< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/07/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات

 

(مسألة 760): يجوز لكل مسلم أن يتعبد ويصلي في المسجد، وجميع المسلمين فيه شرع سواء، ولا يجوز لأحد أن يزاحم الآخر فيه إذا كان الآخر سابقا عليه، لكن الظاهر تقدم الصلاة على غيرها (1)، فلو أراد أحد أن يصلي فيه جماعة أو فرادى، فلا يجوز لغيره أن يزاحمه ولو كان سابقا عليه كما إذ كان جالسا فيه لقراءة القرآن أو الدعاء أو التدريس بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلي. ولا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتى لو كان اختيار المصلى هذا المكان اقتراحا منه (2)، فلو اختار المصلي مكانا مشغولا بغير الصلاة و لو اقتراحا، يشكل مزاحمته بفعل غير الصلاة و إن كان سابقا عليه.

(مسألة 761): من سبق إلى مكان للصلاة فيه منفردا فليس لمريد الصلاة فيه جماعة منعه وإزعاجه (3)، وإن كان الأولى للمنفرد حينئذ أن يخلي المكان للجامع إذا وجد مكانا آخر فارغا لصلاته، ولا يكون منّاعا للخير.
(مسألة 762): إذا قام الجالس من المسجد وفارق المكان، فإن أعرض عنه بطل حقه (4)، ولو عاد إليه وقد أخذه غيره، فليس له منعه وإزعاجه. وأما إذا كان ناويا للعود فإن بقي رحله فيه بقي حقه بلا إشكال و إن لم يبق ففي بقاء حقه إشكال فالأحوط مراعاة حقه،و لا سيما إذا كان خروجه لضرورة،كتجديد الطهارة أو نحوه.

1-ذكرنا أن الظاهر أن هذا مبني على دعوى أن المساجد وضعت لغرض الصلاة فيها، فتتقدم الصلاة على غيرها ولا معنى لمساواتها بها

وقلنا أنه لا دليل واضح على أن المساجد وضعت للصلاة

وتطرقنا الى أن الأصل عدم حرمة البقاء في هذا المكان عند الشك في جواز البقاء فيه لغير الصلاة عندما يأتي شخص يريد الصلاة في هذا المكان

ولكن في مقابله يقال أن الشك في أن الاذن لهذا الشخص في التصرف في المكان بأن يدعو فيه هل هو محدود بأن لا يطلب المكان منه للصلاة او انه واسع غير محدود بذلك؟ فالشك في سعة الاذن وعدم سعته والاصل فيه عدم السعة

او قل إن المتيقن هو الإذن له فيما لو لم يطلب منه المكان للصلاة، وهذا الأصل ينتج نتيجة معاكسة للأصل السابق لأنه يقتضي تقدم الصلاة على العبادات

والظاهر أن هذا يتقدم على الأصل السابق؛ لأنه أصل سببي وذاك أصل مسببي، لأن الشك في الحرمة ينشأ من الشك في سعة الإذن وضيقه

ومن هنا نستطيع أن نقول إنه اذا وصلت النوبة الى الاصول العملية فالنتيجة هي ما ذكره السيد الماتن من أن الصلاة تتقدم على غيرها من العبادات

2-الالتزام بما ذكره السيد الماتن (قده) صعب جداً، فقد قلنا في صورة المزاحمة أنه لا دليل واضح على تقديم الصلاة على غيرها من العبادات الا اذا لاحظنا الأصل العملي

واما في صورة عدم المزاحمة فلا إحتمال في كون الإذن لمن يقرأ القرآن مشروط بأن لا يطلب منه من أراد الصلاة تخلية المكان، وإن كان هذا يظهر من السيد الماتن، ولكن لم أجد من وافقه على ذلك

فمن البعيد جداً أن يلتزم بتقدم الصلاة على سائر العبادات

3-هذا هو الصحيح إذ لا دليل على تقدم الصلاة جماعة على الصلاة فرادى

والاولوية التي ذكرها لعله باعتبار أن الصلاة جماعة فعل محبوب ومطلوب للشارع أكثر من محبوبية الصلاة فرادى

4-تقدمت هذه المسألة في بحث الطريق، ونفس الملاكات والأدلة تأتي في المقام

فقلنا أن من سبق الى مكان في الطريق ثم قام عنه

فإن قام معرضاً عنه سقط حقه، وإن لم يكن معرضاً فيفصل بين ما اذا كان أبقى رحله ونوى العود فيبقى حقه وبين ما اذا لم يبق رحله فلا حق له

وقلنا أن الميزان في بقاء الحق بعد فرض القيام هو ابقاء رحله الكاشف عن نية العود كما هي العادة

فلا نية العود وحدها كافية في بقاء الحق من دون بقاء الرحل، كما أن ابقاء الرحل من دون نية العود او مع نية عدم العود لا يكفي في ابقاء الحق أيضاً

اما أن نية العود وحدها لا تكفي فتقدم أن بقاء الحق منوط باشغال المكان غاية الأمر إننا تعدينا من اشغال المكان بنفسه الى اشغاله برحله باعتبار أن العرف يرى أنه لا زال شاغلاً للمكان

واما بمجرد نية العود من دون إبقاء الرحل فالعرف لا يعتبره شاغلاً للمكان، ولذا قلنا أنها لوحدها لا تكفي في إبقاء الحق

فهو لا يصدق الا اذا ترك رحله مع نية العود

واما ابقاء الرحل وحده -اذا تصورنا الانفكاك بينهما- فلا يكفي لبقاء الحق سواء نوى عدم العود او لم ينو العود

باعتبار أن مقصوده من ترك الرحل ليس الاستفادة من المكان وانما يريد أن يحجز المكان لعله يستفيد منه لاحقاً

فيلزم مزاحمة الآخرين في هذا المكان باعتبار أنه وضع ليستفيد منه الجميع، ومن هذه الجهة يعتبر المتشرعة هذا تجاوزاً وتعدي على من يحق له الاستفادة من المكان

واما في محل الكلام فقد ذكر السيد الماتن (قده) عدة فروع:

الفرع الاول: اذا فارق المكان وقد أعرض عنه بطل حقه

وهذا واضح فحتى في الملك قلنا أن الاعراض عن الملك يوجب خروج الملك عن صاحبه

الفرع الثاني: اذا ابقى رحله مع نية العود، وقلنا أن هذا هو القدر المتيقن من بقاء الحق

الفرع الثالث: إن كان ناوياً العود ولم يبق رحله، فذكر السيد الماتن (قده) أن في بقاء حقه اشكال، ونفس هذا الاشكال ذكره السيد الماتن في الطريق

وقلنا هناك نحكم بسقوط حقه، وكذلك نقول هنا لأن نية العود لوحدها لا تكفي في بقاء الحق

وقد يقال إن مقتضى إطلاق معتبرة طلحة بن زيد المتقدمة بقاء الحق مطلقاً سواء بقي رحله او لم يبق رحله، نوى العود او لا، فالحق يبقى وإن لم يترك الرحل وهذا خلاف ما قلناه، فما الوجه في تقييد بقاء الحق بترك الرحل؟

ولكن قد يستشكل بوجود اطلاق في هذه الرواية لأن من الواضح أن اطلاقها بلحاظ ترك الرحل وعدم تركه، ونية العود وعدمها متفرع على ثبوت اطلاقها لحالة قيامه عن المكان،

اما لو قلنا بأن الرواية ناظرة الى من بقي جالساً في مكانه فالاطلاق بلحاظ بقاء الرحل وعدمه حينئذ ليس له معنى

والمستشكل يقول الرواية ناظرة الى بيان بقاء الحق بالسبق وامتداده الى الليل وقد يمنع اطلاقها لفرض قيامه

وليست في مقام بيان الحق من جهة حالات المكلف باعتبار بقاءه وقيامه عن المكان

نعم، قلنا أن العرف يعتبر إبقاء الرحل مع نية العود إشغال للمكان

فنستطيع أن نعمم الحكم في الرواية لما اذا قام عن المكان باعتبار أن العرف يرى أن اشغال المكان بالرحل مع نية العود بمنزلة اشغاله بنفسه

اما اذا قام ولم يترك رحله فحينئذ لا اطلاق في الرواية يشمل هذه الحالة حتى وإن نوى العود لأن نية العود لوحدها لا تكفي في نية الاشغال عرفاً

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo