< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 737): التحجير كما عرفت يفيد حق الأولوية و لا يفيد الملكية و لكن مع ذلك لا بأس بنقل ما تعلق به بما هو كذلك ببيع أو غيره فما هو غير قابل للنقل إنما هو نفس الحق حيث أنه حكم شرعي غير قابل للانتقال و أما متعلقة فلا مانع من نقله(1)

1- ذكر السيد الماتن (قده) أن التحجير لا يفيد الملك بل يفيد الاولوية في الاحياء

وذكرنا أنهم منعوا المحجر من بيع الارض المحجرة بناء على انه ليس من اسباب ملك الارض، بمعنى انه لا يصح منه بيع هذه الارض

وخالف في ذلك العلامة (قده) فذكر احتمال صحة البيع لأنه ثبت له حق في الارض، وكأن ثبوت حق في شيء يكفي في صحة بيعه

وقلنا لو كان الشيء من الاعيان فلا بد أن يكون مملوكا والا لا يصح بيعه

وأما السيد الخوئي (قده) فذكر أن التحجير يفيد الاولوية والاختصاص ولكن مع ذلك لا بأس بنقل ما تعلق به بما هو كذلك ببيع أو غيره

وذكرنا أن الظاهر في مقصوده من متعلق الحق هو الارض فهو يجيز بيع الارض بما هي متعلق للحق فيبيعها باعتبار أن له حق فيها وذكر بأن ما لا يقبل البيع انما هو الحق واما متعلق الحق فلا مشكلة في بيعه

لأن الحق عنده من الاحكام الشرعية ولا معنى لأن يتصدى غير الشارع في نقل الحكم واثباته لشخص آخر، لأن الحكم الشرعي يختص بموضوعه ولا مجال لنقله الى موضوع آخر

نعم يمكن أن يكون المبيع متعلق الحق بما هو متعلق الحق فاذا باع متعلق الحق ينتقل الحق الى المشتري تبعاً لنقل متعلقه

وقد يفهم من بعض كلماته أن مقصوده من متعلق الحق ليس هو الارض وانما هو الفعل، فمتعلق الحق يكون فعلاً من الافعال كالعمارة في فرض التحجير والفسخ في فرض الخيار ) فالحق يتعلق بالعمارة في حق التحجير وهو فعل الانسان

ولكن لا معنى لأن يبيع العمارة فهو لم يعمرها لأن المفروض أن المحجر يبيع قبل احياء الارض، والا فلو عمرها فهو يبيعها بناء على انها مملوكة له بناء على افادة الاحياء الملك، فما ذكره ليس واضحاً

وعلى كل حال فسواء قلنا بأن مقصوده من متعلق الحق الارض او العمارة يكون مخالفاً لما نحن فيه لأنهم اتفقوا على أن الارض غير قابلة للنقل والانتقال لأنه لا يملكها، وهو يقول يجوز بيعها بما هي متعلق لحقه لا بما هي مملوكة له

ويوجد خلاف في حقيقة الحق

فيرى المحقق النائيني[1] (قده) بأن الحق سلطنة ضعيفة على المال والسلطنة على المنفعة اقوى منه والسلطنة على العين اقوى منهما

فيرى أن الحق مرتبة ضعيفة من السلطنة، ويوجد كلام طويل في انه هل يمكن تصور الشدة والضعف في السلطنة او لا فذكر بعضهم بأن السلطنة يدور امرها بين الوجود والعدم، واجابوه بأن المراد أن الشدة والضعف تكون بلحاظ ما توجبه هذه السلطنة من اباحة التصرفات في العين التي يكون مسلطاً عليها، وهذا البحث ليس محل كلامنا

وانما ما يرتبط بمحل الكلام هو مسألة الفرق بين الحق والحكم

وقالوا بأن الحق تترتب عليه آثار

الاول: جواز الاسقاط بينما لم يثبت هذا في الحكم

الثاني: جواز النقل فالحق يجوز نقله

الثالث: الانتقال بالارث بخلاف الحكم

ومحل كلامنا في جواز النقل، واما جواز الاسقاط فهو وإن كان خارجاً عن محل كلامنا فقد اعتبر في كلمات بعضهم مقوماً للحق، واستدل لذلك بأن الحق عبارة عن سلطنة ضعيفة في قبال الملك ولا يمكن تصور هذه السلطنة لولا جواز الاسقاط والا كان مفروضاً عليه ولا سلطنة له عليه لأن معنى السلطنة هو حرية الاختيار، فكأن جواز الاسقاط ماخوذاً في مفهوم الحق وهو معنى السلطنة

ويقع الكلام في جواز النقل

فيرى الشيخ الانصاري[2] (قده) بأن جميع الحقوق لا يجوز جعلها ثمناً في البيع والسر في ذلك هو أنهم اتفقوا على أن المثمن يشترط فيه أن يكون من الاعيان فلا يجوز أن يكون منفعة فضلاً عن أن يكون حقاً من الحقوق فعدم جواز جعل الحق مثمناً مفروغ منه في كلماتهم وانما الكلام في جواز جعله ثمناً في البيع وقد منع الشيخ منه من دون فرق بين أن يكون الحق مما لا يقبل المعاوضة أصلاً كحق الولاية وحق الحضانة، او كان لا يقبل النقل وإن قبل الانتقال بغير اختيار كما في الارث كحق الشفعة وحق الخيار، او كان مما يقبل النقل والانتقال ويقابل بالمال مثل حق التحجير

فحتى حق التحجير لا يجوز جعله ثمناً في البيع عنده، لأن البيع لغة وعرفاً مبادلة مال بمال والحق ليس مالاً

وجعل المحقق النائيني (قده) حق التحجير مما يقبل النقل الى كل أحد في مقابل بعض الحقوق التي تقبل النقل الى اشخاص معينين لا الى كل أحد كحق القسمة بين الازواج

واما السيد الخوئي[3] (قده) فهو لا يرى فرقاً بين الحكم وبين الحق وهو يمنع من نقل الحق لكونه حكماً شرعياً ويقول لا فرق بين الحق والحكم، فهناك حكم يقبل الاسقاط وترك أمره بيد المكلف يعبر عنه بالحق وهناك حكم لا يقبل الاسقاط

فكل منهما أحكام شرعية فالحقوق احكام قام الدليل على جواز اسقاطها فلذا عبر عنها بالحق في قبال الحكم الذي لا يجوز اسقاطه

ونحن في مقام البحث عن ان هذا الحكم يقبل الاسقاط او لا نرجع الى الدليل الدال على الحكم لا اننا في مرتبة سابقة نقول بأن هذا لأنه حق فهو يقبل الاسقاط

بينما المعروف هو أنهم وبقطع النظر عن الادلة الدالة على الحكم قالوا بان هذا لانه حق فهو يقبل الاسقاط، وكأن قبول الاسقاط من لوازم كون الشيء حقاً، فكل حق يقبل الاسقاط

والسيد الخوئي (قده) يرى أنه اذا دل الدليل على اسقاطه او نقله عملنا بالدليل واذا لم يدل الدليل على ذلك فمقتضى الاصل عدم قبوله للنقل لأن مقتضى الدليل هو ثبوته للاول

وذكر أنه يشهد لهذا اننا لا نجد فرقاً بين قتل الجاني قصاصاً المعدود من الحقوق وبين قتل الكافر المعدود من الاحكام الا أن الاول يقبل الاسقاط بينما الثاني لا يقبل الاسقاط وكل منهما حكم شرعي

والشاهد الثاني انه لا نجد فرقاً بين جواز الرجوع في البيع الخياري المعبر عنه بالحق وبين جواز الرجوع في الهبة المعبر عنه بالحكم سوى أن الاول يقبل الاسقاط دون الثاني

ومن خلال هذا يتبين أن المنع من وقوع حق التحجير ثمناً في البيع له وجوه

الاول: ما ذكره الشيخ (قده) من أن البيع مبادلة مال بمال والحق ليس بمال فلا يجوز جعله ثمناً في البيع

وأجابوا عنه بأن الحق مال، فالميزان في كون الشيء مالاً هو أنه يرغب فيه العقلاء ويبذلون بازاءه المال

الثاني: ما ذكره المحقق النائيني (قده) من أنه يعتبر في البيع أن يدخل كل من العوضين في ملك مالك الآخر فالثمن يخرج من ملك المشتري ويدخل في ملك البائع والمثمن بالعكس، وهذا لا يجري في الحق لأن الحق مباين سنخاً للملك فلا يصلح أن يقع متعلقاً له

وكأنه يشترط في تعلق الملك بشيء أن يكون غير مباين له سنخاً، ويبدو أن هذا الدليل لا يختص بحق التحجير بل هو يجري في كل حق


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo