< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 743): إذا انمحت آثار التحجير فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه وإذا لم يكن من جهة إهماله وتسامحه وكان زوالها بدون اختياره كما إذا أزالها عاصف ونحوه ففي بطلان حقه إشكال (1)

(مسألة 744): اللازم على المحجر أن يشتغل بالعمارة و الاحياء عقيب التحجير فلو أهمل و ترك الإحياء و طالت المدة ففي جواز إحيائه لغيره بدون إذنه إشكال (2) فالأحوط أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي (3) مع بسط يده أو وكيله فيلزم المحجر بأحد أمرين إما الإحياء أو رفع اليد عنه نعم إذا أبدى عذرا مقبولا يمهل بمقدار زوال عذره فإذا اشتغل بعده بالتعمير و نحوه فهو و إلا بطل حقه و جاز لغيره إحياؤه و إذا لم يكن الحاكم موجودا فالظاهر سقوط حق المحجر إذا أهمل بمقدار يعدّ عرفا تعطيلا له و الأحوط الأولى مراعاة حقه إلى ثلاث سنين.

1- ذكرنا أنه يحتمل أن نفرق بين الصورتين اللتين ذكرهما السيد الماتن (قده)

ووافقناه في الصورة الاولى في الحكم بأنه يبطل حقه اذا كان زوال آثار التحجير من جهة الاهمال وقد اتفقوا على ذلك

واما في الصورة الثانية اذا ذهبت آثار التحجير بدون اختياره كما إذا أزالها عاصف

فواضح من اتفاقهم على الحكم بالبطلان في الصورة الاولى أنهم يعتبرون الاهمال والتسامح الذي فرضوه علامة على أنه لا يريد الإحياء، ولذا فرقوا بينها وبين الصورة الثانية، لأن الآثار الخارجية انمحت في كلتا الصورتين

والفرق بينهما انه في الصورة الاولى يوجد اهمال وتسامح من قبله دونه في الصورة الثانية

فالحكم ببطلان حقه في الصورة الاولى والحكم بالصحة او الاشكال في الثانية يكشف عن أن الاهمال في الصورة الاولى علامة على عدم ارادة الاحياء

أقول إن نفس تفصيلهم بين الصورتين مع اتفاقهما على محو الآثار يكشف عن أن المدار ليس على محو الآثار بل على كشفه عن عدم ارادة الاحياء وعدمه

وحتى الحكم ببقاء الحق في الصورة الثانية فهو ليس مطلقاً وانما قيده كثير من الفقهاء بما اذا بادر الى التحجير بعد فرض علمه بزوال الآثار

فما ذكرناه في الصورة الثانية من أنه يبقى الحق له انما هو في صورة عدم علمه بزوال الآثار او علمه مع مبادرته الى التحجير

2- موضوع المسألة هو فيما اذا حجر وترك الاحياء مدة طويلة، وقد استشكل السيد الماتن (قده) في سقوط حقه

ولا يبعد أن يكون هذا الاشكال ناشئاً من دعوى أن الفصل الزماني بين التحجير وبين الاحياء لا يكون موجباً لسقوط الحق، ولا أقل من الشك في ذلك فيجري استصحاب بقاء الحق

وهذا هو ظاهر جملة من الفقهاء كالشيخ الطوسي والمحقق في الشرائع والعلامة في جملة من كتبه حيث عبروا المحجر اذا اهمل العمارة اجبره الحاكم على الاحياء او التخلية بينه وبينها

وهذا الكلام ظاهر في عدم سقوط حقه بمجرد ترك الاحياء في مدة طويلة كما فرضه السيد الماتن (قده) وانما ترفع القضية الى الحاكم الشرعي، ولعل الدليل على ذلك هو ما ذكرناه من أنه لم يحدث شيئاً يوجب سقوط حقه

وفي المقابل قد يقال بوجه يقتضي سقوط الحق، بأن يقال إن المسألة مسألة إهمال لا مجرد ترك الاحياء في هذه المدة لأن المفروض في عبارات الفقهاء عنوان الاهمال وهو غير ترك الاحياء، لأنه يعني تعمد ترك الاحياء مع القدرة عليه ومع عدم وجود عذر مقبول له

واما اذا فرضنا أنه ترك الاحياء لأنه غير قادر على الاحياء فلا يطلق عليه أنه أهمل الاحياء عرفاً، وهكذا اذا كان قادراً عليه لكنه كان معذوراً عذراً مقبولاً

فالاهمال إنما يتحقق مع القدرة على الاحياء ومع عدم وجود عذر

فالشخص القادر على الاحياء وليس له عذر في تأخير الاحياء قد يستفاد من اهماله انه لا يريد الاحياء فيسقط حقه حينئذ لأن بقاء الحق وعدمه يدور مدار إرادة الاحياء وعدم إرادته، ويمكن أن يكون إشكال السيد الماتن وتوقفه من هذه الجهة

ولكن الظاهر أن المقصود بالاهمال في عبارات الفقهاء مجرد ترك الاحياء، ولذا فسره السيد الماتن (قده) في عبارته بترك الاحياء

وحينئذ يصح الوجه الاول الذي ذكرناه من أن مجرد ترك الاحياء لوحده ليس مبرراً لسقوط الحق

فاذا كان كاشفاً عن عدم إرادة الاحياء يكون مبرراً لسقوط الحق ولا أقل من استصحاب بقاء الحق اذا شككنا في بقاءه

نعم اذا علمنا أن السبب في هذا الترك هو الاهمال والتسامح وعدم الاعتناء يكون كاشفاً عن عدم ارادة الاحياء حينئذ

وأما لو اكتشفنا أن السبب هو عدم القدرة على الاحياء او لوجود عذر ففي هذه الحالة نبني على بقاء الحق

ومن هنا يبدو أن الصحيح في المسألة في فرض الاهمال بمعنى ترك الاحياء أن يقال ببقاء الحق وعدم جواز الاحياء للغير الا اذا ثبت انصرافه عن الاحياء فيسقط حقه حينئذ ويجوز للغير الاحياء بلا حاجة الى مراجعة الحاكم الشرعي

نعم اذا لم يثبت اعراضه عن الارض فلا نقول بسقوط الحق بل يبقى الحق موجوداً غاية الأمر انه ترك الارض لفترة طويلة فاذا فرضنا انه صدق على هذه الفترة تعطيل الارض والاضرار بمصلحة الناس يرفع الأمر الى الحاكم الشرعي

وفي قبال هذا قد يقال بأن سقوط الحق منوط بترك الاحياء ثلاث سنين ويستدل له

برواية يونس عن العبد الصالح ( عليه السلام ) ، قال : قال : إنَّ الأرض لله تعالى جعلها وقفاً على عباده، فمن عطل أرضاً ثلاث سنين متوالية لغير ما علّة اُخذت من يده، ودفعت إلى غيره، ومن ترك مطالبة حقّ له عشر سنين فلا حقّ له)[1]

وذيل الرواية يرتبط بما يعرف عند العامة بأن الحقوق تسقط بالتقادم ومرور الزمان

ومحل الشاهد قوله (من عطل أرضاً ثلاث سنين متوالية ...) وواضح أن هذا دليل على سقوط حقه بالارض

ودلالتها لا بأس بها في الجملة، ويفهم من الرواية أنه قبل ذلك يبقى حقه ولا تؤخذ الارض من يده

ولكن المشكلة في سندها، فقد رواها محمد بن يعقوب، عن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الريّان بن الصلت، أو رجل، عن الريّان، عن يونس

ويظهر أن هنا طريقان الاول تروي فيه العدة عن سهل والثاني تروي فيه عن رجل وكل منهما يروي عن الريان فالرواية اما ضعيفة بسهل او بالارسال

ولذا لا يمكن الالتزام بذلك

3- الظاهر أن المقصود من يريد احياء الارض يرفع أمره الى الحاكم لأنه متردد في الاحياء، والاحتياط باعتبار عدم وضوح القضية، لأن سبب تركه للإحياء تارة يبرر سقوط حقه واخرى لا يبرر ذلك، فيتعين الرجوع الى الحاكم لكي يستوضح الامر ويعرف السبب في ترك الاحياء

والحاكم يلزمه بأن يختار أحد أمرين اما الاحياء او التخلية فاذا اختار الاحياء يستوضح حاله انه لم يرفع يده عن احياء الارض او يرفع يده عنه


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo