< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/08/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات


(مسألة 782): يحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل،و في الزرع إلى الشراك، ثم كذلك لمن هو دونه، وليس لصاحب النهر تحويله إلا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه باذنه، وكذا غير الرحى أيضا من الأشجار المغروسة على حافتيه وغيرها وليس لأحد أن يحمي المرعى و يمنع غيره عن رعي مواشيه إلا أن يكون المرعى ملكا له فيجوز له أن يحميه حينئذ (1).

(مسألة 783): المعادن على نوعين: الأول:المعادن الظاهرة، وهي الموجودة على سطح الأرض، فلا يحتاج استخراجها إلى مؤنة عمل خارجي، وذلك كالملح والقير والكبريت والموميا والفيروزج وما شاكل ذلك.
الثاني:المعادن الباطنة وهي التي يتوقف استخراجها على الحفر والعمل، و ذلك كالذهب والفضة (2)

(أما الأولى) فهي تملك بالحيازة، فمن حاز منها شيئا ملك قليلا كان أو كثيرا، وبقي الباقي على الاشتراك.

و(أما الثانية) فهي تملك بالإحياء بعد الوصول إليها وظهورها: وأما إذا حفر، ولم يبلغ نيلها، فهو يفيد فائدة التحجير.

1- قلنا إنّ هذا على طبق القواعد، فإنه إن كان ملكه فبإمكانه أن يحميه ويمنع غيره، واما اذ لم يكن ملكه فليس من حقه أن يحمي المرعى باعتبار أنه من المشتركات التي ينتفع بها كل الناس، والناس فيه شركاء خصوصاً مع ورود حديث ((الناس شركاء في ثلاث النار ، والماء والكلأ))[1]

ومع ذلك توجد روايتان في المقام

الرواية الاولى: معتبرة إدريس بن زيد -وهو وإن كان مجهولاً الا أنه يكفي في وثاقته رواية البزنطي عنه بسند صحيح كما في هذه الرواية- عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته وقلت: جعلت فداك إنّ لنا ضياعاً ولها حدود ولنا الدواب وفيها مراعي ، وللرجل منّا غنم وإبل ويحتاج إلى تلك المراعي لإِبله وغنمه، أيحلّ له أن يحمي المراعي لحاجته إليها؟ فقال: ((إذا كانت الأرض أرضه فله أن يحمي ويصير ذلك إلى ما يحتاج إليه،

قال: وقلت له: الرجل يبيع المراعي، فقال: إذا كانت الأرض أرضه فلا بأس))[2]

الرواية الثانية: رواية محمد بن عبدالله قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن الرجل تكون له الضيعة، وتكون لها حدود، تبلغ حدودها عشرين ميلاً (أو أقلّ أو أكثر) يأتيه الرجل فيقول: أعطني من مراعي ضيعتك، وأعطيك كذا وكذا درهماً، فقال: ((إذا كانت الضيعة له فلا بأس))[3]

واذا كانت الضيعة من جملة الحقوق الثابتة له فله أن يمنع الآخرين من الانتفاع منها

وراويها محمد بن عبد الله مردد بين أشخاص كثيرين بعضهم منصوص على ضعفه، ونحن إنما نقول بوثاقة من روى عنه أحد المشايخ الثلاثة اذا لم يعارض ذلك بالتضعيف، فلا يمكن الاستفادة من القاعدة في المقام الا إذا قلنا بأن هذا من المجهولين، فيكفي رواية البزنطي عنه

2-تقسيم المعادن الى الظاهرة والباطنة والتفرقة بينهما في الاحكام متعارف بين الفقهاء

فالمعادن الظاهرة تملك بالحيازة وهي من المشتركات فمن حاز شيئاً منها ملكه ويبقى الباقي على الاشتراك

واما المعادن الباطنة فتملك بالإحياء، واحياؤها يكون بحفرها والوصول الى نيلها والمراد به المكان الذي يستقر فيه المعدن

ومقتضى بعض الكلمات أنه لا يفرق بين كون المعدن في أرض مملوكة له او في أرض موات او أرض مأخوذة عنوة ما دام قد أحياه ووصل الى نيله

هذا اذا قلنا بالتملك بالاحياء، واما اذا لم نقل بذلك فيثبت له حق الاختصاص

ويستفاد من تعريف الفقهاء للقسمين أنهم لم يتفقوا على معيار معين للتمييز بينهما

المعيار الاول: ما ذهب اليه البعض من جعل المعيار يكمن في نفس الارض، فاذا كان المعدن موجوداً على ظاهر الارض فهو ظاهر واذا كان موجوداً في باطن الارض فهو باطن، ولعل هذا هو المتبادر الى الذهن من اطلاق معدن ظاهر ومعدن باطن

فالمعدن الموجود على سطح الارض يلحقه حكم الظاهر سواء كان الوصول الى جوهره وخصائصه المميزة له والاستفادة منه يحتاج الى عمليات تصفية وتنقية او كان لا يحتاج الى ذلك

كما أن المعدن الموجود في باطن الارض يلحقه حكم الباطن مطلقاً

المعيار الثاني: والنظر فيه الى ذات المعدن، فإن كان الوصول الى جوهره وخصائصه المميزة له والاستفادة منه يتوقف على عمل وجهد فهو من المعادن الباطنة سواء وجد على سطح الارض او في باطنها

وإن لم يحتج الى ذلك كبعض الاحجار الكريمة فهو معدن ظاهر سواء كان على سطح الارض او في جوفها

ويظهر من العلامة في التذكرة أنه يقول بالمعيار الثاني لأنه ذكر في تعريف المعادن الظاهرة (هي ما يبدو جوهرها من غير عمل)

وظاهر عبارة السيد الماتن أنه يعمل بالمعيار الاول، ويحتمل في بعض عبائر الفقهاء أنهم جمعوا بين المعيارين

ويبدو أن النسبة بين المعيارين هي العموم والخصوص من وجه

والثمرة تظهر في الاحكام التي ذكروها ورتبوا بعضها على المعدن الظاهر والبعض الآخر على المعدن الباطن

هذا، ولم يذكر في الأدلة عنوان المعدن الظاهر او المعدن الباطن

والمتيقن من المعدن الظاهر هو ما كان على سطح الارض ويبدو جوهره من غير عمل، أي ما يتحقق فيه كلا المعيارين المتقدمين للمعدن الظاهر

والمتيقن من المعدن الباطن هو ما يحوي كلا المعيارين السابقين أي ما يكون في جوف الارض ويتوقف الوصول الى جوهره والخصائص المميزة له الى عمل وجهد

وما عدا هذين الفردين مشكوك، كما لو كان المعدن على سطح الارض ولكن الوصول الى جوهره يحتاج الى عمل وجهد، وكذلك اذا كان المعدن في باطن الارض ولكن الوصول الى جوهره لا يحتاج الى عمل وجهد، ولا بد أن نتكلم ماذا يثبت له من الحكم مع الشك في كونه من المعادن الظاهرة او الباطنة

وعلى كل حال فقد اعتبر الفقهاء أن المعادن الظاهرة من المشتركات وأن الناس فيها شرع سواء وأنها تملك بالحيازة واما الباطنة فحكمها أنها تملك بالاحياء، والمقصود بالاحياء الحفر حتى الوصول الى الاعماق التي يستقر فيها المعدن

أما حكم الظاهرة فاستدل له بعدم الخلاف الذي حكي عن الشيخ في المبسوط وابن ادريس في السرائر، واستدلوا عليه بالسيرة العقلائية المستقرة في جميع الأمصار والاعصار على أخذ الناس من المعادن الظاهرة وأنهم يتصرفون في ما حازوه منها تصرف الملاك في أملاكهم

من دون فرق في هذه السيرة بين أن تكون المعادن في أرض مملوكة لنفس الآخذ او في أرض موات مملوكة للامام او تكون في أرض مفتوحة عنوة ملك لجميع المسلمين

والكلام يقع في تحقيق أمور

الأمر الاول: هل المعادن من الانفال؟

يوجد ثلاثة أراء في المسألة

الرأي الاول: إنها من الانفال فهي مملوكة للإمام (عليه السلام)

الرأي الثاني: إنها ليست من الانفال مطلقاً

الرأي الثالث: التفصيل بين المعادن الموجودة في الارض المملوكة فليست من الانفال، وبين الموجودة في الارض التي هي للامام فهي للامام (عليه السلام)، وكأنه يرى أن المعدن تابع للأرض فعلى تقدير أن تكون الارض من الانفال فالمعدن منها

والظاهر أنه لا منافاة بين الأدلة التي دلّت على ثبوت الخمس في المعدن وبين القول بأنه من الانفال، فثبوت الخمس في المعدن لا يمنع من القول بأنه من الانفال كما توهم ذلك بعضهم بدعوى أنه لا معنى لإيجاب الخمس على المُخرج للمعدن والحال أن المعدن ملك لغيره، ولعله لأجل هذا أنكر أن يكون المعدن من الأنفال

وجوابه أن المنافاة بينهما مبنية على افتراض أن وجوب الخمس في المعادن على غرار وجوب الخمس في الفوائد التي تكون الفائدة ملكه والشارع فرض عليه ضريبة في ما يملكه بمقدار الخمس، فبناء على هذا يأتي توهم المنافاة بينهما، فكيف يجب عليه الخمس والحال أنه لا يملك المعدن

ولكن الصحيح أنه يمكن تفسير وجوب الخمس في المعادن جمعاً بين الأدلة بأن نقول إن معناه أن الشارع المالك لهذا المعدن بمقتضى كونه من الانفال أجاز للمستخرج له أن يتملك أربعة أخماس المعدن

او نقول إنه لم يأذن له في تملك أكثر من أربعة أخماس المعدن

ومن هنا لا منافاة بين الخمس وبين أن تكون المعادن من الانفال وأنها ملك للإمام (عليه السلام)، بل هذا المعنى مبني على أنها ملك للامام (عليه السلام)


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo