< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات

 


كتاب المشتركات‌
المراد بالمشتركات:الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الربط و المياه و المعادن.
(مسألة 748): الطرق على قسمين نافذ و غير نافذ أما الأول فهو الطريق المسمى بالشارع العام و الناس فيه شرع سواء،و لا يجوز التصرف لأحد فيه بإحياء أو نحوه،و لا في أرضه (1) ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس أشجار و نحو ذلك،و إن لم يكن مضرا بالمارة.
و أما حفر بالوعة فيه ليجتمع فيها ماء المطر و نحوه فلا إشكال في جوازه، لكونها من مصالحه و مرافقه(2)
و كذا لا بأس بحفر سرداب تحته إذا أحكم أساسه و سقفه (3)
كما أنه لا بأس بالتصرف في فضائه بإخراج روشن أو جناح أو فتح باب أو نصب ميزاب أو غير ذلك.
و الضابط أن كل تصرف في فضائه لا يكون مضرا بالمارة جائز.(4)

ذكر في الجواهر[1] أنه لا موجب لتقديم الاستطراق على التصرفات التي تكون من قبيل الجلوس والوقوف عند التزاحم بينهما، وما ذكره جماعة من أن حق الاستطراق مقدم على هذه الامور لا وجه له لأن الطريق موضوع لجميع هذه الامور فلا داعي لتقديم حق الاستطراق عليها

ولكن قد يتأمل في هذا باعتبار أنه لا اشكال في أن الطرق والشوارع العامة موضوعة أساساً للاستطراق فاذا قلنا بجواز هذه الامور باعتبار انها من شؤون الاستطراق لأن الماشي قد يحتاج الى الجلوس أحياناً فهذا لا يعني انه عند التزاحم أن لا نقدم الاستطراق على هذه الامور، فإن هذا المكان وإن حبس لكي يمر عليه المارة ومن لوازم الاستطراق الوقوف والجلوس لكن هذا لوحده لا يكفي للتوقف في تقديم حق الاستطراق على حق الجلوس وإن كنا لا نمنع من الجلوس، فالالتزام بعدم التقديم ليس سهلاً، بل نلتزم انه عند التزاحم يقدم الاستطراق

نعم، يمكن أن يدعى بأن السيرة قائمة على عدم الفرق بينهما بمعنى أن العقلاء لا يرون تقديم حق الاستطراق على هذه التصرفات التي هي من لوازم الاستطراق بل يعتبرون الوقوف والجلوس من موضوعات الطريق، بمعنى ان الطريق وضع للأعم

وذكروا مؤيداً لعدم الفرق بينهما وهو بناء الفقهاء على ضمان الواقف على الماشي اذا عثر الماشي بواقف كان وقوفه ليس مضراً بالمارة فقالوا بأن دم الماشي هدر ويضمن الماشي دم الواقف

وكأنه استفادوا منه أن الوقوف جائز في الطرق العامة كما هو الحال في المشي بل ضمنوا الماشي عندما يعثر بالواقف

وعلى كل حال فأصل جواز الوقوف والجلوس لا اشكال فيه لأنه من شؤون الاستطراق الا أن هذا لوحده لا يبرر عدم تقديم الاستطراق الذي حبست هذه الارض لأجله على هذه التصرفات

1-الاحياء يكون في الارض فلا داعي للتفريق بين التصرفين لأن كل هذه التصرفات هي تصرفات في الارض

وواضح أن السيد الماتن (قده) ناظر الى التصرفات التي تكون من قبيل الاحياء وحفر النهر لا ما كان من قبيل الجلوس او الوقوف

2-من تعليله الحكم بجواز حفر بالوعة بأنه من مصالح الطريق ومرافقه نستفيد أن كل ما يكون من مصالح الطرق ومرافقه يكون جائزاً فلا فرق بين حفر البالوعة وبين تبليط الطريق او وضع اشجار على جانبي الطريق للزينة او وضع الانارة حتى يهتدي بها المارة

والظاهر أن الجواز مبني -مضافاً الى السيرة على هذا الامر- على أن أمثال هذه التصرفات لا تعد تصرفاً في الطريق على خلاف الجهة التي وضع الطريق لأجلها، فإنها لا تنافي الجهة التي وضع لأجلها الطريق فليس فيه مزاحمة للمارة بل هو يسهل لهم عملية المرور في بعض الاحيان كما لو جمع مياه المطر في بالوعة او وضع الصناديق لجمع النفايات كما ذكره بعض الفقهاء

والكلام في أنه هل يشترط في جواز هذه التصرفات أن لا تكون مضرة بالمارة كما لو كان بعض التصرفات يوجب ضيق الطريق او لا؟

لا يبعد هذا الاشتراط في ما يكون من محسنات الطريق كغرس الاشجار وغيره مما لا يكون أمراً ضرورياً في دوام الطريق

واما اذا كان التصرف ضرورياً لإدامة الطريق وبقاءه وتسهيل أمر الذين يمرون على الطريق حيث يتوقف الانتفاع بالطريق ولو لفترة زمنية على هذا التصرف كما في تبليط الطريق، فلا يبعد عدم الاشتراط

وليس المقصود من الضرر بالمارة أنه يمنعهم من الاستطراق كلياً وانما المقصود أنه يضيق عليهم الطريق شيئاً ما او يبعد عليهم المسافة

3- من الممكن أن يستدل له بأن هذا ليس مزاحماً لمرور المارة بل قد يقال بأنه ليس تصرفاً في الطريق، فالطريق الذي حبس للاستطراق ليس المنظور فيه تخوم الارض، فالعرف لا يرى أن هذا تصرفاً في الطريق فيكون جائزاً بلا اشكال

واما اذا لم نقل بذلك فنستدل بأن هذا ليس فيه مزاحمة لحق المارة

وعلينا ان نبين ما هو الفرق بين هذا وبين مسألة المشاعر حيث كان أحد شرائط الاحياء أن لا تكون الارض مما اوقفه الشارع لعبادات معينة، فقلنا هناك بأن نفس تخصيص هذه الارض كمشعر لأداء العبادة فيه يمنع من الاحياء وإن لم يكن مزاحماً للعبادة وفي محل الكلام قلنا يجوز له أن يبني سرداباً تحت الارض اذا لم يكن مزاحماً لحق المارة

والفرق بينهما أنه في تلك المسألة يوجد جعل وتخصيص شرعي، ونفس تخصيص الشارع الارض للعبادة ينافي احياء قسم منها وإن لم يكن منافياً للعبادة

بينما لا يوجد تخصيص شرعي في محل الكلام، بل يوجد اتفاق وتواضع من قبل الناس على أن يكون هذا طريقاً عاماً وهذا المقدار لا يكون مانعاً من التصرف بما لا يكون مزاحماً لمرور المارة، فقد تواضع الناس على أن يخصوه بالاستطراق وهو لم يفعل شيئاً ينافي الاستطراق

4- بعضهم فسر الروشن بالكوة وبعضهم بالرف وبعضهم ما يخرج من البناء ويجعل تحته عمد في الدرب

وعلى كل حال فهذه امور فيها تصرف في فضاء الشارع فقط الا الكوة فلا تصرف فيها في الفضاء

والظاهر أنهم لا يستشكلون في جواز التصرف في فضاء الشارع بنحو هذه التصرفات بشرط عدم الاضرار بالمارة

ويظهر من الخلاف دعوى الاجماع عليه ومن الشرايع أن جوازه مسلم، ويمكن الاستدلال عليه ببيانين

البيان الاول: إن الطريق ليس مملوكاً لأحد ولازمه أنه باق على اباحته الاصلية غاية الامر انه صار طريقاً ومقتضى صيرورته طريقاً أن المارة لهم حق المرور عليه فاذا فرضنا أنه أخراج روشناً ليس مزاحماً لحق المارة فلا بد أن نبني على جوازه لأنه مباح أصلي غاية الامر انه جعل لمرور الناس

وهذا البيان يفترض أن اخراج الروشن تصرف في الطريق العام


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo