< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/08/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات


(مسألة 782): يحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل،و في الزرع إلى الشراك (5)، ثم كذلك لمن هو دونه،و ليس لصاحب النهر تحويله إلا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه باذنه،و كذا غير الرحى أيضا من الأشجار المغروسة على حافتيه و غيرها و ليس لأحد أن يحمي المرعى و يمنع غيره عن رعي مواشيه إلا أن يكون المرعى ملكا له فيجوز له أن يحميه حينئذ.

1-تنبيه: ذكرنا أن رواية عقبة بن خالد مطلقة بلحاظ النخل والزرع

ولكن الوارد فيها (في شرب النخل بالسيل) فهي ليست مطلقة بلحاظهما، وبالتالي ينحصر عدم معارضتها للروايات السابقة بضعفها سنداً

وبقي التنبيه على أمور

الأمر الاول: ما يلاحظ من عدم تعرض النصوص الواردة في المقام للشجر فهل عدم تعرضها له يدل على انه ملحق بالنخل، او أن له حداً خاصاً به؟

اختار صاحب الجواهر أنّ لها حداً خاصاً، فالشجر يختلف عن النخل والزرع، واستند في ذلك الى مرسلة الشيخ الطوسي (قده) في المبسوط،

وقد سبقه في السرائر الى ذلك، وذكر أن المشهور عمل بهذه المراسيل

قال في المبسوط روى أصحابنا أن الأعلى يحبس الى الساق في النخل والشجر الى القدم والزرع الى الشراك

وهي مخالفة في حد النخل للروايات السابقة

ويلاحظ عليه: إن عمل المشهور بالمرسلة غير واضح، بل إن الشيخ الطوسي لم يذكرها في كتبه الاخرى، والمحقق في الشرائع وإن ذكر الشجر وأن حدّه الى القدم، لكنه لم يذكره في المختصر

مضافاً الى أن مرادهم من عمل المشهور الذي يكون جابراً هو مشهور القدماء، ويصعب تصوره بالنسبة الى مرسلة مذكورة عند الشيخ (قده)

هذا، مضافاً الى المناقشة في أصل دعوى الجابرية

ومن هنا يصعب الالتزام بأن للشجر حدّ خاص

وقد يقال بالحاقه بالنخل فحده الى الكعب كما ذهب اليه جماعة، وهذا مبني على الغاء خصوصية النخل ففيهما جهات مشتركة كثيرة وبها يختلفان عن الزرع

ولعل ذكر النخل في الروايات باعتبار غلبة وجوده عندهم فيبتلون به

واذا لم نستطع الحاقه بكل منهما ولم نقبل أنّ له حداً معيناً، فالظاهر أنه يسقى من الماء بمقدار حاجته، لأن هذا هو مقتضى ثبوت حقّ السبق له

الامر الثاني: إنه لا إشكال في التحديد المتقدم في صورة كفاية الماء لمن يلي الاعلى، بمعنى أن الأعلى بعد أن يسقي زرعه او نخله بالحدود المقررة يبقى من الماء ويرسله الى من يليه وهكذا، وهذه الصوة هي القدر المتيقن من الأدلة

واما اذا فرضنا عدم كفاية الماء لذلك، فيمكن أن يقال إنه لا يبعد أنّ المستفاد من النصوص المتقدمة هو حكم الصورة الاولى وهي ليست ناظرة الى هذه الصورة وغير متعرضة لحكمها

فقد تكرر في هذه الروايات التعبير بقوله (ثم يرسل الى أسفل من ذلك) فلا إطلاق في الروايات يشمل الصورة الثانية

وقد نفهم حكمها من البحث حول الأمر الثالث

الامر الثالث: إن التحديد المذكور في النصوص هل هو تحديد تعبدي لا بد من الالتزام به بقطع النظر عن حاجة صاحب البستان، او إن ما ذكر في النصوص من تحديدات مجرد مصاديق للحاجة في ذلك الزمان او في تلك الاراضي التي كان ينظر اليها السائل، باعتبار اختلاف طبيعة الارض من كونها رملية او طينية، وكذلك قوة الارض وضعفها يؤثر في مقدار حاجة الزرع والنخيل الى الماء، فالزرع في تربة ملائمة وجوّ رطب يحتاج الى ماء أقل مما يحتاجه الزرع في جوّ حار وتربة غير ملائمة

وعلى الثاني يكون المناط على الحاجة لا على هذه التحديدات، لأن الروايات تتحدث عن مصاديق للحاجة

ولكن ظاهر فتاوى الفقهاء هو الاول ولذا أصروا على أنه يسقي النخل الى الكعب ثم يرسل الباقي الى من يليه، وبعضهم صرح بأن هذا وإن كان لا يحتاج الى هذا الحدّ

كما انه اذا استوفى حقه وجب عليه أن يرسل الماء الى من يليه وإن احتاج الى أكثر من ذلك

نعم في الجواهر استظهر الثاني وان المناط على الحاجة فقال: (فان الظاهر كون التحديد المزبور في النصوص مراعاة لها لا انه تحديد تعبدي)[1]

والظاهر أن هذا هو الذي ذهب اليه صاحب الوسيلة؛ فلم يذكر هذه التحديدات، وبعض الرسائل العملية المتأخرة

ولعل ما تقدم من الشيخ الصدوق (قده) من تعليل إختلاف بعض الحدود في الروايات بأن ذلك حسب قوة الوادي وضعفه إشارة الى الرأي الثاني

وقد يؤيد باستبعاد منع صاحب الحقّ من السقي بمقدار حاجته وإن زادت عن الحدّ

ومن جهة اخرى فإن الالتزام -في صورة زيادة الحد عن مقدار حاجته- بأن من حقه أن يأخذ الماء وإن كان زائداً عن حاجته أصعب من الالتزام بالاول

مع أن المفروض في مسألتنا أن الماء مشترك بين الجميع، وأنه لا يكفي للجميع

والمهم في المقام أن الجواب عن أصل السؤال يكون بما نستظهره من الروايات

فإن استظهرنا أن المناط على الحاجة فالمسألة واضحة، فالمناط على الحاجة سواء اتفقت مع الحدود المذكورة او أختلفت معها

واما اذا لم نستظهر الغاء الخصوصية في التحديدات المذكورة او استظهرنا وجود خصوصية فيها فلا بد أن نلتزم بهذه الحدود بما تقتضيه، فنمنع الاول عن أخذ الزائد عن الحدود وإن كان لحاجة، كما نجوز له أن يأخذ من الماء ما لا يحتاجه للسقي عند زيادة الحدّ عن مقدار حاجته

ويبدو أنه يصعب جداً التقيد بهذه الحدود وافتراض كونها أمراً تعبدياً لا بدّ من العمل به، فلا يبعد أن يكون مختار صاحب الجواهر هو الأقرب، باعتبار أن هذه التحديدات مطابقة للحاجة

الامر الرابع: يظهر أن المقصود من الشراك أن يصل الى ما فوق الأصابع كما ذكر في كلماتهم ولعله باعتبار أن الشراك يكون فوق الاصابع دائماً

واما الكعب فالظاهر منه قبة القدم او مفصل الساق، واما العظمان الناتئان على جانبي القدم فلم يذهب اليه علماؤنا

فالظاهر أن المراد من الروايات عندما تقول الكعبين قبة القدم

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo