، كأن يصلي في المسجد رياء، فقد التزموا بالبطلان هنا إذ لا تعدد في الوجود الخارجي بل الموجود واحد وما نحن فيه من هذا القبيل لأنه لا يوجد تعدد في الوجود الخارجي

النحو الثالث: التشريع في مرحلة الامتثال، ومصداقه الواضح التشريع في تطبيق المأمور به على المأتي به، فلو أمره الشارع بالقصر فصلى تماماً بدعوى أنّ التمام قصر وزيادة يكون مشرعاً في التطبيق

وفي محل الكلام هو يعلم بأنّ الشارع أمره بالصلاة مؤتماً بواحد هو يأتم باثنين بدعوى انها مصداق للمأمور به، فالبطلان هنا واضح باعتبار أنّ ما جاء به ليس هو المأمور به

وهناك انحاء أخرى تتصور للتشريع لا نتعرض لها

فما يحكم به السيد الماتن (قده) من الفساد في حالة كونه مشرعاً هو الصحيح


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo