< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 728): من سبق من المؤمنين إلى أرض ذات أشجار و قابلة للانتفاع بها ملكها (1) ولا يتحقق السبق إليها إلا بالاستيلاء عليها و صيرورتها تحت سلطانه و خروجها من إمكان استيلاء غيره عليها.
(مسألة 732): إذا اختلف مالك العلو و مالك السفل (2) كان القول قول مالك السفل في جدران البيت و قول مالك العلو في السقف و جدران الغرفة و الدرجة و أما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل و طريق العلو في الصحن بينهما و الباقي للأسفل.

(مسألة 733): يجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملكه إذا تدلت عليه (3) فإن تعذر عطفها قطعها باذن مالكها فإن امتنع أجبره الحاكم الشرعي.
(مسألة 734): راكب الدابة أولى بها من قابض لجامها (4) ومالك الأسفل أولى بالغرفة المفتوح بابها إلى الجار من الجار مع التنازع و اليمين و عدم البينة (5)

1- ذكرنا أن لدينا ثلاثة عناوين عنوان الاحياء وعنوان الحيازة وعنوان السبق وقلنا بأن الفرق بين العناوين في معانيها واضح، نعم قد يكون التقاء في المورد

وقلنا بأن الاحياء يختص بالموات من الاراضي وغيرها، والحيازة تختص بالمباحات الأصلية، والمقصود بالسبق السبق في الاستيلاء على الشيء والظاهر انه أعم من المباحات او المنافع العامة كالخانات والمدارس والربط والشوارع وغيرها

والغالب استعمال السبق في الثاني في تعبيرات الفقهاء على الأقل

والسبق في المنافع لا يفيد الملك وانما تثبت له اولوية الانتفاع من غيره بحيث لا يحق لغيره أن يزاحمه في هذا الانتفاع

واما استعمال السبق في المباحات الاصلية فالظاهر أن المقصود به السبق في الحيازة

ولا اشكال في ترتب الملك على الحيازة فإن قاعدة التملك بالحيازة ثابتة ويكفي في اثباتها السيرة القائمة على أن الحيازة تفيد الملك، وهذا غير السبق في المنافع العامة

والسيد الماتن استعمل كلمة السبق، والظاهر أن المقصود به الحيازة بقرينة أنه رتب عليه الملكية، مضافاً الى أنه افترض السبق الى الارض العامرة ولا يمكن اعتبارها من المنافع العامة

ومن هنا يمكن أن نقول بأن السيد الماتن حكم أن من سبق الى حيازة الارض العامرة الصالحة للانتفاع بها وهي على وضعها ملكها، ونحن نعلم أن الحيازة تكون مملكة في المباحات الاصلية كالماء في الابار والانهار والعيون

والكلام يقع في أنه كيف اعتبر السيد الماتن (قده) الارض العامرة من المباحات الاصلية فانها اما أن تكون عامرة بالاصل فهي للامام (عليه السلام) وإن كانت عامرة بالعارض فهي ملك لمن أحياها، فهي ليست من المباحات الاصلية حتى يحكم بملكها بالحيازة

ويمكن توجيه ما ذكره بأن يقال إنه ناظر الى العامر بالأصل ودلت الروايات على أنه من الانفال وانه ملك للامام، كما دلت الروايات على أن الامام حلله لشيعته، ويؤيد هذا التوجيه أنه قيده بالمؤمنين

ومن الروايات التي دلت على أن كل أرض لا رب لها من الانفال

معتبرة إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الأنفال ؟ فقال : ((هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول ، وما كان للملوك فهو للإِمام ، وما كان من الأرض بخربة لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، وكل أرض لا ربّ لها ، والمعادن منها ، ومن مات وليس له مولى فماله من الأنفال))[1]

ورواية محمد بن مسلم سألته عن الأنفال ؟ فقال : ((كلّ أرض خربة ، أو شيء كان يكون للملوك ، وبطون الأودية ، ورؤوس الجبال))[2]

ومنها ما دلّ على أن الارض لهم (عليهم السلام) كما في صحيحة مسمع بن عبد الملك -في حديث- قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي كنت وليت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم ، وقد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم ، وكرهت أن أحبسها عنك وأعرض لها وهي حقّك الذي جعل الله تعالى لك في أموالنا ، فقال : ((ومالنا من الأرض وما أخرج الله منها إلاّ الخمس ؟! يا أبا سيّار ، الأرض كلّها لنا ، فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا))[3]

ورواية الحارث بن المغيرة قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فجلست عنده ، فإذا نجية قد استأذن ، عليه فأذن له ، فدخل فجثا على ركبتيه ، ثمّ قال : جعلت فداك إنّي اُريد أن أسألك عن مسألة ، والله ، ما اُريد بها إلاّ فكاك رقبتي من النار ، فكأنّه رقّ له فاستوى جالساً فقال : يا نجية ، سلني ، فلا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك به ، قال : جعلت فداك ، ما تقول في فلان وفلان ؟ قال : ((يا نجية ، إنّ لنا الخمس في كتاب الله ، ولنا الأنفال ، ولنا صفو المال ، وهما ، والله ، أوّل من ظلمنا حقّنا في كتاب الله ـ إلى أن قال : ـ اللهمّ إنّا قد أحللنا ذلك لشيعتنا ، قال : ثمّ أقبل علينا بوجهه فقال : يا نجية ، ما على فطرة إبراهيم غيرنا وغير شيعتنا))[4]

فالامام أحل الانفال لشيعته، ومحل الكلام من الانفال وقد التزم السيد الماتن بملكية من سبق الى حيازتها ونحن ذهبنا الى أن الثابت فيها أولوية التصرف

ثم أن هذه المسألة مذكورة في رسالة السيد الحكيم العملية وذكر البعض أن مقصوده ما اذا كان مالك العامر غير محترم المال

ولكن الأولى حملها على ما ذكرناه ولو بقرينة تخصيص الحكم بالمؤمنين

2- ظاهر العبارة أن النزاع والتداعي في جدران البيت فالقول قول مالك السفل لأن الظاهر أن الجدران تابعة للبيت فيكون صاحب يد عليها

والظاهر أن تقديم قوله في فرض التداعي والخصومة ولذا لا يقدم قوله الا مع يمينه

واما اذا كان النزاع في السقف فيحكم لصاحب العلو باعتبار أن الغرفة في العلو والغرفة لا تكون بلا أرضية وهذا يرجح أن يكون السقف تابعاً لصاحب العلو، والميزان في المسألة هو الظهور

3- وهذا واضح باعتبار أن إشغال ملكه بشيء يملكه الغير خلاف سلطنته على بيته فيجوز له أن يعطف الاغصان ويجعلها في بيت صاحب الشجرة

ومقتضى اطلاق عبارة المتن هو عدم وجوب استئذان صاحب الشجرة حتى مع التمكن من ذلك

ولكن مع إمكان الاستئذان فلا بد منه لأنه تصرف في مال الغير خصوصاً اذا افترضنا أن كيفية عطف الاغصان يختلف وقد لا يرضى المالك ببعض الكيفيات، فالاستئذان يكون أحوط على الأقل

ثم حكم السيد الماتن بأنه إن تعذر عطفها قطعها باذن مالكها، ويفهم منه عدم جواز القطع مع التمكن من العطف، وهذا واضح لأنه لا بد من ملاحظة أقل ما يمكن ارتكابه من الضرر بالنسبة الى الجار فلا تصل النوبة الى القطع مع إمكان العطف لأنه أكثر ضرراً، فإن امتنع من الإذن أجبره الحاكم الشرعي

4- وهذه المسألة لا علاقة لها بما نحن فيه من الاراضي

والظاهر أن ما ذكره من أن راكب الدابة أولى بها من قائدها مبني على كون الدابة تحت تصرف الراكب وأنها بيده فيقدم قوله مع يمينه في باب الخصومة والتداعي فيعتبر صاحب يد عرفاً

ولكنه ليس واضحاً أن علاقة الراكب بالدابة أشد وأوضح من علاقة قائدها بها فالذي يتصرف بالدابة ويقودها هو قائد الدابة، وفي باب الديات تطرقنا روايات حكمت بأن الراكب والقائد يتحملان ما تجنيه الدابة بيديها فكل منهما يتحكم بيديها، فكل منهما يضمن

وقد يستكشف من هذا أن العلاقة التي تربط الراكب بالدابة ليست أشد من العلاقة التي تربط القائد بالدابة

واذا شككنا مَن الاولى منهما فلا وجه واضح لترجيح الراكب إن لم نقل بترجيح القائد باعتبار أنه هو الذي يتصرف بالدابة

5- لأن الغرفة في بيته فهو صاحب يد عليها وإن كان الباب مفتوحاً على الجار

والتقديم في هذه الموارد كلها يكون مع اليمين إذا كانت هناك خصومة


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo