الموضوع: احياء الموات

(مسألة 735): يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير من غيره و لو أحياها بدون إذن المحجر لم يملكها (1) و يتحقق التحجير بكل ما يدل على إرادة الإحياء كوضع الأحجار في أطرافها أو حفر أساس أو حفر بئر من آبار القناة الدراسة الخربة فإنه تحجير بالإضافة إلى بقية آبار القناة بل هو تحجير أيضا بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه فلا يجوز لغيره إحياؤها.

1-الوجه الرابع: المستدل به على ان التحجير مانع من التملك بالاحياء -بناء على ترتب الملكية على الاحياء-

ما ذكره العلامة في التذكرة من أن (الاحياء اذا افاد الملك فلا بد أن يفيد الشروع فيه الاخصية) وهذا يثبت المانعية فلا يجوز لأحد أن يزاحمه فيه، فجعل ملازمة بين إفادة الاحياء للملك وبين افادة الشروع بالاحياء للاخصية والاولوية

وذكر أن هذا من قبيل الاستيام مع الشراء، ولذا ينهى الانسان أن يدخل في سوم أخيه المسلم

وواضح أن هذا مبني على تفسير التحجير بالشروع بالاحياء

ومن هنا لا يرد عليه ما ذكره بعضهم من أن التحجير قد لا يكون شروعاً بالاحياء كنصب المروز لأنه افترض التحجير شروع في الاحياء

نعم يلاحظ عليه أن التحجير إن لم يصدق عليه الاحياء كما هو المفروض وكان من مقدمات الاحياء كما هو ظاهر تمثيله بالاستيام مع الشراء فكون التحجير مانعاً من مملكية الاحياء للغير يحتاج الى دليل، ولم يذكر عليه دليلاً

وما ذكره من الملازمة بين افادة الاحياء الملك وبين افادة الشروع في الاحياء الاخصية والاولوية محل تأمل، إذ لا مشكلة في التفكيك بينهما بأن يقال بأن الاحياء يفيد الملك وأن الشروع فيه لا يفيد شيئاً

فلا وضوح في هذه الملازمة، وعلى كل حال فالمانعية تحتاج الى دليل ولم يذكر دليلاً

نعم، إفادة الاحياء للملك يلازم عدم إفادة التحجير للملك ويكون هذا رداً على من احتمل افادة التحجير للملك باعتبار أن الاحياء عادة يكون مسبوقاً بالتحجير فاذا كان التحجير مفيداً للملك يلغو تعليق الملكية على الاحياء

فلذلك نلتزم بأن افادة الاحياء للملكية يستلزم عدم افادة التحجير لها، ومنه يظهر عدم تمامية ما ذهب اليه البعض من افادة التحجير الملك

قد يقال بأن ما ذكر يرد على المختار من افادة الاحياء الاولوية والاختصاص بأن يقال بأن افادة الاحياء للاحقية يستلزم عدم افادة التحجير لها، والا يلغو تعليق الاحقية والاختصاص على الاحياء وسيأتي جوابه

الوجه الخامس: دعوى صدق حيازة الارض بالتحجير، فاذا كانت الارض لا تملك الا بالاحياء كانت الحيازة موجبة للاولوية والاختصاص

ويلاحظ عليه بأن بعض ما ذكروه من وجوه التحجير لا يصدق عليه الحيازة قطعاً، لأنه مجرد علامة على ارادة الحيازة

نعم، اذا كان التحجير متمثلاً ببناء حائط حول الارض فيوجد مجال لأن يقال بأن الحيازة تصدق على ذلك

مضافاً الى أنه لا دليل على إفادة الحيازة للاولوية بعد افتراض عدم افادتها للملك، فإن الدليل دلّ على أن من حاز ملك، وبناء على أنه لا يمكن التمسك بهذا في المقام فلا دليل على أن الحيازة تكون موجبة للاولوية والاختصاص

الوجه السادس: أن يدعى قيام سيرة عقلائية على ثبوت الاولوية بتحجير الارض التي يجوز إحيائها لمن اراد احيائها بحيث يمنع الآخرون من مزاحمته فيها ويعتبرون ذلك تعدياً عليه وسلباً لحقه

فالدليل مبني على أن حق إحياء الموات ثابت للجميع وهو مسلم، وأن الملك يترتب على الاحياء -بناء على ما ذكروه- ويدعى انه استقر بناء العقلاء على أن من حجّر ارضاً من الموات بقصد احيائها كانت له الاولوية في إحيائها ويرون انه لو احياها غيره فلا يترتب عليه شيء

وإذا نوقش بوجود سيرة على ذلك فلا أقل من أن يدعى بأن الارتكازات العقلائية والمتشرعية تساعد على ذلك بعد الالتفات الى ما قلناه من أن هذا حق ثابت للجميع وبعد الفراغ عن هذا تقول الارتكازات العقلائية إن من يحجر الارض بقصد احيائها فالعقلاء يعطوه هذا الحق

ولعل الاجماعات المدعاة في كلمات الفقهاء منطلقة من هذه المرتكزات

ولا يفرق في هذا بين أن يكون التحجير بمعنى الشروع بالاحياء او يكون بمعنى وضع علامات على ارادة الاحياء

وبناء على هذا تثبت الأحقية للمحجر فيأتي السؤال -بناء على ما تقدم في المختار من أن الاحياء لا تترتب عليه الملكية وانما الاحقية والاختصاص- بأن افادة الاحياء للأحقية يستلزم عدم افادة التحجير للاحقية والا يلغو تعليق الاحقية على الاحياء لأن التحجير متحقق قبله

والجواب منحصر في أن نفرق بين الأحقية المترتبة على الاحياء وهي أحقية واسعة فله التصرف في الارض بأي تصرف شاء بعد احيائها وإن لم يثبت له الملك، اما ما يترتب على التحجير فهو اولوية في الاحياء فقط

فما يترتب على التحجير غير ما يترتب على الاحياء

ومن هنا يتبين أن ما ذكره السيد الماتن واتفق عليه الفقهاء من أن شرط التملك بالإحياء أن لا تكون الأرض محجّرة

ولا فرق في التحجير بين أن يكون بنصب علامات او يكون بالشروع بالإحياء