< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: صلاة الجماعة


(مسألة 8): أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين اثنان، أحدهما الإمام، سواء كان المأموم رجلا أو امرأة (1)، بل وصبيا مميزا على الأقوى (2)، وأما في الجمعة والعيدين فلا تنعقد إلا بخمسة أحدهم الإمام (3).

1-يلاحظ على رواية الفضيل السابقة أنّ الظاهر أن صدر الرواية -كما ذكره السيد الخوئي (قده)- (المرأة تصلي الفريضة والتطوع) لا علاقة له بمحل كلامنا وإنما يريد أن يقول بأن المرأة تقف خلف الرجل، والشاهد في محل كلامنا هو في ذيل الرواية حين يقول (وتأتم به في الصلاة) ومعناه ان الجماعة تنعقد ولو كان المأموم امرأة

2-ذكرنا ما يمكن أن يستدل به للاكتفاء بكون المأموم صبياً مميزاً

وانتهى الكلام الى رواية ابراهيم بن ميمون، وقلنا بأنها ضعيفة بابراهيم لأنّه لم تثبت وثاقته

إذ ليس هناك نص على وثاقته، وإن استدل على وثاقته بامور

الامر الاول: ما قيل من رواية صفوان عنه كما في ما رواه الشيخ الكليني عن أَبُي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام)‌ فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ فَيُرِيدُ أَنْ يَحُجَّ وَ قَدْ حَضَرَ الْحَجُّ أَ يَحُجُّ أَوْ يَخْتَتِنُ قَالَ ((لَا يَحُجُّ حَتَّى يَخْتَتِنَ‌))[1]

ونوقش فيه بان الرواية منقولة في الفقيه[2] وفي التهذيب[3] عن صفوان عن ابن مسكان عن ابراهيم بن ميمون، فقد ذكر في الفقيه (وروى ابن مسكان عن ابراهيم بن ميمون)، وطريقه الى ابن مسكان ينتهي الى صفوان

فلا يروي فيها صفوان عنه مباشرة بل بواسطة ابن مسكان، وهذا لا يكفي لإثبات التوثيق لأنّ الشرط في اثبات التوثيق برواية أحد المشايخ أن يروي عنه مباشرة

الدليل الثاني: ما رواه الكشي في باب (في ابن مسكان وحريز بن عبد الله السجستاني) ذكر (وَ زَعَمَ يُونُسُ أَنَّ ابْنَ مُسْكَانَ سَرَّحَ بِمَسَائِلَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) يَسْأَلُهُ عَنْهَا وَ أَجَابَهُ عَلَيْهَا، مِنْ ذَلِكَ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ.)[4]

فقد يقال بأنّه موضع اعتماد الامام ويمكن اثبات وثاقته على هذا الأساس

ولكن النقل غير ثابت فإنّ الظاهر أنّ الرواية مرسلة فالكشي يروي عن يونس بوسائط، للتفاوت في الطبقة بينهما،

والظاهر أنّه لا يمكن جعل سندها هو سند ما ذكر قبلها، فلم يثبت عندنا أن يونس ذكر هذا الكلام

مضافاً الى أنّه لا دلالة فيه على الاعتماد في الرواية، فغاية ما فيه انه محل اعتماد في نقل الرسائل، فهو امين في ايصال الرسائل الى اصحابها

ولكن ليس المطلوب في الرواية أن يكون أميناً في النقل فقط، بل لا بد من الضبط وامثاله، فلا تثبت الواثقة المطلوبة في الراوي بما ذكر

نعم روى في الكافي عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ قَالَ : بَعَثْتُ بِمَسْأَلَةٍ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ قُلْتُ سَلْهُ عَنِ الرَّجُلِ يَبُولُ فَيُصِيبُ فَخِذَهُ قَدْرُ نُكْتَةٍ مِنْ بَوْلِهِ فَيُصَلِّي وَ يَذْكُرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهَا قَالَ ((يَغْسِلُهَا وَ يُعِيدُ صَلَاتَهُ))[5]

وهذه الرواية ظاهرة في أنّ الرسالة كانت شفهية لا انها مكتوبة، وقد يقال بانها ظاهرة في الاعتماد عليه كراوي للروايات وأنّ الضبط موجود عنده

ولكن لو سلمنا أنّ فيها دلالة على الاعتماد عليه وتوثيقه، الا أنّ الرواية غير تامة سنداً بمحمد بن سنان

الدليل الثالث: توثيق بعض العامة له، كما في كتاب الثقات لابن حبان وتهذيب التهذيب[6] لابن حجر، فقد نصوا على وثاقته وانه صدوق

والاستدلال بتوثيقهم له يكون بتقرب أنّ الشخص عندما يكون معروفاً بكونه امامياً وشيعياً فمدح هولاء له يستكشف منه أنّ وثاقته وصلت الى درجة من الوضوح بحيث لا يمكن انكارها وتكون الخدشة فيها غير مقبولة، والا لانكروها كما هو ديدنهم

والمشكلة في محل الكلام أنّه وإن كان الظاهر كونه امامياً وإن لم ينصوا على ذلك، إذ أنّ ديدن اصحاب التراجم أن ينصوا على مذهب الشخص الذي يلتزم بمذهب آخر

ولكن قد يقال بأن ترجمة هؤلاء لابراهيم بن ميمون من دون التنصيص على كونه شيعياً وامامياً يفهم منه انه منهم والا لو كان شيعياً لنصوا على ذلك

ومن هنا يبرز احتمال التعدد في العنوان فالشخص الذي يوثقه العامة عامي والشخص الواقع في رواياتنا شيعي

ويؤيد هذا أنّ الشيخ الطوسي (قده) ذكر عنوانين احدهما ابراهيم بن ميمون الكوفي والآخر ابراهيم بن ميمون بياع الهروي

الدليل الرابع: رواية الاجلاء عنه كابن مسكان وحماد بن عثمان وسيف بن عميرة ومعاوية بن عمار وغيرهم

ولكن رواية الاجلاء لا تكفي في التوثيق، وانما اكثار الاجلاء الرواية عن شخص تكفي في توثيقه، ولم يثبت ذلك في المقام

ومن هنا يظهر أنّه لا دليل واضح على توثيقه

واما دلالة الرواية فيمكن الخدشة فيها ، اذ فيها احتمالان، الاول انه يمكن أن يصلي الامام بالصبي وحده جماعة

والاحتمال الآخر انه يضمه الى النساء، فليس فيها دلالة على انعقاد الجماعة باثنين أحدهما الصبي المميز

ومنه يظهر عدم صحة الاستدلال بهذه الروايات على انعقاد الجماعة بالصبي المميز وحده

نعم، اذا قلنا بمشروعية عبادات الصبي -كما هو الصحيح- أمكن التمسك ببعض المطلقات لاثبات انعقاد الجماعة به -كما اشار اليه في الجواهر- والمقصود بالمطلقات ما كان مثل ما ذكره السيد الخوئي (قده) ((لا تصل الا خلف من تثق بدينه)) فهذه الرواية اذا تمت سنداً يمكن التمسك باطلاقها لإثبات انعقاد الجماعة بالصبي المميز

وناقشنا سابقاً بأنّ الرواية ليست في مقام بيان ما يعتبر في المأموم وإنما هي في مقام بيان اشتراط العدالة في الامام

ومن هنا يظهر أنّ الظاهر انه لا تنعقد الجماعة بالصبي المميز اذا كان هو المأموم وحده

نعم، يمكن جعل هذه الروايات دليلاً على أن عباداته شرعية، فاذا أمكن التمسك باطلاق هذه الادلة يمكن اثبات ان عباداته شرعية فتنعقد الجماعة به حتى لو كان وحده

3-وهذا يأتي بحثه في صلاتي الجمعة والعيدين، فقد دلت الروايات على ان اقل ما تنعقد به الجمعة خمسة او سبعة كما في صحيحة أبي العباس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((أدنى ما يجزىء في الجمعة سبعة ، أو خمسة أدناه))[7]

وصحيحة زرارة قال : كان أبوجعفر عليه‌السلام يقول : ((لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط : الإمام وأربعة))[8]

واما في صلاة العيدين فتدل على ذلك صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، أنه قال في صلاة العيدين : ((إذا كان القوم خمسة أو سبعة فانهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة ، وقال : تقنت في الركعة الثانية ، قال : قلت : يجوز بغير عمامة؟ قال : نعم ، والعمامة أحب إليّ))[9]


[2] الفقيه، ج2، ص401.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo