< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات


(مسألة 782): يحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل،و في الزرع إلى الشراك (5)، ثم كذلك لمن هو دونه، وليس لصاحب النهر تحويله إلا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه باذنه (2)، وكذا غير الرحى أيضا من الأشجار المغروسة على حافتيه وغيرها (3) وليس لأحد أن يحمي المرعى و يمنع غيره عن رعي مواشيه إلا أن يكون المرعى ملكا له فيجوز له أن يحميه حينئذ (4).

1- بناء على ما ذكرناه في الأمر الثالث حيث استقربنا الغاء خصوصية التحديدات المذكورة في الروايات، وأنّ ذكرها في النصوص باعتبارها مصداقاً للحاجة في ذلك الزمان، نقول -تبعاً لبعض الفقهاء- لا بد أن تحذف عبارة (يحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل،و في الزرع إلى الشراك) من المسألة، إذ لا خصوصية لهذين الحدين وانما المناط على الحاجة

وفي (مسألة 779) بعد قوله (والا قدم الاعلى فالاعلى والأقرب فالأقرب إلى فوهة العين أو أصل النهر) يشار بالقول (فيسقي بمقدار حاجته)

2-الفرع الثاني: اذا كان للانسان رحى على نهر مملوك لغيره فهل يجوز لصاحب النهر أن يحوّل مجرى النهر مما يؤدي الى تعطيل الرحى او انه لا يجوز له الا بإذن صاحب الرحى؟ هذا هو فرض المسألة كما ذكره الفقهاء

والأصل في هذه المسألة هي مكاتبة محمد بن الحسن او ابن الحسين قال: كتبت الى أبي محمد (عليه السلام): رجل كانت له رحى على نهر قرية، والقرية لرجل، فأراد صاحب القرية أن يسوق الى قريته الماء في غير هذا النهر، ويعطل هذه الرحى، أله ذلك، أم لا ؟ فوقّع (عليه السلام) : ((يتّقي الله ، ويعمل في ذلك بالمعروف ، (ولا يضرّ) أخاه المؤمن))[1]

وذكرنا في بحث سابق أنّ الظاهر أنّ الصحيح هو محمد بن الحسن والمراد به الصفار لقرائن ذكرناها، وذكرنا أنّ الرواية تامة سنداً

ورواها الشيخ الصدوق باسناده الى محمد بن علي بن محبوب وسنده اليه صحيح كما في المشيخة

ورواها الشيخ في التهذيب[2] بسنده الى ابن محبوب وسنده اليه وإن كان ضعيفاً في المشيخة الا أنه صحيح في الفهرست وهذا يكفي

وهما وإن لم يصرحا باسم من كتب الى الامام (عليه السلام) وانما رويا بلفظ (كتب رجل الى الفقيه (عليه السلام)) ولكن الظاهر أن هذا لا يضر لأن الظاهر أنّ محمد بن علي بن محبوب يشهد بتوقيع الامام (عليه السلام)

مضافاً الى أنّه يمكن تحديد الذي كتب الى الامام (عليه السلام) من رواية الكافي، والاقرب أنّه الصفار

ومن هنا تكون الرواية تامة سندا

والحكم المذكور في الرواية وهو منع مالك النهر من أن يصرف مجرى النهر ويعطل الرحى على خلاف مقتضى قاعدة تسلط الناس على التصرف في أملاكهم

وبالرغم من هذا ذهب جماعة من الفقهاء الى الافتاء بمضمون هذه الرواية كما عن الشيخ في النهاية والمحقق في المختصر وغيرهما

وتعرض الشيخ ابن ادريس[3] لهذه المسألة في السرائر وذكر الرواية المتقدمة، ولكنه قيد الحكم المذكور فيها بما اذا كان وجود الرحى على النهر بأمر حق واجب

وفسّر كلامه بثبوت حق له في استخدام هذه الرحى، كما لو نصب الرحى باجارة من مالك النهر، وحينئذ يكون منع المالك من تحويل النهر على القاعدة

ولعل تقييده بذلك لأجل التخلص من الاشكال السابق،

وذكر السيد في الرياض في مقام تأييد ما في السرائر أن اطلاق منع المالك من تعطيل الرحى في الرواية ومنعه من التصرف في ملكه انما يتم بناء على تقديم أدلة نفي الضرر على أدلة السلطنة

واما اذا قلنا بتقديم قاعدة السلطنة على قاعدة نفي الضرر فلا وجه لإطلاق المنع بالنسبة الى مالك النهر، فلا بد من تقييده بما ذكره الشيخ ابن ادريس (قده)

ويلاحظ عليه:

أولاً: إن هذا مبني على تقديم قاعدة السلطنة على قاعدة نفي الضرر، وتقدم تقديم قاعدة نفي الضرر على قاعدة السلطنة، ولأجله منعنا المالك من التصرف في ملكه في عدة موارد اذا كان تصرفه مضراً بجاره كما لو أراد حفر بالوعة تضر بجاره

وثانيا: إن الدليل على هذا الحكم لا ينحصر بقاعدة نفي الضرر، بل هناك دليل اجتهادي تام سنداً ودلالة يدل على المنع

ومن الواضح بأن هذه الرواية أخص من هذه القواعد

فحتى لو فرضنا تقديم قاعدة السلطنة والمنع من جريان قاعدة نفي الضرر في المقام، الا أنّ الرواية تتقدم عليهما بالأخصية

نعم، لا بد من فرض أن نصب الرحى على النهر لم يكن عدوانياً بل كان بإذن صاحب النهر كما قيده السيد الماتن في المسألة، ولا بد أن نفترض أنّ الاذن لم يكن مؤقتاً

فالظاهر أن الحكم في الرواية منصرف عن حالة ما اذا كان وجود الرحى وجوداً عدوانياً، والا كان المناسب للسائل جداً أن يشير اليه لأن هذا أدعى في تجويز تعطيل الرحى مع أن المرتكز في ذهن السائل الجواز

وليس المراد من عدم العدوانية الاجارة وأنه صاحب حقّ في النهر كما يقول ابن ادريس، وانما المراد أن صاحب النهر أذن له ولم يكن الإذن مؤقتاً

لأنه مع فرض وجود اجارة فلا داعي للسؤال أصلاً، إذ من الواضح أنه لا يجوز له أن يعطل الرحى

مضافاً الى أن تعليل الحكم في الرواية بعدم الاضرار بالأخ المؤمن لا يناسب كونه اجارة بل لو كان اجارة فالمناسب تعليله بالاعتداء على حقه

فالأقرب في تفسير الرواية -كما ذهب اليه الفقهاء- بأن المنع قائم على أساس أن أصل نصب الرحى على النهر لم يكن عدواناً باعتبار أنه أذن له في نصب هذه الرحى، ولذا قيّد الفقهاء الحكم في هذه المسألة بما اذا كان نصب الرحى مأذوناً به من قبل صاحب النهر

هذا مبني على الغاء خصوصية الرحى في الرواية

فالمنظور في الرواية إحداث شيء على النهر المملوك للغير للاستفادة منه مع افتراض أن المالك أذن في ذلك، والرواية حكمت بعدم جواز أن يحول مجرى النهر الذي يؤدي الى تلف ذلك الشيء

4-الفرع الثالث: المرعى من المشتركات العامة فلا يجوز لأحد أن يحمي المرعى لنفسه ويمنع الآخرين من الاستفادة منه، الا اذا كان المرعى ملكاً له


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo