< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/11/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة الجماعة

(مسألة2): لا تشرع الجماعة في شئ من النوافل الأصلية (1) وإن وجبت بالعارض بنذر أو نحوه حتى صلاة الغدير على الأقوى (2) إلا في صلاة الاستسقاء (3)، نعم لا بأس بها فيما صار نفلا بالعارض، كصلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب (4)، والصلاة المعادة جماعة، والفريضة المتبرع بها عن الغير، والمأتي بها من جهة الاحتياط الاستحبابي

4-كان الكلام في استحباب الجماعة في صلاة العيدين في زمان الغيبة، وقلنا بأنّه يستدل للمشروعية بوجوه

الوجه الأول: أن يقال بأنّ صلاة العيدين فريضة، وقد أطلق عليها الفريضة في الروايات، ومجرد زوال صفة الوجوب عنها لاختلال بعض شرائطه لا يخرجها عن كونها فريضة فيلحقها حكم الفرائض

وقلنا إنّنا لا نملك دليلاً واضحاً على مشروعية الجماعة في الفريضة حتى يتم هذا الدليل

الوجه الثاني: التمسك بالروايات، وهي عديدة

الرواية الأولى: موثقة سماعة، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال: قلت له: متى يذبح؟ قال: ((إذا انصرف الإمام، قلت: فاذا كنت في أرض ليس فيها إمام فاصلي بهم جماعة، فقال: إذا استقلت الشمس، وقال: لا بأس أنت تصلي وحدك ولا صلاة إلا مع إمام))[1]

وموضوع الموثقة هو صلاة العيد كما هو واضح فالسؤال عن الذبح في يوم الأضحى

وتقريب الاستدلال -كما ذكروا- أنّ مقتضى التقرير هو مشروعية الجماعة في العيد، والظاهر أنّهم حملوا (فاصلي بهم جماعة) على الاخبار وتقرير الحال، أي إنّني صليت بهم جماعة، فيفهم منه التقرير، ومنه يفهم مشروعية الجماعة في صلاة العيدين في زمان الغيبة

وقد استدل على المنع وعدم المشروعية بنفس هذه الموثقة، باعتبار أنّه لمّا سأله عن حكم الصلاة بهم جماعة أعرض الإمام عنه، ومعناه أنّ الامام لا يرضى بذلك، وهذا مبني على فهم الاستفهام من كلام السائل

وتقرير تقريب الاستدلال للمشروعية بالرواية مبنى على أن تقرأ العبارة على الإخبار كما تقدم

ولكن يمكن التأمل بهذا لوجود احتمال آخر في الرواية وهو الاستفهام، فكأنه يسأل عن حكم الصلاة بهم جماعة والإمام سكت ولم يبين ما هو الحكم، فلا يمكن استفادة المشروعية كما لا يمكن استفادة عدمها منها، بل قد يفهم المنع من قوله (عليه السلام): ((ولا صلاة الا مع امام)) في ذيل الرواية، بعد أن قال لا بأس أن تصلي وحدك بناء على ما ذهب اليه جملة من الفقهاء من أنّ المراد بالإمام في هذه الرواية هو إمام الأصل، فهي لا تدل على مشروعية الجماعة في صلاة العيدين في زمان الغيبة، بل قد يفهم منها المنع

الرواية الثانية: ما رواه السيد في الاقبال قال: روى محمد بن أبي قرة بإسناده عن الصادق (عليه‌السلام)، أنه سئل عن صلاة الأضحى والفطر، فقال : ((صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة))[2]

فيقال بأنّ دلالتها على مشروعية الجماعة في صلاة العيدين واضحة

ونحوها مرسلة عبد الله بن المغيرة، عن بعض أصحابنا قال: سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن صلاة الفطر والأضحى؟ فقال : ((صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة وكبر سبعاً وخمساً))[3]

وتتميم الاستدلال بها هو التمسك بإطلاق الرواية لزمان الغيبة

ويرد على الاستدلال بهما -مضافاً للضعف السندي، فإنّ سند ابن أبي قرة للإمام ليس واضحاً- أنّه يمكن أن يتأمل في الدلالة باعتبار أنّ الرواية ليست مسوقة لبيان مشروعية الجماعة في صلاة العيدين، وإنّما هي مسوقة لبيان عدد ركعات صلاة العيدين وأنّهما ركعتان على كلا التقديرين في جماعة او في غير جماعة، في قبال الرواية القائلة صلهما أربع ركعات، فلا إطلاق فيهما من جهة مشروعية الجماعة في صلاة العيدين لأنّ المتكلم ليس في مقام بيان من هذه الجهة

الرواية الثالثة: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه‌السلام)، أنه قال في صلاة العيدين: ((إذا كان القوم خمسة أو سبعة فانهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة، وقال: تقنت في الركعة الثانية، قال: قلت: يجوز بغير عمامة؟ قال: نعم، والعمامة أحب إليّ))[4]

قالوا بأنّ فيها دلالة على المشروعية باعتبار أنّها ظاهرة في أنّه إذا تحقق العدد المعتبر يجتمعون حينئذ، وهي شاملة لمحل الكلام بالإطلاق

ودلالتها لا بأس بها لولا أنّ مسألة اشتراط العدد في الجماعة إنّما هو ثابت في الصلاة الواجبة، واما إذا كانت صلاة العيد مستحبة فلا يشترط العدد فيها، والظاهر أنّ هذا مسلم عندهم، فقد يجعل اشتراط العدد فيها قرينة على انها ناظرة الى الجماعة الواجبة

الدليل الثالث: ما نقل عن جماعة من أنّهم ادعوا استقرار سيرة جمهور الامامية على الاتيان بصلاة العيدين جماعة

فقد نقل عن القطب الراوندي أنّ عمل جمهور الامامية على أنهم يصلون صلاة العيدين جماعة، وعملهم حجة

فاذا فرضنا أنّ مقصوده قيام سيرة المتشرعة على هذا الشيء فيمكن تتميم هذا الدليل، ويكون عملهم حجة لأنها سيرة متشرعة فلا بد أن تكون متلقاة من قبل الحجة

وقد ادعى الحلي في السرائر والعلامة في المختلف الاجماع على ذلك، واكتفى السيد في الرياض به بعد مناقشة الأدلة المتقدمة

ويلاحظ عليه إنّه ثبت ذهاب جماعة الى المنع وعدم المشروعية في زمان الغيبة كما هو المحكي كثيراً عن الشيخ المفيد في المقنعة وعن الشيخ الطوسي في جملة من كتبه كالتهذيب والمبسوط والمصباح والاقتصاد وعن المرتضى في المسائل الناصرية وجمل العلم والعمل وعن ابي الصلاح الحلبي

وهؤلاء رؤساء المذهب وزعماء الطائفة فمن البعيد جداً أن يرون عدم مشروعية الجماعة في صلاة العيدين، ومع ذلك يقوم إجماع عملي أو قولي على صلاة العيدين جماعة

ولعل هذه كلّ الأدلة التي استدل بها على المشروعية، ومنه يظهر أنّه لم يتم واحد من الأدلة بحيث يمكن الركون اليه، بل إنّ القائلون بالمنع استدلوا بروايات على ذلك

ونحن يكفينا عدم ثبوت المشروعية بدليل والأصل يقتضي عدم المشروعية، فالاحتياط يقتضي أن تصلى فرادى


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo