< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/07/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات

 

(مسألة 763): في كفاية وضع الرحل في ثبوت الأولوية إشكال‌ والاحتياط لا يترك (1). هذا إذا لم يكن بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل المكان،و إلا فلا أثر له، وجاز لغيره رفعه و الصلاة في مكانه إذا كان شغل المحل بحيث لا يمكن الصلاة فيه إلا برفعه.

و هل أنه يضمنه برفعه أم لا؟ وجهان الظاهر عدم الضمان،إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلى حقه(2).

1- قلنا أن الظاهر أن ثبوت الاولوية بوضع الرحل او عدم ثبوتها يرتبط بتحقيق المراد من السبق في نصوص السبق، وهل أن المراد السبق الى المكان لاشغاله او أن المراد الأعم من ذلك ومن مجرد وضع الشيء في المكان خصوصاً اذا عممناه الى مثل وضع المسبحة او التربة او المسواك

وقلنا إنه يمكن التأمل في صدق السبق في محل الكلام لأن النصوص ظاهرة في أن المقصود هو السبق الى المكان لإشغاله والاستفادة منه في الغرض المعدّ له، ووضع شيء في المكان لا يصدق عليه السبق وانما هو حجز للمكان ليستفيد منه في المستقبل

ولا أقل من التشكيك في صدق السبق في محل الكلام، خصوصاً اذا التفتنا الى امكان استفادة هذا المعنى من عبائر الفقهاء

قال المحقق في الشرائع (وأما المسجد فمن سبق إلى مكان منه فهو أحق به ما دام جالسا فلو قام مفارقا بطل حقه)[1]

وقال العلامة في القواعد (وأما المسجد: فمن سبق إلى مكان فهو أحق به، فإذا قام بطل حقه)[2] وغيرها من عبائر الفقهاء التي يمكن أن يفهم منها أن السبق يكون باشغال المكان والجلوس فيه ولذا رتبوا عليه أنه لو قام عنه بطل حقه

وفصل السيد الاصفهاني (قده) في الوسيلة بين فرش سجادة في المكان ونحوها مما يشغل المكان او معظم المكان وبين وضع مسبحة او تربة او مسواك في المكان فيكفي الاول في ثبوت الاولوية دون الثاني

والظاهر أن هذا التفصيل لا يمكن الالتزام به إذ لا فرق بين الأمرين

فإن قلنا بأن السبق مختص بالسبق الى المكان لإشغاله والجلوس فيه فكل منهما لا يحقق ذلك ولا يثبت حق الاولوية من دون فرق بين أن يضع سجادة او يضع مسواكاً لأن كلاً منهما لا يحقق السبق الى المكان لإشغاله

وإن قلنا بتحققه بالأعم من اشغال المكان او وضع شيء فيه يثبت الحق فيهما معاً، فلا فرق بينهما حينئذ فإن كلاً منهما يكون علامة على أنه حجز المكان لكي يستفيد منه في المستقبل

فالظاهر أن التفريق بينهما ليس في محله

والمهم هو تحديد المراد من السبق في النصوص

ونحن نستقرب اختصاصه بحسب الفهم العرفي ومناسبات الحكم والموضوع بالسبق الى المكان لإشغاله، مضافاً الى أن هذا هو مقتضى الاقتصار على القدر المتيقن من نصوص السبق على فرض التشكيك في أنها هل تختص به او تشمل ما لو حجز المكان بوضع شيء فيه ليستفيد منه في المستقبل

والظاهر أن هذا هو الذي ذهب اليه العلامة في التحرير في كتاب الصلاة، وهو الظاهر من كلام الشهيد (قده) على ما قيل

وفي الجواهر عندما تطرق الى هذه المسألة ادعى ظهور كلمات الاصحاب في ذلك

2-يفهم من العبارة انه اذا أمكن أن يصلي في المكان من دون رفع الرحل فلا يجوز له رفعه، لعدم جواز التصرف في مال الغير، واما اذا لم يمكن ذلك الا بالتصرف بالرحل جاز له ذلك

باعتبار أن الشارع هو الذي أذن له في الاستفادة من المكان والصلاة فيه، والمفروض أن الصلاة تتوقف على رفع الرحل فكان الإذن الشرعي بالصلاة في هذا المكان اجازة في رفع الرحل

ولا موجب للضمان بعد أن أجاز له الشارع رفعه للوصول الى حقه

فما ذكره السيد الماتن (قده) من عدم الضمان دليله عدم وجود ما يقتضي الضمان لأن الشارع حينما أجاز له الاستفادة من المكان معناه أن الشارع جعل الرحل في يده أمانة فلا موجب للضمان

وفي المقابل ذهب الشهيد في المسالك الى الضمان، وذكر عدم الضمان كاحتمال نظراً للاذن الشرعي

وقال في الجواهر معلقاً على كلام الشهيد (لا يخفى عليك ضعف هذا الاحتمال لما ذكرناه غير مرة من أصالة الضمان مطلقاً لقاعدة اليد وغيرها)

ويمكن أن يلاحظ عليه بأنه لا إشكال في أن قاعدة اليد تقتضي الضمان، ولكنها مخصصة باليد الأمينة

والمدعى في المقام أن اليد بعد أن أجاز الشارع له التصرف في الرحل تكون أمينة

وفي مفتاح الكرامة بعد أن نقل الاحتمال قال (وفي الاحتمال نظر إذ جواز التصرف في مال الغير لا يرفع الضمان إذ لا يزيد على أكل المضطر طعام الغير) فيمكن الالتزام بالضمان وإن كان الفعل جائزاً شرعاً، فإن الجواز الشرعي لا يتنافى مع الضمان

والجواب عن النكتة التي أشار اليها هو أن هذا الكلام إنما يتم في الموارد التي لا يفهم من جواز التصرف فيها شرعاً جعل الشيء أمانة في يده، وهذا من قبيل ما يقال في مسألة التأديب فقد أجازه الشارع ولكن يثبت فيه الضمان

فهذا لا ينافي الضمان لأنه لا يفهم منه جعل المؤدَّب أمانة في يده

وهكذا في مسألة اتلاف الصبي شيئاً فيترتب الضمان مع أن أفعاله جائزة شرعاً، فالجواز لا يمنع من ثبوت الضمان لأنه لا نفهم من الجواز جعل الشيء أمانة في يد المتلف

ولعل منه أكل المضطر طعام الغير، فالجواز لا يعني جعله أمانة في يده

واما اذا فهمنا من دليل الجواز شرعاً، جعل الشيء أمانة في يده فهنا لا بد أن نلتزم بعدم الضمان لأن يده يد أمينة وقد خرجت بالتخصيص مما دلّ على ضمان اليد، من قبيل ما لو أجاز الشارع نقل الحق الشرعي من مكان الى آخر، فلا يكون الناقل ضامناً لأننا نفهم من دليل الجواز جعله في يده أمانة فتكون يد أمينة

وكذلك اذا أجاز الشارع للوصي أن يحتفظ بالمال الموروث الى أن يبلغ الوارث، فيفهم منه أنه جعله في يده أمانة

ونفس الكلام في باب الوصية، فلو أجاز الشارع أن يحتفظ الوصي بالمال الموصى به الى أن يحين وقت تنفيذ الوصية فلا يكون ضامناً، إذ يفهم من هذا جعل المال في يده أمانة، ويمكن أن تظهر هذه في كثير من الموارد كباب اللقطة وغيرها

والذي يفهم من تجويز الشارع في محل الكلام للمكلف أن يرفع الرحل أنه جعله في يده أمانة، واليد الأمينة خارجة عن أدلة الضمان بالتخصيص

فلا يمكن الالتزام بمطلقات أدلة الضمان لإثبات الضمان في محل الكلام


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo