< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/11/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة الجماعة

(مسألة1): تجب الجماعة في الجمعة وتشترط في صحتها، وكذا العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب (1)، وكذا إذا ضاق الوقت عن تعلم القراءة لمن لا يحسنها مع قدرته على التعلم، وأما إذا كان عاجزا عنه أصلا فلا يجب عليه حضور الجماعة وإن كان أحوط (2)، وقد تجب بالنذر والعهد واليمين، ولكن لو خالف صحت الصلاة وإن كان متعمدا ووجبت حينئذ عليه الكفارة (3)، والظاهر وجوبها أيضا إذا كان ترك الوسواس موقوفا عليها (4) وكذا إذا ضاق الوقت عن إدراك الركعة بأن كان هناك إمام في حال الركوع بل وكذا إذا كان بطيئا في القراءة في ضيق الوقت، بل لا يبعد وجوبها بأمر أحد الوالدين

3-قلنا إنّ وجوب الكفارة تابع لحنث النذر، وانما الكلام في أنّه متى يتحقق الحنث؟ فهل يتحقق بمجرد أن يصلي فرادى او أنّه يتوقف على فوات محل الصلاة جماعة فيحتاج الى أن يخرج الوقت وهو لم يصلّ جماعة

ذكر السيد الخوئي (قده)[1] أنّه إذا قلنا في البحث الاول بصحة الصلاة فرادى نلتزم هنا بالحنث بمجرد أن يصلي فرادى

وأما إذا قلنا بالبطلان في ذلك البحث فيمكن أن نقول هنا لا يتحقق الحنث بمجرد الاتيان بالصلاة فرادى

وعلّله بأنّه إن جاء بالصلاة الصحيحة تحقق الامتثال بها، وهو مستتبع لسقوط الأمر بتحقق الغرض فلا معنى لأن يأتي بها جماعة مرة أخرى، فيفوت المحل وحينئذ نقول بأنّه يتحقق الحنث وتجب عليه الكفارة

وأمّا إذا قلنا بالبطلان فوجودها بحكم العدم، والوقت باقي وبإمكانه أن يصلي جماعة فاذا لم يصليها الى أن فات وقتها يتحقق الحنث عندئذ، فلا بد من التفصيل

ويبدو أنّ ما ذكره صحيح

نعم، قد يشكل عليه بما أشرنا اليه من أنّه كأنّه مبني على عدم جواز تبديل الامتثال بالامتثال، والا فلا مانع من الاتيان بفرد آخر حتى إذا حكمنا بصحة ما جاء به لأن الحكم بصحة الصلاة فرادى لا يعني الا تحقق الامتثال بها وبناء على جواز تبديل الامتثال، لا مانع من الاتيان بفرد آخر يتحقق به الامتثال

وجوابه إنّ البحث عن مسألة جواز تبديل الامتثال -كما ذكروه- إنما يجري في الموارد التي لا يكون الإتيان بالفعل علّة تامة لحصول الغرض من الأمر، وأمّا في الموارد التي يكون الاتيان بالفعل علّة تامة لحصول الغرض فأتفقوا على عدم جواز التبديل

ومثلوا للأول بما إذا كان غرضان يترتبان على الإتيان بالمأمور به، غرض أدنى وغرض أقصى كما لو أمر المولى عبده بالإتيان بالماء والغرض الادنى هو تمكين المولى من أن يشرب الماء ويرفع عطشه والغرض الأقصى هو رفع العطش، ففعل العبد واتيانه بالماء ليس علة تامة لتحقيق الغرض الأقصى لتوسط فعل المولى بين فعل العبد وتحقق الغرض

فاذا فرضنا أنّ الغرض من إحضار الماء هو رفع العطش لا يكون فعل العبد علة تامة له

وفي هذا المورد قالوا بإمكان تبديل الامتثال بالامتثال ما دام الغرض الاقصى لم يحصل بعد، ومن يقول بالجواز قال به هنا

واما إذا فرضنا أنّ فعل العبد علة تامة لحصول الغرض من الأمر فقالوا لا يجري البحث هنا ولا بد من الالتزام بعدم جواز تبديل الامتثال بالامتثال لأنه بعد حصول الغرض وتحقق الامتثال يسقط الأمر، فلا معنى لأن يقال بأنّه يمكن أن يأتي بفرد آخر يتحقق به الامتثال، لأن الامتثال فرع الأمر

والظاهر أنّ محل الكلام يدخل في القسم الثاني أي الموارد التي يكون الاتيان بالفعل فيها علة تامة لتحقق الغرض، وبعد تحقق الغرض يسقط الأمر بناء على أنّ الأمر تابع لتحقق الغرض سقوطاً وبقاء

وفي المقابل يحتمل أنّ سقوط الأمر لا يدور مدار تحقق غرض المولى وعدم تحققه وإنما هو يدور مدار امثال المكلف وعدمه

فاذا صدق أنّ العبد امتثل الأمر يسقط الأمر وإذا لم يمتثل الأمر يبقى الأمر، وفي محل الكلام حين صلى وحكمنا بصحة صلاته ومعنى الحكم بصحة صلاته تحقق الامتثال بها فيسقط الأمر فلا مجال للإتيان بفرد آخر فيصح أن نقول بأنّ الحنث يتحقق بمجرد الصلاة فرادى

ومن هنا يظهر بأن الصحيح في هذا الفرع هو أنّه إذا خالف صحت صلاته ويتحقق الحنث بالصلاة فرادى وتجب عليه الكفارة كما هو ظاهر عبارة السيد الماتن (قده)

تنبيهات:

الأول: قلنا بأنّه لا دليل يدل على أنّ الصلاة جماعة هي أحد فردي الواجب التخييري

وانما بإمكان المكلف أن يسقط عنه بعض ما يجب عليه في الصلاة بالصلاة جماعة كوجوب القراءة

فالمأمور به هو طبيعي الصلاة وله افراد طولية وافراد عرضية والتخيير بين الافراد الطولية والعرضية تخيير عقلي

والصلاة جماعة تسقط وجوب القراءة عنه، فبإمكانه أن لا يأتي بالقراءة عن طريق الصلاة جماعة فلا يقرأ وتصح منه الصلاة

الثاني: قلنا إن وجوب الوفاء بالنذر الذي ينتج وجوب الصلاة جماعة لا يقيد إطلاق الأمر بالصلاة،

والمقصود أن الأمر بالوفاء بالنذر هل يوجب اختصاص ذاك الأمر بالصلاة جماعة او لا؟، لا أن المقصود أنّ الأمر بالصلاة له إطلاق يشمل الصلاة جماعة، وقلنا إنّ الوجوب نفسي لا شرطي، فييبقى الأمر على حاله وهو شامل للصلاة فرادى

الثالث: طرحنا مسألة الترتب وقلنا انه لا منافاة بين وجوب الصلاة جماعة الناشئ من وجوب الوفاء بالنذر وبين الأمر بالصلاة مطلقاً

وقلنا بإمكان تصحيح الصلاة فرادى بهذا الأمر وإن كان آثما بترك الصلاة جماعة

ولو قلنا بالمنافاة بين الأمرين فغاية ما يثبت بذلك هو عدم شمول الأمر بالصلاة للصلاة فرادى، وهنا قلنا يمكن تصحيح الصلاة فرادى بالأمر الترتبي فالواجب عليه هو الصلاة جماعة فإن عصاه تجب الصلاة فرادى عليه

إن قيل بأن الترتب مخصوص بموارد التزاحم كما في مسألة التزاحم بين الصلاة والإزالة او انقاذ الغريقين فيؤمر بالأهم فإن عصى الأمر بالأهم يؤمر بالمهم

والظاهر أنّ النكتة في الترتب أن لا يكون الأمر شاملاً لفرد بسبب شموله لفرد آخر لأيّ سبب كان

والأمر في محل الكلام يشمل الصلاة فرادى، ولكن باعتبار أن وجوب الوفاء وجوب شرطي خرجت الصلاة فرادى عن الأمر بسبب اختصاصه بالصلاة جماعة ولا مانع من الالتزام بأنّ الأمر يتعلق بالصلاة فرادى عند عصيان الصلاة جماعة

4-المورد الرابع: لو توقف ترك الوسواس على الصلاة الجماعة

كأن المفروض في المقام حرمة الوسواس اما بتمام مراتبه او بمراتبه العليا

فاذا كان ترك الحرام موقوف على الصلاة جماعة فتجب تخلصاً من الحرام

فلا بد ان نفرغ عن حرمة الوسواس في خصوص الصلاة لا في غيرها

والالتزام بحرمة الوسوسة غير واضح


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo