< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/07/13

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات

 

(مسألة 760): يجوز لكل مسلم أن يتعبد ويصلي في المسجد، وجميع المسلمين فيه شرع سواء، ولا يجوز لأحد أن يزاحم الآخر فيه إذا كان الآخر سابقا عليه (1)، لكن الظاهر تقدم الصلاة على غيرها (2)، فلو أراد أحد أن يصلي فيه جماعة أو فرادى، فلا يجوز لغيره أن يزاحمه ولو كان سابقا عليه كما إذ كان جالسا فيه لقراءة القرآن أو الدعاء أو التدريس بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلي. ولا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتى لو كان اختيار المصلى هذا المكان اقتراحا منه (3)، فلو اختار المصلي مكانا مشغولا بغير الصلاة و لو اقتراحا، يشكل مزاحمته بفعل غير الصلاة و إن كان سابقا عليه.

1-قد يستشكل في معتبرة طلحة بن زيد بأن التحديد الى الليل لم يقل به أحد من الفقهاء فمقتضى اطلاق كلامهم عدم التحديد بالمدة

ولكن ذكرنا أن الأخذ باطلاق كلمات الفقهاء بحاجة الى تأمل، باعتبار أنه من الصعوبة أن نلتزم بكون الشخص صاحب حق في المكان على طول الزمان بمجرد أن يشغل المكان بنفسه او برحله مع نية العود، فإن هذا يوجب تعطيل المسجد فإن المساجد بنيت للعبادة

فمن البعيد جداً القول بأن لفقهاء يلتزمون ببقاء الحق على طول الزمان، فلا بد من التقييد

ويقع البحث في أنه هل يمكن الالتزام بمضمون المعتبرة والروايات المؤيدة لها؟

وقلنا بأن الرواية معتبرة، وهناك من أفتى بالتحديد الى الليل، والظاهر أنه لا يوجد اجماع على عدم التحديد حتى يكون مانعاً من العمل بالرواية

باعتبار أنه لا نستفيد من اطلاق كلمات الفقهاء عدم التحديد إذ من المحتمل أن يكون المقصود باطلاق (ما دام شاغلا للمكان) أنه في مقابل عدم شغل المكان، فليست الجهة الملحوظة في الاطلاق هي الزمان

ولا أقل من احتمال أن الاطلاق ليس ناظراً الى عمود الزمان حتى يكون منافياً للتحديد

وهذا الاحتمال يمنعنا من أن ننسب الى المشهور القول بعدم التحديد

واذا استوضحنا هذا فقد يقال بأنه يتعين العمل بالرواية، فلا بد من الالتزام بالتحديد، فمن يسبق الى مكان فهو أحق به الى الليل، أي الى حلول الليل

ومقتضى إطلاقها أنه من دون فرق بين أن يبقي رحله او لا فيسقط حقه إذا حلّ الليل مطلقاً

ولكن طرح العلامة في التذكرة احتمال أن التحديد في الرواية منزل على الغالب، باعتبار أن المتعارف عدم استغلال المسجد والاماكن في المسجد أكثر من يوم الى الليل لعدم الاحتياج الى المكان أكثر من هذا المقدار، وليس المقصود هو التحديد الحقيقي، فيكون من قبيل قوله تعالى ((وربائبكم اللاتي في حجوركم)) فلا يدور الحكم مدار التحديد الغالب، فلا أثر لهذا التحديد لأن الحكم ثابت مطلقاً

وأشار العلامة الى ما يصلح أن يكون دليلاً على هذا وهو صدق السبق في حق الشخص اذا بقي شاغلاً للمكان فيصدق عليه السبق الى المكان وإن بقي الى الليل ولم يعرض عنه، إذ لا معنى للفرق بين الدقيقة قبل الغروب وبعد الغروب

نعم، اذا التزمنا بهذا الشيء فلا بد من تقييده بأن لا يطول الزمان كما نقلنا ذلك في عبارة الشهيد في الذكرى، والا دخلنا في مشكلة التعطيل، فإن هذا المكان وضع لأجل أغراض خاصة

وهنا يفرق بين كونه شاغلاً له بنفسه وبين شغله برحله، فإذا كان شاغلاً للمكان بنفسه يبقى الحق ثابتاً له ما دام جالساً نعم اذا فارقه وترك رحله يأتي اشتراط عدم طول مدة المفارقة

فنلتزم بما ذكره الشهيد والعلامة

2-الصلاة مقدمة على غيرها حتى العبادات

وهذه المسألة غير مطروحة في كتب القدماء ظاهراً

وقد تعرض لها في الجواهر فقال: (وهل الصلاة مقدمة على غيرها من العبادات كقراءة القرآن؟ وجهان ، أقواهما ذلك ، ولكن لم أجده في كلام أحد من الأصحاب)[1]

وقد يفهم من هذا الكلام المفروغية عن تقدم الصلاة على غير العبادات وإنما الكلام في تقدم الصلاة على غيرها من العبادات

اما تقدمها على غير العبادات فواضح باعتبار أن المساجد وضعت للصلاة بالخصوص او لمطلق العبادة

وانما يقع الكلام في تقدم الصلاة على غيرها من العبادات

وقد يكون هذا مبني على دعوى أن المساجد موضوعة للصلاة، وبعضهم قال يمكن استفادة هذا من تسميتها بالمساجد أي إنها مكان للسجود وهو يكون في الصلاة، فتكون بنيت لاقامة الصلاة فتقدم الصلاة على غيرها ولو من العبادات

ولكن لا دليل واضح على أن المساجد بنيت للصلاة

نعم، يوجد رواية عن النبي (صلى الله عليه واله) عندما وجد من يطلب الضالة في المسجد فقال: ((إن المساجد لم تبن لهذا))

ولكن هذا لا يدل على أن المساجد بنيت للصلاة، نعم هي بنيت للعبادة بمعناها الواسع الشامل للدعاء والاعتكاف وغيرها

ويضاف الى ذلك إن مقتضى الأصل عند الشك في حرمة التصرف في المكان بغير الصلاة عندما يريد الآخر الصلاة فيه هو عدم الحرمة

وقد يقال بالإمكان أن يقال بأن الشك يرجع الى الشك في سعة الإذن وضيقه بمعنى أن الجالس في المكان لقراءة القرآن يشك في أنه مأذون له في التصرف بالمكان لو أراد شخص أن يصلي فيه او انه غير مأذون له بذلك، بمعنى أن الإذن ليس شاملاً لهذه الحالة

فالشك في سعة الإذن وضيقه، ومن هنا قد يقال بأن الأصل يقتضي عدم سعة الإذن

ولكن يمكن أن يجاب بأن المرجع في هذا الفرض هو استصحاب الإذن الثابت سابقاً عندما يطلب منه الآخر الصلاة في المكان، إذ يشك في أن الإذن السابق هل لا زال موجوداً

ولكن الظاهر أن مقصود المستشكل أنه يوجد شك أساساً في سعة الإذن وضيقه، فمن البداية نشك أن الإذن الذي أعطي لهذا الشخص هل هو إذن محدد او غير محدد، فمن البداية نشك أن لديه إذناً او لا

فالدليل على تقدم الصلاة غير واضح وإن كان يوجد نوع من الانس الذهني بأن المساجد بنيت للصلاة

ومن هنا لا وضوح في ما ذكره السيد الماتن في تقدم الصلاة على غيرها

نعم، إحتمال تقدم الصلاة على غيرها من العبادات في المساجد موجود، ولو لهذا الانس الذهني والذي عبر عنه بعضهم بالارتكاز الذهني

ولا بأس بأن يلتزم بالاحتياط بمعنى أن الاحوط للسابق أن يخلي المكان كما أن الاحوط للمسبوق أن لا يزاحمه، وهو مجرد احتياط استحبابي

3-حكم السيد الماتن بتقدم الصلاة على بقية العبادات في هذه الصورة، وأوجب عليه أن يخلي المكان في صورة عدم المزاحمة


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo