< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات

 

(مسألة 783): المعادن على نوعين: الأول:المعادن الظاهرة، وهي الموجودة على سطح الأرض، فلا يحتاج استخراجها إلى مؤنة عمل خارجي، وذلك كالملح والقير والكبريت والموميا والفيروزج وما شاكل ذلك.
الثاني:المعادن الباطنة وهي التي يتوقف استخراجها على الحفر والعمل، و ذلك كالذهب والفضة (1)

(أما الأولى) فهي تملك بالحيازة، فمن حاز منها شيئا ملك قليلا كان أو كثيرا، وبقي الباقي على الاشتراك.

و(أما الثانية) فهي تملك بالإحياء بعد الوصول إليها وظهورها: وأما إذا حفر، ولم يبلغ نيلها، فهو يفيد فائدة التحجير.

تنبيه: رواية محمد بن عبد الله التي توقفنا فيها باعتبار أن من يروي عنه البزنطي مشترك بين أشخاص كثيرين وبعضهم نصّ على ضعفه والتوثيق برواية البزنطي عنه انما يتم لو كان الشخص مجهولاً لا منصوصاً على ضعفه

وهناك محاولة لمراجعة العناوين التي يتردد بينها محمد بن عبد الله وتنتج أن المناسب للمسمى بمحمد بن عبد الله في هذه الطبقة بأن يروي عن الامام الرضا (عليه السلام) ويروي عنه البزنطي كلهم من المجاهيل فيمكن توثيقه برواية البزنطي عنه، فاذا تمت هذه المحاولة فهو، والا فحتى لو فرضنا عدم استطاعتنا التشخيص واحتملنا أن يكون أحد المضعفين فالظاهر أن هذا لا يمنع من العمل بهذا التوثيق، وعلى هذا الأساس يعملون بمراسيل ابن ابي عمير، فلعل من أرسل عنه مضعّفاً ولكن لا يعتنون بهذا الاحتمال ويعملون بروايته

1-انتهى الكلام الى تحقيق أن المعادن من الانفال او لا

واذا كانت من الانفال فهي للامام (عليه السلام) وحينئذ قد يستشكل في ما ذكروه من الأحكام بأنها إن كانت ظاهرة فهي من المشتركات التي تملك بالحيازة وإن كانت باطنة فتملك بالاحياء

فإذا قلنا بأنها من الانفال فلا بد أن نتقيد بذلك، فلا يجوز التصرف فيها وأخذها الا أن يأذن الامام (عليه السلام) بذلك فلا بد من مراجعة الروايات لنرى هل يوجد إذن في التصرف في الانفال او أن الإذن محدود بموارد معينة

مثلا الاذن في إحياء الارض الموات هل يشمل إحياء المعادن او لا؟

وحتى المعادن الظاهرة فبناء على أنها من الانفال فهي ليست من المباحات العامة وانما هي ملك للامام (عليه السلام) ولا بد أن نرى هل أذن الامام بذلك او لا

وتقدم هذا البحث في كتاب الانفال، وخلاصتة: أن هناك ثلاثة آراء في المقام

الرأي الأول: أن المعادن من الانفال مطلقاً ونقل هذا عن الشيخ الكليني في الكافي والطوسي والديلمي والقاضي وعن الكفاية والذخيرة وكشف اللثام

الرأي الثاني: إنها ليست من الانفال مطلقاً بل هي من المباحات، كما عن المحقق في النافع والشهيد في البيان، وفي الدروس نسبته الى الأشهر، وفي الجواهر أنه المشهور نقلاً وتحصيلاً

الرأي الثالث: إن المعادن تابعة للارض التي هي فيها فإن كانت من الانفال كالارض الموات والخربة والتي انجلى عنها أهلها ورؤوس الجبل والارض التي لا ربّ لها كانت منها، والا فلا تكون من الأنفال، ونقل عن ابن ادريس في السرائر، والعلامة في منتهى المطلب

وقد أشرنا في بحث خمس المعادن الى جواب سؤال كيفية إمكان الجمع بين كون المعادن من الانفال وبين وجوب الخمس فيها، باعتبار أنه لا معنى لأن يقال للشخص الذي هو ليس مالكاً للمعدن أنه يجب عليك أن تدفع الخمس

وعلى كل حال فعمدة ما يستدل به على القول الأول روايات

اهمها موثقة إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الأنفال ؟ فقال : ((هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول، وما كان للملوك فهو للإِمام، وما كان من الأرض بخربة لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وكل أرض لا ربّ لها، والمعادن منها، ومن مات وليس له مولى فماله من الأنفال))[1]

وسندها تام وإن كانت موثقة، والاستدلال بها مبني على التسليم بأمرين:

الأمر الأول: أن يكون الموجود في الرواية لفظ (والمعادن منها) لا (فيها)، لأن بعض العلماء ذكر أن الموجود في نسخة من تفسير علي بن ابراهيم (والمعادن فيها)

الأمر الثاني: إرجاع الضمير في (منها) الى الانفال

واعترض على الاستدلال بالرواية باعتراضات

الاعتراض الاول: إن هناك نسخة منقولة من تفسير علي بن ابراهيم بلفظ (فيها) بدلا من (منها)

وعلى هذا يكون المعنى المعادن في الارض التي لا ربّ لها أي المعادن التي في الارض التي هي من الانفال فهي من الانفال فتدل الرواية على التفصيل المذكور في القول الثالث

وقد يجاب عنه بأن الموجود في التفسير المطبوع، وفي الوسائل وجامع أحاديث الشيعة كلاهما نقلاً عن التفسير، وبعض كتب الاستدلال كالحدائق وغيرها هو (منها)

نعم، أثار هذا التشكيك السيد الطباطبائي في الرياض وصاحبي الجواهر ومصباح الفقيه

فالجواب انه لم يثبت هذا بشكل واضح خصوصاً مع احتمال أن الاخيرين اعتمدا على صاحب الرياض، فليس معلوماً أنّ كلّ واحد منهما اعتمد على نسخة من التفسير

فمع كون مصدرهم واحداً، ونسخ التفسير الكثيرة متفقة على أن الموجود لفظ (منها) نحتمل أن ما ذكر اشتباه من الناسخ او غيره

ومن هنا قد يقال بأن اتفاق النسخ على أن الموجود منها قد يكون مرجحاً يبنى عليه ويحمل ما ذكره السيد في الرياض على التصحيف وأمثاله

الاعتراض الثاني: إنه لا يمكن الاستدلال بالرواية باعتبار أنه ليس من المناسب إرجاع الضمير في (منها) الى الانفال

باعتبار أن الرواية صرحت بالانفال أخيراً في من مات وليس له مولى، واكتفت بالضمير في المعادن

والمناسب لو كان الضمير في (منها) يعود الى الانفال التصريح بالانفال في المعادن، وارجاع الضمير اليها في من مات ولم يكن له مولى

بخلاف ما لو أرجعنا الضمير في منها الى الارض فلا مشكلة فإن قرب الارض من الضمير مرجح لأن يعود الضمير الى الارض لا الى الانفال

وليس من المناسب جعل الانفال ضميراً في المعادن والتصريح به في من مات ولم يكن له مولى، بل المناسب هو العكس،

وليس كذلك لو كان الضمير يعود الى الارض

والحاصل إن سياق الرواية يؤيد ارجاع الضمير الى الانفال باعتبار عدة قرائن

القرينة الاولى: إن الرواية ألحقت بكل واحد من المصاديق المذكورة حكمه وأنه من الأنفال، كما في المصداق الاول والثاني، وفي المصداق الأخير صرحت بأنه من الانفال

وهذا يناسب أن تكون الارض الخربة والتي لا رب لها والتي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب والمعادن كذلك أي يلحق بها خبر يفيد أنها من الانفال، ولم يذكر بعدها الا قوله (منها) فلا بد أن يكون المراد منه ذكر حكمها، وهو انما يكون بإرجاع الضمير في (منها) الى الأنفال

القرينة الثانية: إنه يلزم من ارجاع الضمير في قوله (منها) الى الارض أن تكون الموضوعات المتعاطفة بلا محمول، لأن لفظة (منها) حينئذ لا تصلح أن تكون خبراً لها بل هي اشبه بالحال

كما أن قوله في ذيلها (فماله من الانفال) لا يصلح أن يكون خبراً لتلك الجمل لأنه لم يذكر فيها مال شخص حتى يخبر عنه بأنه من الانفال، بل هي تكون من الانفال

القرينة الثالثة: إن الضمير لو كان راجعاً الى الارض لكان اللازم تثنيته بأن يقال والمعادن منهما لأنه ذكر أرضين، الارض الخربة والارض التي لا ربّ لها، ولا فرق بينهما لأن كلاً منهما للامام (عليه السلام)، وهذا يرجح أن يكون الضمير عائداً الى الانفال لا الى الارض


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo