< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 737): التحجير كما عرفت يفيد حق الأولوية و لا يفيد الملكية و لكن مع ذلك لا بأس بنقل ما تعلق به بما هو كذلك ببيع أو غيره فما هو غير قابل للنقل إنما هو نفس الحق حيث أنه حكم شرعي غير قابل للانتقال و أما متعلقة فلا مانع من نقله(1)

(مسألة 738): يعتبر في كون التحجير مانعا تمكن المحجر من القيام بعمارته و إحيائه فإن لم يتمكن من إحياء ما حجّره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقف عليها الإحياء جاز لغيره إحياؤه(2)

1-كان السند المذكور في رواية محمد بن مسلم وعمر بن حنظلة هو (وعنه ، عن علي ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم وعمر بن حنظلة عن أبي عبدالله ( عليه السلام))[1]

والمراد بعلي هنا ليس علي بن ابراهيم، بل الظاهر أن المراد به شخص آخر ويقع الكلام في تشخيصه

والضمير في (عنه) يرجع الى علي بن الحسن بن فضال، وإن كان هناك احتمال آخر يذكره العلامة المجلسي (قده)

فعلي هو من يروي عنه ابن فضال، وعندما نراجع من يروي عنه علي بن الحسن بن فضال ممن يسمى بعلي نجد اربعة اشخاص هم: علي بن مهزيار، وعلي بن اسباط فهو يروي عنه كثيراً، وعلي بن الحسن الجرمي، وعلي بن الحكم، وكلهم ثقات

واذا دار أمر علي المذكور في السند بينهم فلا مشكلة فبالامكان أن يحكم بصحة السند،

وقد يرجح كون المراد بعلي هو ابن مهزيار او ابن الحسن الجرمي الطاطري، بقرينة روايته عن حماد بن عيسى، فإن من يروي عنه هو ابن مهزيار والجرمي

ولكن العلامة المجلسي[2] (قده) في شرح التهذيب احتمل عود الضمير في (عنه) الى الصفار، ثم ذكر أنه لا يبعد أن يكون المراد بعلي علي بن حديد وعلى هذا الاساس حكم بضعف الرواية والرواية التي بعدها، لأن علي بن حديد لم تثبت وثاقته

والكلام في أنه من أين جاء هذا الاحتمال، فقد قلنا بان علي بن الحسن بن فضال ليس له رواية عن علي بن حديد كما ذكر السيد الخوئي[3] (قده) والسيد البروجردي (قده)

مضافاً الى أن حماد بن عيسى لم يذكر[4] أنه روى عنه علي بن حديد

وأما الاحتمال الذي ذكره في عود الضمير، فمنشأه أن الرواية الاولى في الباب من الوسائل مروية عن الصفار وجائت بعدها الرواية الثانية وروايتنا هي الثالثة، والروايات بهذا التسلسل مذكورة في التهذيب

ولكن حتى على تقدير هذا الاحتمال، فالصفار ليس له رواية عن علي بن حديد، فيبقى السؤال حول منشأ هذا الاحتمال

والذي يغلب على الظن أن المراد به علي بن اسباط لكثرة روايات ابن فضال عنه، لأننا نستقرب أن المراد بالضمير في (عنه) هو علي بن الحسن بن فضال

وهذا الشيء موجود لانه عندما تكثر رواية شخص عن آخر قد يستغنى عن ذكر الاسم تفصيلاً فيقال عن علي

وبالدرجة الثانية من الاحتمال قد يكون المراد به علي بن مهزيار لأنه يروي عن حماد بن عيسى، وكل منهما ثقة بلا إشكال، ومن هنا يتبين أن الرواية تامة سنداً

فكل الروايات تامة سنداً وهي دالة على خلاف ما ذهب اليه المشهور في الجملة، فهي تطلق البيع والشراء على شراء وبيع ما لا يكون من الاعيان

ولكن الاصحاب لم يقبلوا بذلك وذهبوا الى اشتراط أن يكون المبيع عيناً

واستدل المحقق النائيني (قده) بانصراف الأدلة إلى ما هو المعهود خارجاً من جعل المعوض في البيع عيناً، وذكر أنه لا اقل من الشك في شمول المطلقات لغير العين، وحينئذ نقتصر على المتيقن، والمقصود الأدلة الدالة على النفوذ وصحة المعاملة

أقول واضح أن هذا النمط من الكلام في مقام تحديد ما هو البيع المؤثر في النقل والانتقال شرعاً، ولذا ذهب الى أن أدلة الصحة مختصة بما إذا كان المبيع عيناً

ولكن هذه المرحلة متأخرة بحسب ما نراه فأولاً يجب علينا تشخيص المراد بالبيع عرفاً ولغة، فاذا شخصنا أن المراد به الأعم، فكما يصدق البيع على بيع الاعيان يصدق على بيع المنافع

بعد ذلك نقول أن الموضوع في أدلة النفوذ هو البيع، والشارع لم يحدد المراد من البيع فترك الأمر الى العرف فما حدده العرف هو النافذ، وما حدده العرف هو الأعم فما ينفذ هو الأعم، الا اذا دلّ دليل على المنع من النفوذ لمطلق البيع

فكلامنا فعلاً في تحديد مفهوم البيع

ومن هنا يظهر أن الاستدلال بانصراف الادلة والتشكيك في شمول مطلقات النفوذ لبيع المنافع، او الاستدلال بالاتفاق على أن يكون المبيع عيناً لا يصح في محل الكلام، فإن الكلام في تحديد المعنى العرفي للبيع

خصوصاً وأن تمام نظر المجمعين الى البيع الصحيح المؤثر

والمنحى الذي ذكره السيد اليزدي[5] (قده) أفضل، فإنه استدل بالتبادر على أن المبيع لا بد أن يكون عيناً واستدل بصحة السلب عن تمليك المنفعة بالعوض

فيكون استعماله في نقل غير الاعيان مجازاً، لا يحمل الدليل عليه الا مع القرينة

وهذه الدعوى عهدتها على مدعيها باعتبار أن التبادر الذي يعتبر من علامات الحقيقة لا بد أن يكون ناشئاً من حاقّ اللفظ لا أن ينشأ من أمور خارجة عن اللفظ

فاذا سلمنا إنسباق نقل الاعيان من البيع فيحتمل في المقام أن التبادر ينشأ من التعارف الخارجي وغلبة وجود هذا الفرد في الخارج، ولا يكون التبادر كاشفاً عن الحقيقة اذا استند الى هذه الغلبة

كما أن صحة السلب غير مسلمة

ففي زماننا على الاقل يطلق البيع على نقل الحق ولا يشعر الانسان بالتجوز كالسرقفلية، بل في نقل الحقوق بشكل عام

ومن هنا قالو بأن عهدة هذه الدعوى على مدعيها

وحاول بعضهم أن يؤيد دعوى العموم وأن البيع أعم من نقل الاعيان، بما ورد من تعريف البيع من أنه مبادلة مال بمال

وذكر أن المال أعم من الاعيان، فهو كل ما يتنافس العقلاء في الحصول عليه ويبذلون بازاءه مالاً

وهو ليس بواضح، باعتبار تصريح بعض اللغويين بإختصاص المال بالاعيان،كما في النهاية لابن الاثير وفي مجمع البحرين وإن كان المظنون أنه أخذه من النهاية

وعلى كل حال فلا نريد أن نقول بأن التعميم ثابت عندنا، كما لا نريد أن نقول بثبوت اختصاص البيع بنقل الاعيان

فالمسألة تحتاج الى تعمق أكثر

واذا لم نصل الى نتيجة فالطريق هو الاحتياط كما ذهب اليه بعض الأجلة


[4] ينظر معجم رجال، ج1، ح7، ص236.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo