< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/07/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات


(مسألة 774): إذا شق نهرا من ماء مباح سواء أ كان بحفره في أرض مملوكة له أو بحفره في الموات بقصد إحيائه نهرا ملك ما يدخل فيه من الماء (1)

(مسألة 775): إذا كان النهر لأشخاص متعددين،ملك كل منهم بمقدار حصته من النهر،فإن كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء بالسوية و إن كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة،و لا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضي التي تسقى منه.

(مسألة 776): الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الأموال المشتركة،فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون إذن الباقين (2) وعليه فإن أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت و زمان و بأي مقدار شاء،جاز له ذلك.
(مسألة 777): إذا وقع بين الشركاء تعاسر و تشاجر فإن تراضوا بالتناوب و المهاياة بالأيام أو الساعات فهو (3)، وإلا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالأجزاء بأن توضع في فم النهر حديدة مثلا ذات ثقوب متعددة متساوية و يجعل لكل منهم من الثقوب بمقدار حصته (4)
فإن كانت حصة أحدهم سدسا و الآخر ثلثا و الثالث نصفا،فلصاحب السدس ثقب واحد،و لصاحب الثلث ثقبان و لصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستة.
(مسألة 778): القسمة بحسب الأجزاء لازمة (5) والظاهر أنها قسمة إجبار(6)،فإذا طلبها أحد الشركاء اجبر الممتنع منهم عليها. و أما القسمة بالمهاياة و التناوب،فهي ليست بلازمة،فيجوز لكل منهم الرجوع عنها،نعم الظاهر عدم جواز رجوع من استوفى تمام نوبته دون الآخر.

1- موضوع المسألة ما اذا حفر نهراً وأوصله بنهر كبير مباح ووصل الماء اليه، ويقع الكلام في ملكية الحافر للماء الذي دخل في النهر الذي حفره

والظاهر أنه لا اشكال في ثبوت الاولوية للحافر في الماء، بمعنى أنه لا يجوز للآخرين مزاحمته فيه

كما أنه لا اشكال في أن الحافر يملك الارض المحفورة، بناء على أن الاحياء مملك

وانما الكلام في ملكية الماء الذي دخل الى النهر الذي حفره

وذهب المشهور الى الملكية

والقول الآخر هو ما ذهب اليه الشيخ في المبسوط من أنه لا يملكه بالحفر وإن كان أولى به من غيره نظير ما اذا جرى السيل الى الارض المملوكة لرجل واجتمع فيها

القول الثالث: إنه يملكه اذا عمل ما يصلح لسده وفتحه على ملتقى النهر الذي حفره بالنهر الكبير، وذهب اليه ابن الجنيد (قده)

وعلل بأن الحيازة التي هي سبب الملك فعل للمكلف فلا بد أن يكون قادراً عليها وعلى تركها، والا يكون الفعل ضرورياً

وهو انما يكون قادراً على الحيازة اذا كان قادراً عليها وعلى تركها وهو لا يكون كذلك الا اذا عمل ذلك على ملتقى النهرين

ولكن لا يتوقف صدق حيازة الماء على ما ذكره، لوضوح أن من لا يفعل هكذا اذا أخذ الماء باناء يصدق عليه أنه ملكه

وأما ما ذهب اليه الشيخ في المبسوط حين منع من ملكية الماء الداخل في النهر، فقالوا إنه مبني على أن الماء عندما دخل الى ملكه يبقى على إباحته ولا موجب لخروجه عن إباحته، مضافاً الى أنه تمسك ببعض الروايات من قبيل ما روي عن النبي (صلى الله عليه واله) انه قال: ((الناس شركاء في ثلاث النار ، والماء والكلأ))[1]

وما روي عنه (صلى الله عليه واله): من أنه نهى[2] عن بيع فضل الماء، وفيه إشارة الى أن الماء يشترك فيه الجميع

والظاهر أن الصحيح هو قول المشهور باعتبار أن الحافر كان غرضه من حفر النهر جعل الحفر وسيلة لكي يصل اليه الماء، وهو من قبيل الصياد عندما ينصب الشبكة، فاذا وقع الطير في الشبكة يملكه الصياد بلا إشكال وهذا من قبيله

ومن هنا يظهر الفرق بين ما نحن فيه وبين ما ذكره الشيخ الطوسي (قده) من التمثيل لمحل الكلام بالسيل الذي يدخل أرضاً مملوكة ويتجمع فيها

فإنه لا يوجد قصد في أن يصل الماء اليه ولم يفعل شيئاً حتى يصل الماء اليه بينما في محل الكلام نفترض أنه حفر النهر لغاية الحصول على الماء الموجود في النهر الكبير، مضافاً الى الرواية التي يمكن أن توجه للاستدلال بها على أن ملك الماء في محل الكلام،

وهي موثقة إسماعيل بن الفضل ، قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن بيع الكلأ إذا كان سيحاً ، فيعمد الرجل إلى مائه ، فيسوقه الى الأرض ، فيسقيه الحشيش ، وهو الذي حفر النهر ، وله الماء ، يزرع به ما شاء ؟ فقال : ((إذا كان الماء له فليزرع به ما شاء ، وليبعه بما أحبّ))[3]

والاستدلال بها مبنى على أن المقصود فيها هو نفس محل الكلام بمعنى أنه سقى الحشيش بنفس الماء الذي في النهر فيكون مالكاً له

ولكن الرواية لا تخلو من غموض فالرواية تفترض في كلام السائل أن الماء مملوك له، لا أن الامام قال أن الماء له

2- باعتبار أن من أهم أحكام الاموال المشتركة انه لا يجوز لأحد الشركاء التصرف في المال المشترك الا بإذن الباقين

3- المهاياة بمعنى توزيع المنفعة بحسب الزمان، ولا إشكال في كونه صحيحاً بعد أن تراضوا عليه، واذا تراضى الشركاء على التوزيع بينهم بحسب الزمان فلا اشكال في وجود سيرة على ذلك

4- وهذا طريق طبيعي لفرز الحصص وتمييز حق كل شريك عن حق غيره من دون أن يلزم منه ظلم او إجحاف، والسيرة قائمة على أنه يجوز للشريك أن يطالب بحصته من الماء، والآخر ملزم بالاستجابة لهذا الطلب، فاذا كان اعطاء الحصة -بعد عدم اتفاقهم على التوزيع بحسب الزمان- منحصر بهذه الطريقة يكون صحيحاً

5- كون القسمة لازمة بمعنى لا يجوز الرجوع فيها بعد تحققها، وهذا في مقابل ما سيأتي من أن القسمة بالمهاياة ليست لازمة

والسر في هذا هو أن القسمة من العقود فيشملها ما دلّ على لزوم العقد الا ما خرج بالدليل، ولا دليل على خروج هذا العقد من أصالة اللزوم

واستدلوا بالسيرة على هذا أيضاً فإنه بعد تحقق القسمة فالسيرة جارية على أنه لا يجوز الرجوع فيها

ففرق بين القسمة بالمهاياة فقد اشترط فيها التراضي بين الشركاء، وبين القسمة بالاجزاء فهي تفرض عليهم

6- بمعنى أنه يجبر الممتنع عليها

وقد ذكروا في بعض الكتب الفقهية عند الحديث عن القسمة

بأن المناط في قسمة الاجبار هو عندما لا تكون القسمة موجبة للضرر على أحد الشركاء، فهنا تكون قسمة اجبار بمعنى أن الممتنع يجبر على القسمة

بينما لو كان في القسمة ضرر على أحد الشركاء فلا يجبر الممتنع عليها، وواضح أن هذا المناط ينطبق في محل الكلام وهو أنه لا ضرر في هذه القسمة على أحد

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo