< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/08/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات

 

(مسألة 783): المعادن على نوعين: الأول:المعادن الظاهرة، وهي الموجودة على سطح الأرض، فلا يحتاج استخراجها إلى مؤنة عمل خارجي، وذلك كالملح والقير والكبريت والموميا والفيروزج وما شاكل ذلك.
الثاني:المعادن الباطنة وهي التي يتوقف استخراجها على الحفر والعمل، و ذلك كالذهب والفضة (1)

(أما الأولى) فهي تملك بالحيازة، فمن حاز منها شيئا ملك قليلا كان أو كثيرا، وبقي الباقي على الاشتراك.

و(أما الثانية) فهي تملك بالإحياء بعد الوصول إليها وظهورها: وأما إذا حفر، ولم يبلغ نيلها، فهو يفيد فائدة التحجير.

1- ذكرنا ثلاثة أقوال في المسألة

والقول الرابع: التفصيل بين المعادن الظاهرة فليست من الانفال بل هي من المشتركات والناس فيها شرع سواء والباطنة فهي من لانفال وهو ظاهر الشيخ في المبسوط[1] ، والمحقق في الشرائع

وقد استدل للقول الاول بموثقة اسحاق بن عمار المتقدمة

وبيّنا القرائن التي قد يدعى إمكان الاستناد اليها لترجيح رجوع الضمير في (منها) الى الانفال وانتهى الكلام الى

القرينة الرابعة: أن يقال بأن ارجاع الضمير الى الارض يعني أن العبارة تكون اخباراً عن المعادن الموجودة في الاراضي التي هي من الانفال بأنها من الانفال، وهذا أشبه بتوضيح الواضحات

ولا يلزم هذا المحذور لو أرجعنا الضمير للانفال لأن قوله (منها) يكون هو الخبر وفيه بيان حكم شرعي وهو أن المعادن من الانفال

فإن الارض اذا كانت من الانفال فكل ما فيها يكون كذلك لا محالة، ولا يحتمل غير ذلك،

نعم، اذا كانت الارض مملوكة لشخص فليس واضحاً أن تكون المعادن فيها تابعة له فمن الممكن أن يقال هل هي ملك له او ليست ملكاً له؟

القرينة الخامسة: إن عود الضمير الى الارض يستلزم أن يكون قوله (منها) حالاً من المعادن

فيكون معنى العبارة أن المعادن حال كونها من الارض من الانفال وهذا بعيد؛ لأن كون المعادن من الارض أمراً ثابتاً مستقراً لا ينفك عن المعادن، ويعتبر في الحال أن يكون أمراً طارءاً

واما احتمال أن يكون (منها) خبراً للمعادن مع عود الضمير الى الارض فأبعد؛ لأنه لا معنى لأن يتصدى الشارع لبيان أن المعادن من الارض، وهي قضية طبيعية وليس من شأن الامام أن يبين قضية طبيعية جغرافية

والمتعين على هذا أن يكون (منها) خبراً مع إرجاع الضمير فيها الى الانفال

وبناء على هذه القرائن يرجح أن يكون الضمير راجعاً الى الانفال، فيتم الاستدلال بالرواية

الرواية الثانية: رواية أبي بصير عن أبي جعفر (عليه ‌السلام) قال : ((لنا الأنفال، قلت: وما الأنفال؟ قال: منها المعادن والآجام، وكلّ أرض لا ربّ لها، وكلّ أرض باد أهلها فهو لنا))[2] فذكر المعادن مطلقاً وحكم بأنها من الانفال

الرواية الثالثة: رواية داود بن فرقد وعن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) ـ في حديث ـ قال : قلت : وما الأنفال ؟ قال: ((بطون الأودية، ورؤوس الجبال، والآجام، والمعادن، وكلّ أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، وكلّ أرض ميتة قد جلا أهلها، وقطائع الملوك))[3] وذكرت المعادن مطلقة وأنها من الانفال

الرواية الرابعة: معتبرة أبي سيّار مسمع بن عبد الملك ـ في حديث ـ قال : قلت لأبي عبد الله (عليه ‌السلام): إنّي كنت وليت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم ، وقد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم ، وكرهت أن أحبسها عنك وأعرض لها وهي حقّك الذي جعل الله تعالى لك في أموالنا ، فقال : ((ومالنا من الأرض وما أخرج الله منها إلاّ الخمس ؟! يا أبا سيّار ، الأرض كلّها لنا ، فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا))[4]

وهذا ينطبق على المعادن فإن الله أخرجها من الارض سواء كانت ظاهرة او باطنة، ويمكن تعميمها الى كل ما يخرج من الارض

وهناك إعتراضات أثيرت على القول الاول:

الاعتراض الاول: إن الالتزام بأن المعادن مطلقاً من الانفال يقتضي اختصاص حقّ خمسها به (عليه السلام) لأنه ماله لا أنه كسائر اقسام الخمس يوزع على الاصناف الستة، فليس حاله حال الخمس في الفوائد

وهذا مبني على مسألة تقسيم الخمس الى قسمين وهو ما يعبر عنه بسهم السادة وسهم الامام (عليه السلام)

واما بناء على القول بأن الخمس أمر وحداني وكله للامام (عليه السلام) فلا يتم هذا الاعتراض

نعم، اكراما للسادة واكراما للرسول (صلى الله عليه واله) يقوم الامام او من ينوب عنه بسد حاجاتهم من الخمس الذي هو للامام (عليه السلام) فالسادة مصرف من مصارف هذا السهم المبارك

فالسادة يستحقون أن يصرف عليهم من سهم الامام (عليه السلام)، وعلى هذا لا يأتي الاعتراض

الاعتراض الثاني: إن هذا القول يقتضي ملكية الامام (عليه السلام) للمعدن كله لو أخرج في حال حضوره (عليه السلام) مع عدم إذنه وهذا خلاف ظاهر الروايات التي تأمر من يستخرج المعدن بأن يدفع الخمس ويتصرف في أربعة أخماسه

وجوابه إنه ليس في أخبار المعادن ما يدلّ على خلاف ذلك وانما هي تدلّ على تعلق الخمس بالمعادن وتقدم أنه بعد ثبوت أن المعادن من الانفال مع وضوح كون الانفال للامام (عليه السلام) يتعين حمل الأخبار على إذن الامام بتملك المخرج لأربعة أخماس ما يستخرجه من المعدن، ومقتضى الاطلاق أنه لا فرق بين حال الحضور وحال الغيبة في ثبوت ذلك الإذن فإن الإذن في استخراج المعادن عام

نعم، اذا فرضنا في مورد من الموارد أن أحدهم تصرف من دون إذن لا خاص ولا عام فما يخرجه كلّه للامام (عليه السلام) وهو على القاعدة

الاعتراض الثالث: إنه يقتضي حصر هذا الحكم في زمن الغيبة بمَن حُلّل لهم من الشيعة فما أخرج من قبل غيرهم فكلّه للامام (عليه السلام) وهذا لا قائل به

وجوابه إن حصر الإذن والتحليل بجماعة دون جماعة بحاجة الى دليل

والحكم بتحليل الاربعة أخماس في محل الكلام ليس مستنداً الى أخبار التحليل، وانما مستنده هو الدليل الدال على وجوب الخمس في المعدن بضميمة ما دلّ على أنها من الانفال وأنها ملك للامام (عليه السلام)

وليس في هذه الأدلة ما يدل على التقييد بالشيعي، ومقتضى اطلاقها وجوب الخمس على مخرج المعدن وإن لم يكن شيعياً


[1] المبسوط، ج3، ص374.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo