< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات


(مسألة 741): لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة بل يجوز أن يكون بالتوكيل والاستيجار وعليه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموكل والمستأجر لا للوكيل والأجير (1)

(مسألة 742): إذا وقع التحجير عن شخص نيابة عن غيره ثم أجاز النيابة فهل يثبت الحق للمنوب عنه أو لا وجهان لا يبعد عدم الثبوت (2)

(مسألة 743): إذا انمحت آثار التحجير فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل حقه و جاز لغيره إحياؤه و إذا لم يكن من جهة إهماله و تسامحه و كان زوالها بدون اختياره كما إذا أزالها عاصف و نحوه ففي بطلان حقه إشكال (3)

1- كان الكلام في استدلال الجواهر بالروايتين على أنّ الأصل مشروعية الوكالة في كل شيء الا ما قام الدليل على عدم جوازها فيه

ويبدو أن الاستدلال بالروايتين لا يخلو من تأمل لأنها ليست ناظرة الى أن الوكالة بم تصح، وانما تمام نظرها الى أن الوكالة تبقى ثابتة ولا ترتفع الا ببلوغ العزل الى الوكيل، فالافعال التي تصدر من الوكيل قبل بلوغ العزل تكون نافذة وصحيحة، وحتى عبارة في (أمر من الامور) لا عموم فيه، فالاستدلال بها لتأسيس هكذا أصل لا يخلو من شيء

وعلى كل حال فتبين أن التحجير يقبل التوكيل

واما قبوله للاستئجار فالظاهر أن هذا هو الصحيح باعتبار أن الفعل يسند الى المستأجر، والأجير مجرد واسطة، فيقال بأن المستأجر حجر الارض فيثبت له الحق ولا يثبت لنفس الأجير

ويمكن بيانه بطريق آخر بأن يقال بأن المستأجر حيث أنه يملك العمل في ذمة الأجير وهو التحجير في محل الكلام، فهذه العلاقة تصحح اسناد العمل الى المستأجر ولذا يقال بأن المستأجر هو الذي حجر فاذا تمت هذه النسبة تشمله الأدلة التي تقول بأن الحق للمحجر وهو المستأجر في محل الكلام

2- يوجد في هذه العبارة احتمالان ناشئان من اختلاف عبائر الفقهاء:

الاول: (إذا وقع التحجير من شخص نيابة عن غيره ثم أجاز النيابة)[1] ، بمعني أن الغير لم يوكله ولم يستأجره وانما هو جاء بالتحجير وقصده التحجير عن الغير ثم أجاز الغير النيابة

ويقع الكلام في أن الاجازة هل تصحح وقوع التحجير عن الغير الذي قصد التحجير عنه بحيث ينتسب التحجير ويسند اليه، كما يسند اليه لو كان وكيلاً عنه

وذهب السيد الماتن الى عدم ثبوت الحق للغير

ولعل السر فيه هو أنه لا وجه لإسناد الفعل الى ذلك الغير بعد فرض أن من قام بالعمل لا وكيلاً عنه ولا أجيراً له وإنما هو نوى النيابة عن شخص

فهل تكفي نية المحجر النيابة عن شخص ثم إجازة الشخص النيابة بعد علمه بها في انتساب الفعل الى ذلك الشخص حتى تشمله الادلة او لا؟

ويظهر من السيد الماتن (قده) أنه يبني انه لا يكفي هذا في الانتساب

وبعبارة أخرى الفضولية في باب النيابة او الوكالة تتصور بأن ينصب شخص وكيلاً عن زيد ثم يجيز زيد هذه الوكالة فهذه وكالة فضولية صدرت عن من لا حق له في التنصيب

وهذا غير موجود في محل الكلام، إذ لم تصدر وكالة من شخص فضولاً وإنما الذي صدر هو فعل من شخص نوى به النيابة عن زيد، فهذا ليس مرتبطاً بباب الاجازة لما يصدر فضولاً، فشمول الفضولية لمثل محل الكلام ليس واضحاً

فما ذكره السيد الماتن (قده) هو الصحيح، ولا أقل من التشكيك في شمول أدلة صحة الفضولي لما كان من هذا القبيل

الاحتمال الثاني: إن الموجود في العبارة هو (إذا وقع التحجير عن شخص نيابة عن غيره ثم أجاز النيابة)

وكأنه يفترض شخصاً وقع منه التحجير ونوى التحجير عن شخص وذاك يكن نائباً عن الغير

ويؤكد ذلك انه ذكر في الوسيلة وتحريرها أن (ثبوته للمنوب عنه بعيد) بعد أن ذكر قوله (كفاية وقوعه عن شخص نيابة عن غيره ثمّ أجاز ذلك الغير)[2] ،

وتصورها بأن يقوم الاول بالتحجير نيابة عن الثاني وهو نائب عن الغير لكنه لم يقم بعملية التحجير وانما تبرع الاول فحجر وقصد النيابة عن الثاني

فالكلام يقع بأن الثالث اذا أجاز ذلك فهل يقع للمنوب عنه او لا ؟

ولو صدر التحجير من الثاني فلا مشكلة لأنه نائب فيكون داخلاً في المسألة السابقة، ولكن فرض في المسألة أنه لم يقم بالعمل وإنما من قام بالعمل شخص متبرع آخر

والظاهر أن عدم صحة الإسناد والانتساب في هذا الاحتمال الثاني يكون أوضح لأنه يوجد واسطة في البين، لأن الثاني اذا أجاز بنفسه لا ينتسب الفعل اليه فما ظنك بإجازة ثالث في صحة الانتساب للثاني

3- وفرض المسألة هو ما إذا كان ذلك قبل الاحياء، لأن الحق الذي يثبت بعد الاحياء غير الحق الذي يثبت بالتحجير كما تقدم

وينعقد الكلام حول المسألة في صورتين

الصورة الاولى: إذا كان ذهاب الآثار من جهة إهمال المحجر،

ولا ينبغي الاشكال في بطلان الحق في هذه الصورة، فقد اتفقوا على ذهاب الحق في هذا الفرض، فإن المعتبر في ثبوت الحق أن يكون المحجر مريداً للاحياء، والظاهر انه لا يفرق في ذلك بين الحدوث وبين البقاء بمعنى أن إرادة الاحياء شرط في ثبوت الحق حدوثاً وبقاءً لأن القضية منوطة بإرادة الإحياء

فإذا فرضنا انه في مرحلة البقاء لم يرد الاحياء فتحجيره لا يترتب عليه أثر لأن التحجير انما يترتب عليه الأثر اذا كان علامة على إرادة الاحياء، وذهاب الآثار نتيجة التسامح والتهاون يكون كاشفاً عن عدم إرادة الإحياء

الصورة الثانية: اذا كان ذهاب الآثار نتيجة سبب غير اختياري

وقد يقال بأنه يبطل حقه كما في الصورة الاولى باعتبار أن الآثار قوام هذا الحق، فالحق متقوم بالآثار فاذا زالت يزول الحق حتى لو كان زوالها بسبب غير اختياري، فيزول الحق بزوال موضوعه لأن موضوعه هو التحجير وآثار التحجير

ولكن الظاهر أن التحجير مجرد علامة على إرادة الاحياء والمناط في ثبوت الحق وعدمه على ما ينكشف بهذه العلامة لا أنه يدور مدار وجود العلامة وعدم وجودها

وفي محل الكلام ذهاب الآثار نتيجة سبب غير اختياري لا يكشف عن عدم إرادة الاحياء


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo