< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/10/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: صلاة الجماعة

قال السيد (قده) في العروة: فصل في الجماعة

وهي من المستحبات الأكيدة في جميع الفرائض (1)، خصوصا اليومية منها وخصوصا في الأدائية، ولا سيما في الصبح والعشاءين وخصوصا لجيران المسجد أو من يسمع النداء، وقد ورد في فضلها وذم تاركها من ضروب التأكيدات ما كان يلحقها بالواجبات، ففي الصحيح: الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذ أي الفرد بأربع وعشرين درجة

1-ذكرنا تقريب السيد الحكيم[1] (قده) لتقريب الاستدلال بصحيحة زرارة والفضيل على إثبات المشروعية وأنّه فارغ عن المشروعية -وهو وإن ساقه مساق الاشكال على دعوى أن مفاد الحديث هو سلب العموم لا عموم السلب- فبناء على سلب العموم يكون معنى الحديث أن صلاة الجماعة ليست مفروضة في كل الصلوات ويستفاد منه أنها مفروضة في البعض فحين يقول لكنها سنة يثبت أنها سنة في المورد الذي ليس بفرض

ويمكن التأمل بهذا التقريب من جهة أنه لا ملازمة بين سلب العموم وبين فرض الجماعة في بعض لصلوات، فإن معنى سلب العموم أنّ جميع الصلوات لم تفرض فيها الجماعة وثبوت الجماعة في بعض الصلوات لا يكون منافياً له، بخلاف عموم السلب فان ثبوتها في البعض يكون منافياً له

وبناء على هذا نقول لم يثبت أنّ بعض الصلوات فرض فيها الجماعة الا ما دلّ عليه الدليل بالخصوص ويكون قوله (لكنها سنة) يثبت السنة في نفس ما نفي عنه وجوب الجماعة وهي الصلوات في الجملة، وثبوت أن الجماعة سنة في الصلوات في الجملة لا ينافي أن تكون الجماعة في بعض الصلوات غير مشروعة

وأما التقريب الاول وهو استفادة المشروعية من السؤال، فإنّ السؤال وقع عن الوجوب وهو لا يكون الا بعد الفراغ عن المشروعية، والا فلو احتمل الحرمة لكان المناسب أن يسأل عن الجواز والمشروعية

وقلنا لا يكون الفراغ عن المشروعية في الجميع لأنه يكفي الفراغ عن المشروعية في الجملة لتصحيح السؤال

وأما صحيحة هشام بن سالم (ان شاء) التي استدل بها على التخيير بين جعلها الفائتة وجعلها الفريضة

وقلنا ليس واضحاً أنّ التخيير بين هذين، فلعل التخيير بين أن يصلي وأن لا يصلي، وبعض الروايات تصرح بهذا المعنى

وهذا مبني على أن نجعل قوله (إن شاء) قيداً لقوله (يصلي معهم)

ويحتمل أن نجعل (إن شاء) قيداً ل(يجعلها الفريضة) أي هو مخير بين أن يجعلها الفريضة او يجعلها الفائتة او يجعلها نافلة كما في بعض الروايات حيث قال (يجعلها تسبيحاً)

والنتيجة إنه لا دليل على تعين الاحتمال الذي بني عليه الاستدلال

والخلاصة: قلنا ان ما استدل به على مشروعية الصلاة القضائية لا ينهض لإثبات المشروعية في الموارد الثلاث المتقدمة وهي ائتمام القاضي بالمؤدي وائتمام القاضي بالقاضي وائتمام المؤدي بالقاضي، لأنّ الروايات التامة سنداً تدل على مشروعية ائتمام القاضي بالمؤدي كما في موثقة اسحاق بن عمار

واما جواز ائتمام القاضي بالقاضي فما يدلّ عليه هو رواية الشهيد في الذكرى فقط، وهي غير تامة سنداً

ولا دليل يدلّ بالخصوص على ائتمام المؤدي بالقاضي، وقلنا بأن الأصل عند الشك في مشروعية الجماعة هو عدم المشروعية

هذا بقطع النظر عن الفتاوي والمطلقات، أما بلحاظ الفتاوى فظاهرهم الاتفاق على المشروعية مطلقاً، وفي عباراتهم لم يذكروا في ما يعتبر في صحة الجماعة الا الاتحاد في النوع

وقد استدل بصحيحة الفضيل وزرارة على مشروعية الجماعة في الصلوات القضائية مطلقاً بناء على عموم السلب فيها، ولم نقبله،

وهناك اشكال آخر على الاستدلال بالرواية فلو تنزلنا وقلنا بأن مفادها عموم السلب فهو يجعلها بنحو العام الافرادي هو قال انها ليست مفروضة في الصلوات كلها أي أنها ليست مفروضة في كل صلاة صلاة، فنسلم أنها تشمل جميع أفراد الصلاة وحيث أن الصلاة القضائية من افراد الصلاة يثبت فيها الجماعة

ولكن جعل الرواية شاملة لأحوال الصلاة القضائية كإئتمام المؤدي بالقاضي والقاضي بالقاضي يحتاج الى بيان آخر بأن نلتزم بأن الرواية مطلقة من ناحية هذه لحالات

واستدلوا بمسألة تبعية القضاء للأداء، وتقدم مناقشته

وتبين من هذا أنه لا دليل خاص على جواز الائتمام في هذين الموردين

وفي المقابل تمسك بإطلاق على ما دلّ على استحباب الصلاة جماعة وهي روايات كثيرة بألسنة مختلفة

منها صحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ((الصلاة في جماعة تفضل على كلّ صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة ، تكون خمسة وعشرين صلاة))[2]

ومنها صحيحة زرارة ، قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : ما يروي الناس: ((إنَّ الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين صلاة ؟ فقال : صدقوا))[3] ، ومقتضى اطلاقها هو شمولها لكل صلاة سواء كانت أدائية او لا، بل حتى لو لم تكن يومية

ونوقش فيه بأنه منصرف الى الصلاة الأدائية اليومية ولم يستبعده بعض الفقهاء، ولكن الظاهر أنّ منشأه غلبة الوجود وهو لا يصحح الانصراف وانما الذي يمنع من الاطلاق هو كثرة الاستعمال وليست واضحة في المقام

والى هنا يمكن تتميم ما أفتى به الفقهاء من مشروعية الجماعة في كل الموارد بالتمسك بهذا الاطلاق

وتمسك السيد الخوئي (قده) بالإجماع المركب فلا قائل من الفقهاء بالتفكيك بين القول بالمشروعية في ائتمام القاضي بالمؤدي ومشروعية ائتمام القاضي بالقاضي والمؤدي بالقاضي فكل من يلتزم بالمشروعية يلتزم بالمشروعية فيهما معاً ومن يلتزم بعدم المشروعية يلتزم به في الموردين، والتفريق بينهما لا قائل به


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo