< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 744): اللازم على المحجر أن يشتغل بالعمارة و الاحياء عقيب التحجير فلو أهمل و ترك الإحياء و طالت المدة ففي جواز إحيائه لغيره بدون إذنه إشكال (2) فالأحوط أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي (3) مع بسط يده أو وكيله فيلزم المحجر بأحد أمرين إما الإحياء أو رفع اليد عنه نعم إذا أبدى عذرا مقبولا يمهل بمقدار زوال عذره فإذا اشتغل بعده بالتعمير و نحوه فهو و إلا بطل حقه (4) وجاز لغيره إحياؤه و إذا لم يكن الحاكم موجودا فالظاهر سقوط حق المحجر إذا أهمل بمقدار يعدّ عرفا تعطيلا له (5) والأحوط الأولى مراعاة حقه إلى ثلاث سنين.

(مسألة 745): الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالإحياء قصد التملك (6) بل يكفي قصد الإحياء والانتفاع به بنفسه أو من هو بمنزلته فلو حفر بئرا في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته ملكها ولكن إذا ارتحل وأعرض عنها فهي مباحة للجمي

3-بينا وجه الاحتياط في الدرس السابق، واما أن الحاكم بعد مراجعته يلزمه بأحد الأمرين اما الاحياء او التخلية فالوجه فيه أنه الطريق لمعرفة حال المحجر الذي أهمل التحجير مدة طويلة من الزمان وانه ناوي الاحياء او لا، فاذا اختار الاحياء يفهم منه انه لم يعرض عن الاحياء والا يلزم برفع يده عن الارض

4-وهذا مطابق للقواعد لأنه اذا أبدى عذراً مقبولاً لا بد من إمهاله حتى نرى انه بعد هذه المهلة هل يشتغل باحياء الارض او لا، فإن اشتغل باحياء الارض فهو وإن استمر على ترك الاحياء بعد المدة بطل حقه باعتبار أن هذا مؤشر على عدم إرادته الاحياء

وعبر الفقهاء بأن ينتزعها الحاكم من يده ويعطيها لشخص آخر وهو كناية عن سقوط حقه في الارض

5-وهذا لا يختص بعدم وجود حاكم بل حتى لو وجد ولكن لم يكن مبسوط اليد، وذهب المصنف الى سقوط حق المحجر في هذا الفرض اذا صدق على التأخير تعطيل الارض عرفاً

وهذا مبني على ما تقدم من أن الشارع لا يرضى ببقاء الأرض معطلة من دون استغلال إذ لا بد أن ينتفع بها بشكل من أشكال الانتفاع، ويمكن ان يستدل على هذا المطلب بروايات

الأولى: صحيحة معاوية بن وهب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ((أيّما رجل أتى خربة بائرة فاستخرجها ، وكرى أنهارها وعمرها، فإنَّ عليه فيها الصدقة، فإن كانت أرض لرجل قبله، فغاب عنها وتركها فأخربها، ثم جاء بعد يطلبها، فإنَّ الأرض لله ولمن عمرها))[1] وهي عبارة اخرى عن أن الارض تكون للثاني ويسقط حق الاول بعد أن تركها وأدى الترك الى خرابها

الثانية: صحيحة أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ((من أحيى أرضاً من المسلمين فليعمرها، وليؤدّ خراجها إلى الإِمام من أهل بيتي ، وله ما أكل منها ، فإن تركها وأخربها، فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها ، فهو أحقّ بها من الذي تركها، فليؤدّ خراجها إلى الامام من أهل بيتي، وله ما أكل منها حتّى يظهر القائم ( عليه السلام ) من أهل بيتي بالسّيف، فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها))[2] فالشارع لا يرضى ببقاء الارض معطلة، فإنه وإن كان الشارع لا يلزم الناس بتعمير الارض ولكنه حثهم على ذلك، ومن يضع يده على ارض ويهملها يسقط حقه في الارض ويجوز لغيره إحيائها

الثالثة: رواية يونس عن العبد الصالح ( عليه السلام ) ، قال : قال : ((إنَّ الأرض لله تعالى جعلها وقفاً على عباده، فمن عطل أرضاً ثلاث سنين متوالية لغير ما علّة اُخذت من يده ، ودفعت إلى غيره ، ومن ترك مطالبة حقّ له عشر سنين فلا حقّ له))[3] ولم يتقيد الفقهاء بالثلاث سنين باعتبار ضعف سند الرواية بل جعلوا الامر دائراً مدار صدق التعطيل

6-قصد الاحياء عادة موجود لأن العاقل عندما يقدم على عمل عادة ما يكون قاصداً له، ولكن الكلام في قصد التملك وذهب السيد الماتن (قده) الى عدم اعتباره في التملك بالاحياء وفرع عليه ما ذكره في المتن

وطرح المسألة بهذا الشكل مبني على أن الاحياء يوجب التملك، وأما اذا بنينا على الرأي الآخر القائل بأن ما يثبت بالاحياء هو الاولوية والأحقية والاختصاص فينبغي أن تطرح المسألة هكذا هل يعتبر في ثبوت حق الاولوية والاختصاص بالاحياء قصد هذا الحق او لا؟

وعلى كل حال تظهر ثمرة المسألة في المثال الذي ذكره في المتن وهو من حفر بئراً في الصحراء لا بقصد التملك وانما بقصد الانتفاع به فإن قلنا باعتبار قصد التملك او قصد ثبوت الحق، فلا يكون مالكاً لهذه الارض حينئذ لأنه لم يقصد التملك ولا يثبت له الحق على القول الثاني لأنه لم يقصده

واما اذا قلنا بعدم اعتبار قصد التملك او الحق فلا مانع في أن يترتب الأثر على هذا الاحياء

وفي المسألة قولان رئيسيان:

الاول: اعتبار القصد، وذهب اليه جماعة منهم الشهيد في الدروس ومن المتأخرين السيد في الوسيلة ولم يستبعده السيد في الرياض، ويظهر من الشيخ الطوسي وجملة من المتقدمين

لأنهم في مسألة من حفر بئراً في الموات لا للتملك حكموا بأنه أحق بها مدة مقامه ولا يملكها لأن المحيي لا يملك بالاحياء الا اذا قصد تملكه به، كما في المبسوط والسرائر والقواعد والدروس واللمعة والروضة، فعباراتهم تقريبا صريحة في اعتبار قصد التملك بالاحياء

الثاني: عدم اعتبار القصد للتملك بالاحياء

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo