< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات

 

(مسألة 750): الطريق الذي لا يسلك منه إلى طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطا بالدور من جوانبه الثلاثة، وهو المسمى بالسكة المرفوعة والدريبة، فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه، دون كل من كان‌ حائط داره إليه، وهو مشترك بينهم من صدره إلى ساقه، وحكمه حكم سائر الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد منهم التصرف فيه بدون إذن الآخرين‌ نعم يجوز لكل منهم فتح باب آخر وسد الباب الأول (1)

1- كان الكلام في الحكم الاول الذي ذكره السيد الماتن وهو أن الطريق يكون ملكاً لأرباب الطريق أي كل من له باب مفتوحة على الطريق دون من يملك حائطاً على الطريق

وكونه ملكاً لأرباب الطريق هو أحد القولين في المسألة وهو القول المعروف بل ارسل ارسال المسلمات في كلمات أكثر من واحد

وممن اختاره صاحبا الحدائق والجواهر بالاضافة الى آخرين

وذكر في الحدائق أن المفهوم من كلام الاصحاب من غير خلاف يعرف أن الطرق المرفوعة ملك لأربابها

وتترتب عليه لوازم ولذا فرعنا عليه أمرين

الامر الاول: عدم جواز التصرف في هذه الطرق الا باذن اربابها لانها ملك لهم سواء كان التصرف مضراً بهم او لا، فعدم الاضرار ليس دخيلاً في عدم أخذ الاذن لأنه ملك لهم، بل كذلك الامر حتى في المرور والجلوس في الطريق

الامر الثاني: لا يجوز لأي واحد من أرباب تلك الطريق أن يتصرف الا بأخذ الاذن من أرباب ذلك الطريق باعتبار انه ملك مشترك، وحكم الاموال المشتركة أن الشريك لا يجوز له التصرف في المال الا بأخذ الاذن من شركائه

واستدل في الحدائق بالتصرف على كون الطريق ملكاً، فإن التصرف أمارة على الملك كما أن اليد امارة لى الملك بغير خلاف، ومقصوده من التصرف هو الاستطراق، وهو ملتفت الى مسألة النقض بالطرق النافذة فالتصرف فيها موجود مع عدم الحكم بالملكية فدفعه بأن عدم ثبوت الملك فيها انما هو من حيث عدم حصر السالك فيها، والملك لا بد أن يكون له مالك معين او مالكين معينين، مضافاً الى أن التصرف الموجب للملك لا بد أن يكون مستمراً وهو مفقود في الشوارع النافذة بخلاف المرور في الطرق غير النافذة فإن اربابها يمرون بها دائماً

واستدل في الجواهر[1] بأن هذا الطريق من المباحات وقد أحياه وحازه أربابه على هذا الوجه الخاص والاحياء يوجب الملك، واحياء كل شيء بحسبه فاحياء الطريق بجعله طريقاً والاستطراق به فملكوه بالاحياء

وذكر قد ينقض علينا بالطرق النافذة فانهم أحيوها بالاستطراق، وذكر أن الفارق بينهما هو السيرة المستمرة على الاختلاف بينهما، فالعقلاء يفرقون في التعامل بين الطريقين

ويلاحظ على مجموع هذا الكلام خصوصاً ما ذكره في الجواهر بأن السيرة على خلاف هذا فإنهم لا يتعاملون مع الطريق غير النافذ معاملة الاملاك ولذا لا يتوقف الانسان المتشرع عن الدخول في هذا الطريق الا بعد أخذ الاذن منهم جميعاً

فيتعامل المتشرعة مع الطريقين بنحو واحد، وهم لا يتعاملون مع الطريق معاملة الاملاك لا في الطريق النافذ ولا غير النافذ

فهم لا يتوقفون من الدخول في الدريبة، مضافاً الى أن ما فرعوه على القول بالملكية من أن جواز تصرف أحد أرباب الطريق يتوقف على أخذ الاذن من الجميع لا يخلو من غرابة

خصوصاً اذا عممنا التصرف الممنوع منه الا بعد أخذ الإذن للمرور؛ فإن القاعدة في الاموال المشتركة أن كل تصرف لا يجوز الا برضا الشركاء، وهذا قد يتعذر في بعض الاحيان كما لو كان أحدهم غائباً او صرح بالمنع مما يوقع في العسر والحرج

ويضاف اليه أن مسألة الرجوع الى أمارات الملكية كاليد كما في الحدائق حيث جعل التصرف من أمارات الملكية انما يتم لو كانت الشبهة موضوعية كما لو شك أن هذه الدار لزيد او لعمرو نقول اذا كانت في يد زيد فاليد امارة على الملكية

وكلامنا في أن ما فعله أرباب هذا الطريق هل هو من اسباب الملكية او لا؟ فالشبهة حكمية والمرجع فيها للأدلة الشرعية، كما لو شك في أن الاحياء سبب للملكية او لا، ولا معنى للرجوع الى امارة اليد او الاستطراق والتصرف فيها

ومن هنا يظهر بأن الادلة التي ذكرها العلمان لا تنهض لاثبات ملكية أرباب الطريق للطريق غير النافذة

ونضيف أن مجرد كون الطريق مشتركاً بين هؤلاء لا يثبت الملكية لإمكان أن يكونوا يشتركون في حق الاستطراق في الطريق أي يختص بهم ويثبت لهم حق الاولوية بمعنى أنه عند المزاحمة يقدم حقهم على غيرهم

وحينئذ يظهر أن ما استدل به لإثبات كونه ملكاً لا يكون واضحاً

ومن هنا يمكن القول بعدم الفرق بين الطريق النافذ والطريق غير النافذ في عدم كون كل منهما ملكاً لأحد بل هما باقيان على الاباحة الأصلية

نعم، يفترقان في أن حق الاستطراق في الطريق النافذ لا يختص بأهل الطريق بل هم وغيرهم على حد سواء بخلاف الطريق غير النافذ فإن حق الاستطراق يختص بأرباب الطريق بمعنى أن الاولوية لهم في الاستطراق ولا يجوز لغيرهم أن يزاحمهم في هذا الطريق

كما يفترقان في انه في الطريق العام يجوز فتح الابواب لغير من يسكن في هذا الطريق ولا يحتاج أن يأخذ إذناً من أحد بخلاف الطريق غير النافذ فقد منعوا منه لغير أربابه فمن يملك جدراناً من دون باب لا يجوز له أن يفتح باباً على هذا الطريق من دون إذن أربابها

هذا، وقد استشكل المحقق الاردبيلي في كونها ملكا لارباب الدور

ويبقى أن المشهور ذهب الى أنها ملك لأرباب الطريق فينبغي أن يؤخذ هذا بنظر الاعتبار في محل الكلام

الحكم الثاني: أنه ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه، دون كل من كان‌ حائط داره إليه

والسيرة تساعد على هذا أيضاً فإن الطريق يختص بمن يملك باباً على هذا الطريق سواء فسرنا هذا الاختصاص بالملكية او بالاولوية بالاستطراق

وأما من يملك حائطاً فمعناه أنه يملك باباً على طريق آخر، والسيرة لا تساعد على كونه مشاركاً لمن يملكون ابواباً على الطريق في ملكها

وعلى هذا يتفرع ما ذكروه من أنه لا يجوز له أن يفتح باباً على هذه الطريق

الحكم الثالث: إن الطريق مشترك بينهم من صدره إلى ساقه

والاشتراك بينهم واضح لأنه حكم بالملكية فلا يختص بواحد منهم فلا بد أن يكون مشتركاً بينهم

واما كونه مشتركاً بينهم من صدره الى ساقه فهو إشارة الى بحث هل أن كلاً منهم يملك الطريق من أوله الى آخره او أنه يملك المسافة التي تكون من أول الدريبة الى باب داره أي المسافة التي يستطرقها؟


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo