< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات

 

(مسألة 757): إذا كان الشارع العام واقعا بين الموات بكلا طرفيه أو أحد طرفيه فلا يجوز إحياء ذلك الموات بمقدار يوجب نقص الشارع عن خمسة أذرع (1)، فإن ذلك حد الطريق المعين من قبل الشرع، بل الأفضل أن يكون سبعة أذرع وعليه فلو كان الإحياء إلى حد لا يبقى للطريق خمسة أذرع وجب عليه هدمه. نعم لو أحيى شخص من أحد طرفيه،ثم أحيى آخر من طرفه الآخر بمقدار يوجب نقصه عن حده لزم على الثاني هدمه دون الأول.

1- كان الكلام في مقدار حدّ الطريق المعتبر شرعاً، وقلنا بأن هناك قولان في المسألة:

القول الاول: إنه خمسة أذرع ويستدل على ذلك بمعتبرة أبي العباس البقباق ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال: إذا تشاح قوم في طريق فقال بعضهم : سبع أذرع ، وقال بعضهم : أربع أذرع ، فقال أبو عبدالله (عليه‌السلام): ((لا بل خمس أذرع))[1]

وذكرنا أن الظاهر أن فاعل قال في في صدر العبارة ليس هو الامام (عليه السلام) بل هو من كلام الراوي عندما طرح المسألة على الامام ونقل له تشاح القوم في الطريق، باعتبار أن هذا هو الذي ينسجم مع قوله في ذيل العبارة فقال ابو عبد الله (عليه السلام)، مضافاً الى نفس استبعاد أن يتصدى الامام (عليه السلام) لطرح نزاع بهذا الشكل ويجيب عنه

يبقى أن المراد بالسؤال هل هو نزاع في قضية خارجية تتعلق بطريق معين او هو النزاع في شبهة حكمية؟

وهذ نقوله باعتبار أنه المناسب لطرحه على الامام (عليه السلام) او تعرض الامام لطرحه، فليس المناسب أن تطرح قضية خارجية على الامام او أن يتصدى الامام بنفسه لطرحها ثم يجيب عنها وإنما المناسب أن تكون المسألة في شبهة حكمية

ونفس جواب الامام في ذيل الرواية ((لا بل خمس اذرع)) قرينة على ذلك، إذ لا معنى لأن يقول الامام إن حدّ الطريق الخارجي المعين هو خمسة أذرع فيقوى أن تكون الرواية ناظرة الى الشبهة الحكمية

وحينئذ يمكن تتميم الاستدلال بالرواية بالقول أن الراوي طرح النزاع على الامام في حدّ الطريق شرعاً وهل هو اربعة اذرع او سبعة، فأجاب الامام بأن حده خمسة أذرع بأن خطأ كلا القولين

فيمكن الاستدلال بهذه الرواية على أن حدّ الطريق هو خمسة اذرع

نعم، يبقى أن الرواية تقول ((اذا تشاح قوم في طريق ..)) ولا يبعد أن الظهور الاولي لهذه العبارة أن النزاع في طريق معين لا في مطلق الطريق وهذا قد يكون مناف لحمل الرواية على الشبهة الحكمية، فإن المناسب للشبهة الحكمية هو الثاني

ولكن الظاهر أن القرائن التي ذكرناها أظهر من هذه القرينة

ويمكن حمل هذا على الشبهة الحكمية أيضاً بأن يقال بأن الاختلاف في الطريق الخارجي وقع من جهة الشبهة الحكمية فيمكن ربطه بالحكم الشرعي

وبناء على هذا التفسير يظهر أن الحكم بأن حدّ الطريق خمسة اذرع ليس مقيداً بصورة التشاح في هذه الرواية، فحد الطريق مطلقاً خمسة أذرع لأن تقييد الحكم بصورة التشاح مبني على أن يكون فاعل قال في صدر الرواية هو الامام (عليه السلام)، فلو كان التشاح مأخوذاً في كلام الامام يكون للرواية مفهوم فينتفي الحكم بانتفاء التشاح

نعم، لا نستطيع أن نتعدى من جواب الامام الى غير هذا المورد، كما لا نستطيع أن ننفي هذا الحكم عن صورة غير التشاح لأن الرواية لا مفهوم لها

ومن هنا نستطيع أن نقول بأن الحكم بخمس اذرع في هذه الرواية ليس مقيداً بصورة التشاح بحيث يكون لها مفهوم، ولكن الحكم المذكور فيها يثبت في هذه الصورة لأن الراوي فرض التشاح في سؤاله والامام أجاب على هذا الفرض الذي فرضه

القول الثاني: إن حدّ الطريق هو سبعة أذرع

واستدل له بموثقة السكوني ((والطريق يتشاحّ عليه أهله فحدّه سبع أذرع))[2] ونحوها رواية مسمع بن عبد الملك

وظاهرها الاختصاص بصورة التشاح فيكون للرواية مفهوم بمعنى انتفاء الحكم في صورة عدم التشاح، غاية ما يمكن أن نقوله إن كون الحدّ سبعة اذرع ينتفي في صورة عدم التشاح، وقال بعضهم إن الذي ينتفي هو أصل الحدّ

نعم، في صورة التشاح تكون الرواية معارضة لمعتبرة البقباق لأن موردها صورة التشاح، دون صورة انتفاء التشاح لأن معتبرة البقباق لا دلالة فيها على انتفاء الحكم بانتفاء التشاح

والمفهوم لهذه الرواية وإن كان هو الأعم، ولكن نقول بأن الحكم بالسبعة اذرع ينتفي بانتفاء التشاح، واما في صورة عدم التشاح فنضطر الى القول بأنه لا تحديد إذ لا دليل على ذلك

فأن معنى عدم التشاح انهم تراضوا على حدّ الطريق فيكون الحدّ هو ما تراضوا به من دون فرق بين أن يكون أقل من سبعة او أكثر لأنه لم يقم دليل على تعيين حدّ الطريق في صورة عدم التشاح

ومن هنا يظهر بأن هناك تعارض بين معتبرتي البقباق والسكوني في صورة التشاح والنزاع

ومن هنا ندخل في كيفية الجمع بين الروايتين، وقد ذكرت وجوه لذلك

الوجه الاول: ما نقل عن المحقق الكركي (قده) من حمل رواية الخمسة اذرع على ما اذا لم تدع الحاجة الى أزيد من ذلك ومعناه اننا نحمل التحديد الأكثر في الرواية على وجود حاجة للاكثر

وفي الحقيقة إن عبارته (تحمل المعتبرة على ما اذا امتدت الحاجة الى الاكثر من الخمس إن لم يلزم من ذلك احداث قول ثالث وإن لزم فالعمل على السبع)

وذكر في المسالك عبارة يمكن ارجاعها الى هذا الحمل (لا بد من حمل اختلاف الاخبار في الحد على اختلاف الطرق فإن منها ما يكفي فيه الخمس ومنها ما يحتاج الى السبع ومنها ما يحتاج الى أكثر من ذلك فلا بد من مراعاة مقدار الحاجة بالنسبة الى الزائد على المقدر)، وكأنه من جانب الكثرة لا تحديد فهو يدور مدار الحاجة ولكن من جانب القلة يوجد تحديد

وهذا جمع تبرعي ليس عليه شاهد من الرواية ولا من خارجها، خصوصاً وأن الامام في معتبرة البقباق خطأ كلا القولين، الا اذا قيدنا تخظئة الامام للقول بالسبعة بما اذا لم تدع الحاجة الى سبعة اذرع،

ولكنه خلاف ظهور الرواية فان التخطئة فيها للقول بالسبعة مطلقاً

الوجه الثاني: حمل الموثقة على الاستحباب، والالتزام بمعتبرة البقباق وهو وجه للجمع بين الادلة، كما في باب التسبيحات الاربعة فنلتزم بوجوب تسبيحة واحدة ونحمل الزائد على الاستحباب

وقد يقال بأنه لا تعارض بين الروايتين أساساً باعتبار أن الحكم بالسبع في الموثقة مختص بصورة التشاح وبمقتضى مفهومها فإن الحدّ في صورة عدم التشاح ليس هو السبع، بينما المعتبرة الدالة على الخمس يدعى بأنها مطلقة من جهة التشاح وعدمه فيقيد اطلاقها بالموثقة، والنتيجة التفصيل بين صورة التشاح فالحد سبعة اذرع عملا بموثقة السكوني، وعدم التشاح فنلتزم بأن حد الطريق خمسة اذرع تمسكاً باطلاق المعتبرة

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo