< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

(مسألة 745): الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالإحياء قصد التملك (1) بل يكفي قصد الإحياء والانتفاع به بنفسه أو من هو بمنزلته فلو حفر بئرا في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته ملكها ولكن إذا ارتحل وأعرض عنها فهي مباحة للجمي

1- نتكلم في مسألة اعتبار قصد التملك في ترتب الملكية على الاحياء بناء على أن الملكية هي التي تترتب على الاحياء

وقلنا هناك قولان في المسألة

القول الاول: اعتبار قصد التملك وأن الاحياء من دون قصد التملك لا يترتب عليه أثر، كما ذهب اليه الشيخ (قده)

القول الثاني: عدم اعتبار قصد التملك وأن الملكية تترتب وإن لم يقصد المحيي التملك، وقد أصر عليه صاحب الجواهر، بل صرح بأن الملكية تترتب على الاحياء وإن قصد عدم التملك

وعمدة أدلة القول الثاني هو التمسك باطلاق النصوص، وتقريباً هو الدليل الوحيد فإن نصوص الاحياء تدل على أن الاحياء تترتب عليه الملكية ولا توجد أي قرينة توجب تقييد هذا الاطلاق بما اذا قصد التملك

وبعبارة اخرى إن نصوص الاحياء ظاهرة في انه متى تحقق الاحياء ترتبت عليه الملكية فهو أشبه بالمسبب والسبب ولم يقيد السبب بما اذا قصد التملك

واما القول بالاعتبار فقد استدل له بدليلين

الاول: دعوى أن الاحياء نحو من انحاء الحيازة كالاحتشاش والاصطياد، ويعتبر في التملك بالحيازة قصد التملك فلا بد من اعتبار قصد التملك في الاحياء

الثاني: أصالة عدم ترتب الأثر أي إن الاصل الجاري هو عدم ترتب الملكية على الاحياء من دون قصد التملك لأننا نشك في ترتب الأثر لهذا الخلاف الذي يطرح في المقام

ويلاحظ على هذه الادلة إن اعتبار قصد التملك في التملك بالحيازة محل كلام تقدم التعرض له في (مسألة 709) وانتهينا الى انه لا يعتبر في الحيازة قصد التملك وانما المعتبر قصد الحيازة وفاقاً لجماعة من المحققين

واما الأصل فلا تصل النوبة اليه اذا تم الاطلاق الذي استدل به القائل بعدم الاعتبار، بل نقول لا تصل النوبة اليه اذا تم اجراء الاصل السببي في نفس السبب بأن نشك هل يعتبر قصد التملك في التملك بالاحياء او لا يعتبر، فان الشك في ترتب الاثر وعدمه مسبب عن الشك في اعتبار قصد التملك وعدم اعتباره

وتقدمت الملاحظة على هذا الكلام بأن المشهور يرون جريان أصالة عدم ترتب الأثر وكأنهم لا يبنون على أصالة عدم اعتبار قصد التملك في ترتب التملك على الاحياء، وفي بحث سابق قلنا انهم لا يرون أصالة اعتبار المباشرة في التوكيل والاستيجار

واما ادلة عدم الاعتبار فالعمدة هو اطلاق نصوص الاحياء، وقد نوقش فيه كما في الرياض بانه منصرف الى صورة قصد التملك، فلا دليل على ترتب الملك على الاحياء الخالي من قصد التملك

او بحسب تعبير بعض المحققين المتأخرين إن الاطلاق منصرف عن صورة عدم قصد التملك.

وهذه الدعوى اشار اليها في الجواهر وقال بانها واضحة المنع.

وقد يقال في مقام تاييد دعوى الانصراف بأن قصد التملك كأنه مأخوذ في مفهوم الاحياء بمعنى أن الانسان اذا قام بعملية الاحياء عادة يقوم بعملية الاحياء لنفسه بعد افتراض انه ليس وكيلاً ولا مستأجراً من قبل الغير وواضح انه يقصد أن يترتب على احياءه ما يترتب على الاحياء ولو ارتكازاً فهو يقصد أن تترتب على الاحياء آثاره فهو يقصد ترتب هذه الآثار وهذا عبارة عن قصد التملك ولو ارتكازاً، فهو يقصد التملك بالارتكاز وإن لم يكن ملتفتاً لذلك

ويمكن توضيح ذلك اكثر اذا لاحظنا الحيازة مع الاحياء فإن هذه الدعوى تدعى في الاحياء ولكن لا تصح في الحيازة بمعنى انه لا يمكن أن نقول بأنه أخذ في مفهوم الحيازة قصد التملك لأن الحيازة تعني عرفاً ولغة وضع اليد على الشيء وليس بالضرورة أن يكون ملازماً لقصد التملك فقد يضع الانسان يده على الشيء لأجل غرض آخر كما لو وضع يده على الشيء لأجل أن يزيحه عن الطريق او لأجل أن يراه وهل هو ملائم له ليأخذه او لا

ومن هنا لا تكون الحيازة فيها دلالة على قصد التملك

بينما الاحياء ليس هو وضع اليد على الشيء فقط بل هو عملية يقوم بها الانسان ومن الصعوبة أن نتصور وقوع هذه العملية لأجل غرض آخر وانما الغرض الوحيد الذي يمكن تصوره عادة انه يريد الاحياء لنفسه، وافتراض انه يريد احياء هذه الارض من دون أن يكون وكيلاً او اجيراً لغرض آخر لا لنفسه افتراض نادر جداً وهذا معناه انه بحسب العادة أن من يحيي الارض يقصد احيائها لنفسه

ومعناه انه يقصد ترتب الاثار على الاحياء لنفسه ولو ارتكازاً، وهذا معنى ما ذكر من أن قصد التملك كأنه مأخوذ في مفهوم الاحياء بمعنى أن من لوازم الاحياء العادية قصد التملك

فاذا تم هذا المطلب تكون دعوى الانصراف قريبة، ولازم ذلك اعتبار قصد التملك او الأحقية والاولوية في الاحياء وفاقاً لمن تقدم ذكره، نعم قد يحصل خلاف في التطبيقات كما في المثال الذي طرحه السيد الماتن وهو من يحفر بئراً في مفازة لأجل أن يقضي حاجته، فالذين يقولون باعتبار قصد التملك قالوا بانه لا تترتب الملكية على حفره وذكروه مثالاً لعدم ترتب الملكية على الاحياء من دون قصد التملك، والذين يقولون بعدم اعتبار قصد التملك قالوا بثبوت الملكية.

والذي يقال في المقام هو أن الملكية ثابتة بحفر هذه البئر باعتبار تحقق قصد التملك غاية الأمر انه يقصد التملك المؤقت ولفترة محددة لأنه باني على أن يعرض عن البئر بعد أن يقضي حاجته، فنحن نرى في هذا المثال تحقق قصد التملك لكنه لفترة محددة ونختلف مع من قال بعدم تحقق الملكية، وإن كنا نوافقهم في أصل المبنى في اعتبار قصد التملك لكننا نرى أن القصد في المثال متحقق

وحتى في مسألة الموكل والمستأجر يمكن أن يقال بأنهما يقصدان التملك، باعتبار انه انما يدفع للأجير اجرة حتى يكون مالكاً لهذا العمل فهو يريد احياء الأرض له لكنه لا يقوم بالعمل مباشرة وانما بالنيابة فهو يقصد ترتب الأثر على هذا الاحياء، غاية الأمر قد يكون غير ملتفت اليه ولكن يكفي أن يتحقق ارتكازاً واجمالاً

فالصحيح أن يقال بأن قصد التملك معتبر في الاحياء، نعم هو غير معتبر في الحيازة لأنها تقع على وجوه بينما تصور ان يقع الاحياء لغرض آخر صعب وانما هو يكون عادة لغرض أن تترتب آثار الاحياء لنفسه

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo