< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/08/04

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات

 

(مسألة 779): إذا اجتمع جماعة على ماء مباح من عين أو واد أو نهر أو نحو ذلك،كان للجميع حق السقي منه،و ليس لأحد منهم شق نهر فوقها ليقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين. و عندئذ فإن كفى الماء للجميع من دون مزاحمة فهو،و إلا قدّم الأسبق فالأسبق في الإحياء إن كان و علم السابق، وإلا قدم الأعلى فالأعلى و الأقرب فالأقرب إلى فوهة العين أو أصل النهر (1)، وكذا الحال في الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط،فإن كفى الماء للجميع،و إلا قدم الأسبق فالأسبق أي:من كان شق نهره أسبق من شق نهر الآخر (2)

و هكذا إن كان هناك سابق و لا حق و إلا فيقبض الأعلى بمقدار ما يحتاج إليه،ثم ما يليه و هكذا.

(مسألة 780): تنقية النهر المشترك و إصلاحه و نحوهما على الجميع بنسبة ملكهم إذا كانوا مقدمين على ذلك باختيارهم‌ و أما إذا لم يقدم عليها إلا البعض لم يجبر الممتنع. كما أنه ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المؤنة إلا إذا كان إقدامهم بالتماس منه و تعهده ببذل حصته (3)
(مسألة 781): إذا كان النهر مشتركا بين القاصر و غيره،و كان إقدام غير القاصر متوقفا على مشاركة القاصر إما لعدم اقتداره بدونه،أو لغير ذلك، وجب على ولي القاصر-مراعاة لمصلحته-مشاركته في الإحياء و التعمير و بذل المؤنة من مال القاصر بمقدار حصته (4)
(مسألة 782): يحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل،و في الزرع إلى الشراك (5)، ثم كذلك لمن هو دونه،و ليس لصاحب النهر تحويله إلا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه باذنه،و كذا غير الرحى أيضا من الأشجار المغروسة على حافتيه و غيرها و ليس لأحد أن يحمي المرعى و يمنع غيره عن رعي مواشيه إلا أن يكون المرعى ملكا له فيجوز له أن يحميه حينئذ.

1- ذكر السيد الماتن (قده) وغيره أنه في فرض عدم كفاية الماء للجميع وحصول التشاح في من يتقدم على الآخر أن التقديم يكون للأسبق في الاحياء فإن لم يكن أسبق كما اذا كان الاحياء في زمان واحد، او كان أسبق ولم يعلم به فالتقديم بالاعلى فالاعلى والاقرب فالاقرب بالنسبة الى أصل النهر

وقلنا في صورة وجود أسبق وعدم العلم به يمكن الرجوع الى القرعة

والدليل على المرحلة الثانية وهي التقديم بالاعلى فالاعلى والاقرب فالاقرب الى أصل النهر هو الروايات تقدمت الرواية الاولى وهي تامة سنداً ودلالة

والرواية الثانية: معتبرة غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : ((قضى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في سيل وادي مهزور : أن يحبس الأعلى على الأسفل ، للنخل الى الكعبين ، والزرع الى الشراكين))[1]

ورواها الشيخ باسناده الى احمد بن محمد وسنده اليه صحيح، وهي مروية بسند آخر معتبر، ودلالتها واضحة

الرواية الثالثة: رواية عقبة بن خالد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : ((قضى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في شرب النخل بالسيل : أنَّ الأعلى يشرب قبل الأسفل ، يترك من الماء إلى الكعبين ، ثمَّ يسرح الماء الى الأسفل الذي يليه))[2] وفي سندها محمد بن عبد الله بن هلال وهو مجهول، وعقبة بن خالد وفيه كلام

وهي لم تفصل بين النخل والزرع فالماء الى الكعبين مطلقاً يستفيد منه الاعلى ثم يسرح الماء الى من يليه

والملاحظ في هذه الروايات وما سيأتي نقله في بحث آخر أنها تتحدث عن قضاء لرسول الله (صلى الله عليه واله) ومن هنا قد يستشكل بأن يقال بأنها قضية في واقعة ولا يمكن الاستدلال بها في محل الكلام لإحتمال أن تكون هناك خصوصيات غير مصرح بها وهي دخيلة في الحكم

ولكن الظاهر أنه يمكن دفع هذا باعتبار أن تصدي الامام (عليه السلام) لنقل هذا القضاء عن رسول الله (صلى الله عليه واله) يبعد الاحتمال الذي ذكره المستشكل باعتبار أن ظاهر حال الامام أنه في مقام بيان الحكم الشرعي

فلو كان هناك شيء دخيلاً في الحكم لكان المناسب ذكره والإشارة اليه

فلا داعي للتوقف في الاستدلال بالرواية من الجهة المذكورة في هذا الاشكال

2-المفروض في السابق وجود أملاك واقعة بالقرب من الماء المباح، وهنا يفترض أنهاراً مملوكة، فاذا كان الماء يكفي للجميع فهو، والا يقدم الأسبق في الاحياء أي:من كان شق نهره أسبق من شق نهر الآخر، والا قدم الأعلى فالأعلى الى أصل ذلك النهر

إذ لا فرق بين أن يكون التشاح بين اشخاص يملكون بساتين مطلة على الانهار المباحة او يملكون انهاراً

3-في المسألة فرعان:

الفرع الاول: اذا احتاج النهر المشترك الى تنقية او إصلاح بسد ثغرة وأمثالها، فلو أقدم الجميع على ذلك فالمؤنة تتوزع على الجميع بالنسبة

وإن إمتنع أحدهم فلا يجوز للآخرين القيام بالاصلاح والتنقية وامثالها من دون إذنه لأنه من الاموال المشتركة التي لا يجوز التصرف فيها لبعض الشركاء الا بإذن الجميع

الفرع الثاني: إن أذن لهم بالتصرف فلا إشكال في أنه يجوز لهم التصرف في النهر المشترك

ولكن الظاهر أن الإذن بمجرده لا يكفي في تسويغ مطالبته بدفع حصته من المؤنة فإن الإذن لا يعني الا الرضا بذلك التصرف فيرفع حرمة التصرف عنهم بحكم أن المال مشترك

وانما ايجاب الدفع عليه كسائر الشركاء منوط بما ذكره السيد الماتن (قده) من أنه يطلب منهم أن ينظفوا النهر ويتعهد لهم بدفع حصته،

4-ما ذكره من إيجاب البذل على ولي القاصر واضح عندما نفترض أمرين:

الأمر الأول: إن النهر بحاجة الى هذا الشيء بحيث اذا لم يقم بذلك يتضرر النهر

الأمر الثاني: إن قيام غير القاصر بالأمر موقوف على مشاركة القاصر له

5-تقدم أنه في صورة التشاح وقلة الماء يقدم الأسبق فالأسبق في الاحياء، والّا يقدم الأقرب فالأقرب الى أصل النهر واستدللنا على تقديمه بالروايات المتقدمة وظاهرها وجود حدّ معين اذا بلغه الماء وجب عليه أن يترك الماء لمن يليه

والمهم منها الروايتان الاولى والثانية

ففي معتبرة غياث الاولى جعل الحدّ ((للزرع الى الشراك ، وللنخل الى الكعب ، ثمَّ يرسل الماء الى أسفل من ذلك))

والمراد بالشراك سير النعل في ظاهر القدم، على ما قالوا

وفي معتبرة غياث الثانية جعل الحدّ ((للنخل الى الكعبين ، والزرع الى الشراكين)) ولا منافاة بينهما، والحديث الثالث رواية حفص بن غياث وهي متحدة معهما

وأما مرسل الشيخ الصدوق وفي خبر آخر: ((للزرع إلى الشراكين، والنخل الى الساقين))

وفي رواية عقبة بن خالد ((يترك من الماء إلى الكعبين، ثمَّ يسرح الماء الى الأسفل الذي يليه)) فهي لم تفصّل بين النخل والزرع وانما جعلت الحدّ أن يصل الماء الى الكعبين مطلقاً

وحيث ان التام سنداً من هذه الروايات هو معتبرتي غياث وهما متفقتان على أن الحدّ في النخل الى الكعب وفي الزرع الى الشراك فيتعين العمل بهما، ولا تعارضها مرسلة الشيخ الصدوق (قده) لإرسالها، واحتمال أن يراد من الكعبين في الروايات الصحيحة العظمان الناتئان المتصلان بالساق على جانبي الرجلين، فيكون الوصول اليهما وصولاً الى مبتدأ الساق -كما ذكر هذا الاحتمال في الغنية-، لا الكعب في باب الوضوء وهو قبة القدم، وذكروا أن العامة ذهبوا الى تفسيره بالعظمين الناتئين على جانبي القدم

وقال في الوسائل بعد ذكر الرواية (أقول: لا منافاة لأنَّ الكعب متصل بالساق، ولعلَّ المراد هنا : أوَّل الساق)[3] ، والظاهر والله العالم أن هذا مبني على تفسير الكعبين بالعظمين الناتئين

والشيخ الصدوق في الفقيه بعد أن شفع رواية غياث الثانية بالمرسلة قال: (وهذا على حسب قوَّة الوادي وضعفه)، والظاهر من هذه العبارة التفريق بين الكعب والساق، والا فلا داعي لهذا التوجيه -كما ذكر في الغنية والجواهر-

وعلى كل حال يتعين الالتزام بالروايات الاولى لتماميتها سنداً ودلالة

ولا تعارضها مرسلة الشيخ الصدوق ورواية عقبة بن خالد لضعفها سنداً، مع أن إطلاقها يمكن أن يقيد بالروايات الصحيحة المفصّلة

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo