< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 737): التحجير كما عرفت يفيد حق الأولوية و لا يفيد الملكية و لكن مع ذلك لا بأس بنقل ما تعلق به بما هو كذلك ببيع أو غيره فما هو غير قابل للنقل إنما هو نفس الحق حيث أنه حكم شرعي غير قابل للانتقال و أما متعلقة فلا مانع من نقله(1)

(مسألة 738): يعتبر في كون التحجير مانعا تمكن المحجر من القيام بعمارته و إحيائه فإن لم يتمكن من إحياء ما حجّره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقف عليها الإحياء جاز لغيره إحياؤه(2)

1- ذكرنا أدلة لعدم وقوع الحق ثمناً في البيع

وذكرنا انه قد يضاف الى تلك الادلة دليل آخر بأن يقال بأن البيع مبادلة بين المالين في الملكية فليس هو مبادلة بين الملكيتين وانما بين متعلقيهما، وبناء على هذا لا يمكن أن يقع الحق ثمناً في البيع والا لا تكون مبادلة بين المالين، ونفس الكلام يقال في الملكية فلا يمكن ان تقع ثمنا في البيع

وبعبارة اخرى إن المراد بالسلطنة هو السلطنة على متعلق الملكية لا على نفس الملكية، ونفس الكلام في السلطنة على الحق فهو مسلط على متعلق الحق، فالسلطنة التي هي من اثار الملكية والحق هي سلطنة على متعلق الحق والملكية

فلا يكون البائع مسلطاً على الحق حتى ينقله بل على متعلق الحق

وبناء على هذا قد يقال بأنه يمكن التأمل في ما ذكره البعض من أن الحق نحو من انحاء الملكية فيكون موضوعاً

للسلطنة فله إعمال سلطنته فيه بنقله، فإن مقتضى السلطنة التسلط على متعلق الحق لا على نفس الحق

وجوابه هو أن ما ذكر وإن كان صحيحاً ولكنه لا ينفي تسلط المالك على نفس الملكية وتسلط صاحب الحق على نفس الحق، لما ذكرناه من أن نقل المالك متعلق ما يملكه الى الغير إعمالاً لسلطنته يلازم نقل نفس الملكية لأنه لا يمكن فرض انتقال ما يملكه البائع الى المشتري مع بقاء ملكية البائع له

فالعملية نقل للملكية ايضاً لا انها نقل متعلق الملكية مجرداً عن الملكية، ونفس الكلام يقال في صاحب الحق

فكما أن البائع مسلط على نقل ملكيته كذلك المشتري مسلط على نقل الحق للغير

ومنه يظهر اندفاع هذا التأمل، بل يظهر صحة الاستدلال على وقوع الحق ثمناً في البيع وهو أن مقتضى السلطنة هو تسلط صاحب الحق على نفس الحق، ومن لوازم تسلطه على الحق انه يجوز له نقله ويجوز له اسقاطه

ثم إن ما ذكرناه بمثابة المقتضي لوقوع الحق ثمناً في البيع، ولكن الظاهر أنه يحتاج الى إثبات قابلية الحق للنقل والانتقال والا لا يمكن أن يقال بأن هذا مسلط على نقل هذا الحق

والظاهر أن هذا الشرط محرز في محل الكلام على الأقل لأنهم اتفقوا ظاهراً على أن حق التحجير قابل للنقل والانتقال

قال في مفتاح الكرامة (كأن قابلية الحق المذكور للانتقال القهري بالميراث مما لا ريب فيه)

وصرح أكثر من واحد بأنه يقبل النقل الاختياري بالصلح، وفي جامع المقاصد لا يبعد إمكان هبته

نعم، استشكل في جواز بيعه، وتقدم الاشكال سابقاً إما لعدم كونه مالاً كما قال الشيخ الانصاري (قده) وإما باعتبار انه حكم شرعي كما يقول السيد الخوئي (قده)

وتبين عدم تمامية ذلك

وعلى كل حال فعندما نريد أن نلتزم بوقوع الحق ثمناً في البيع فلا بد أن نثبت بأنه قابل للنقل والانتقال، والظاهر أن حق التحجير قابل لذلك

نعم، -كما ذكر الشيخ الانصاري (قده)- بعض الحقوق لا تقبل المعاوضة كحق الولاية وحق الحضانة

وبعضها لا يقبل النقل والانتقال وإن قبل الاسقاط مثل حق الشفعة وحق الخيار وحق المضاجعة للزوجة

وفي الثالث ذكر الحق الذي يقبل النقل والانتقال ومثل له بحق التحجير، نعم هو استشكل في جواز جعله ثمناً للبيع لأنه ليس مالاً

وحكم بأن الحقوق من القسم الاول والثاني لا تقع ثمناً في البيع كما لا تقع مثمناً كما هو مسلم عندهم، لأن البيع معاوضة ونقل شيء من شخص الى شخص وهذه الحقوق اما لا تقبل المعاوضة او لا تقبل النقل

اقول إن ما ذكر وإن كان تاماً كبروياً ولكن في تطبيقه على الصغريات كلام طويل وكثير

وأشرنا في بعض الدروس السابقة أن هناك ميزاناً ذكره المحقق الاصفهاني (قده) للتمييز بين الحقوق التي تقبل النقل والتي لا تقبل النقل او التي تقبل الاسقاط والتي لا تقبل الاسقاط

وهو مبني على مرتكزات عقلائية فذكر إن الحق اذا روعي فيه جانب صاحب الحق يكون قابلاً للإسقاط

وفي محل الكلام ذكر أن كل حق ثبت لصاحب الحق باعتبار وجود خصوصية فيه وهي بنظر العقلاء تعتبر مقومة لهذا الحق بحيث ينتفي الحق مع فقد الخصوصية فلا يمكن نقله الى غيره ممن لا توجد فيه هذه الخصوصية

فحق الولاية مثلاً عندما يعطى للحاكم فهو يعطي له لخصوصية في الحاكم، والعقلاء يرون أن هذه الخصوصية مقومة لهذا الحق، وكذلك الولاية للأب، فحينما يكون الحق بهذا الشكل فكيف نجوز نقله لمن هو فاقد لهذه الخصوصية

واما اذا أعطي الحق لشخص له خصوصية ولكن الخصوصية ليست مقومة للحق بنظر العرف والعقلاء فيمكن أن يثبت لغيره كما ثبت له، كحق التحجير فهذه الخصوصية ليست مقومة للحق الثابت للمحجر فيكون هذا قابلاً للانتقال

وعلى كل حال، فكل حق قابل للانتقال يجوز جعله ثمناً في البيع، وتطبيقه في محل الكلام واضح فإن حق التحجير قابل للنقل والانتقال حتى عند من منع من جعله ثمناً في البيع، فلا يوجد ما يمنع من جعله ثمنا في البيع

والظاهر أن هذا الدليل الذي ذكرناه يقتضي جواز جعل الحق مثمناً في البيع أيضاً كجواز جعله ثمناً

فالدليل يقتضي جواز نقل الحق الى الغير وهو أعم من نقله بجعله ثمناً او مثمناً، لأنه يقول بأن السلطنة تقتضي التسلط على الحق فبإمكانه أن ينقل هذا الحق فتارة يبيع الحق بثمن وأخرى يجعله ثمناً في شراء شيء، فالسلطنة موجودة في كل منهما

ولكن المشكلة أن الاصحاب منعوا من جعل الحق مثمناً في البيع بشكل قاطع واشترطوا في المبيع أن يكون عيناً وفرعوا عليه أنه لا يجوز بيع المنفعة كبيع منفعة الدار، ولا يجوز بيع العمل كخياطة الثوب، ولا بيع الحق لأنه ليس عيناً

ولذا عرفوا البيع بأنه تبديل العين بالعوض فاشترطوا أن يكون المثمن عيناً

ويظهر من صاحب الجواهر والشيخ الانصاري عدم الخلاف في أن الحق لا يقع مثمناً في البيع وأن المبيع لا بد أن يكون عيناً

والمهم في المقام انهم ذكروا أن هناك روايات تنافي ذلك وتدل على جواز بيع المنفعة والعمل

الاولى: رواية إسحاق بن عمّار عن عبد صالح ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل في يده دار ليست له ولم تزل في يده ويد آبائه من قبله قد أعلمه من مضى من آبائه أنها ليست لهم ، ولا يدرون لمن هي فيبيعها ويأخذ ثمنها ؟ قال : (ما أُحب أن يبيع ما ليس له ، قلت : فإنّه ليس يعرف صاحبها ولا يدري لمن هي ، ولا أظنّه يجيء لها ربّ أبداً ، قال : ما احبّ أن يبيع ما ليس له ، قلت : فيبيع سكناها أو مكانها في يده فيقول : أبيعك سكناي وتكون في يدك كما هي في يدي ، قال : نعم يبيعها على هذا)[1] فبعد أن منعه من بيع الارض لانه لا يملكها جوز له ان يبيع سكنى الدار وهي منفعة، فالرواية حكمت على خلاف ما ذهب اليه المشهور وهي تامة سنداً

الثانية: رواية محمّد بن مسلم وعمر بن حنظلة عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن ذلك ؟ فقال : (لا بأس بشرائها ، فإنّها إذا كانت بمنزلتها في أيديهم تؤدي عنها كما يؤدّي عنها)[2] ، وهي تامة سنداً


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo