< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 728): من سبق من المؤمنين إلى أرض ذات أشجار و قابلة للانتفاع بها ملكها (1) ولا يتحقق السبق إليها إلا بالاستيلاء عليها و صيرورتها تحت سلطانه و خروجها من إمكان استيلاء غيره عليها.
(مسألة 729): قد حث في الروايات الكثيرة على رعاية الجار و حسن‌ المعاشرة مع الجيران و كف الأذى عنهم و حرمة إيذائهم و قد ورد في بعض الروايات أن الجار كالنفس و ان حرمته كحرمة أمه،و في بعضها الآخر ان حسن الجوار يزيد في الرزق و يعمّر الديار و يزيد في الأعمار،و في الثالث:من كف أذاه عن جاره أقال اللّه عثرته يوم القيامة،و في الرابع:ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره،و غيرها مما قد أكد في الوصية بالجار و تشديد الأمر فيه.
(مسألة 730): يستحب للجار الإذن في وضع خشب جاره على حائطه مع الحاجة(2) ولو أذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه(3) وكذا بعد البناء إذا لم يضر الرفع و إلا فالظاهر عدم جوازه.
(مسألة 731): لو تداعيا جدارا لا يد لأحدهما عليه فهو للحالف منهما مع نكول الآخر(4) و لو حلفا أو نكلا فهو لهما و لو اتصل ببناء أحدهما دون الآخر أو كان له عليه طرح فهو له مع اليمين.
(مسألة 732): إذا اختلف مالك العلو و مالك السفل (5) كان القول قول مالك السفل في جدران البيت و قول مالك العلو في السقف و جدران الغرفة و الدرجة و أما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل و طريق العلو في الصحن بينهما و الباقي للأسفل.

يتعرض السيد الماتن (قده) الى أمرين:

الاول: ما ترتب على السبق وذهب الى أنه الملك فمن سبق الى ارض عامرة يملكها

الثاني: بم يتحقق السبق وذكر أنه يتحقق بالاستيلاء أي بان تكون الارض تحت سلطانه ويمنع الاخرين من الاستيلاء عليها

ويوجد في كلمات الفقهاء عناوين ثلاثة: الاحياء والسبق والحيازة وهي قد تلتقي في بعض الموارد لكنها مفهوماً مختلفة فالاحياء بمعنى جعل الشي حياً بعد أن كان ميتاً، والحيازة بمعنى الاستيلاء على الشيء وضمه اليه

والسبق مأخوذ فيه أن يأخذ شيئاً قبل الآخرين، والسبق يستند الى قول مشهور من سبق الى شيء فهو أحق به، والحيازة يستند الى قول من حاز ملك

والكلام في أن هذه العناوين هل تلتقي مورداً ام لا؟

وهناك كلام مطروح في أنها تختلف مورداً فقالوا إن مورد الاحياء يختص بالموات من الاراضي وغيرها والحيازة مختصة بالمباحات الاصلية كما اذا أخذ ماء من النهر او من عين ماء عامة فالحيازة فيها مملكة

والسبق يختص بالمشتركات التي لها منافع عامة يشترك فيها جميع الناس كالمساجد والمدارس والرباطات والخانات

فمن سبق الى شيء من هذا يكون أحق به من غيره

وفي محل الكلام عبر السيد الماتن بالسبق ولكن المورد الذي ذكر فيه السبق هو الارض العامرة، ولعل مراده الحيازة فالحيازة مملكة للمباحات الاصلية

ولكن هناك أدلة تدل على أن الارض العامرة ملك للإمام، وهناك أدلة على أن الارض كلها للامام (عليه السلام)

وهناك أدلة على أن الارض التي لا ربّ لها من الانفال وهذه أرض لا ربّ لها

فالارض العامرة ليست من المباحات العامة حتى نقول بأن حيازتها توجب ملكيتها فضلاً عن القول بأن السبق يوجب ملكيتها فالسبق اصطلاحاً مورده المشتركات وما يثبت فيها الاحقية لا الملكية، كالسابق الى مكان في المدرسة لأن المشتركات لا تملك

وقد خصه الماتن بالمؤمنين، وبعضهم عبر اذا سبق انسان، فما هو الوجه في تخصيصه بالمؤمنين

2- أصل الاستحباب يمكن اثباته بالأدلة العامة الدالة على حسن المجاورة وحسن المعاشرة ورعاية الجار وامثالها فإن هذا من حسن المجاورة ورعاية الجار التي حثت عليه الروايات

ولكن هناك أدلة خاصة يمكن اثبات الاستحباب بها بناء على التسامح في أدلة السنن، كما جاء في النبوي (لا يمنعن احدكم جاره أن يغرز خشبة في حائطه)[1]

واما التقييد بالحاجة فلعله باعتبار انه مع عدم الحاجة لا دليل على هذا الاستحباب، فالجوار لا يقتضي الاستجابة لطلب من هذا القبيل

3- إذ لا شيء يقتضي منعه من الرجوع لأنه مسلط على ماله فله أن يرجع في الإذن، وكذا بعد البناء، اذا لم يكن رفع الخشب عن حائطه فيه ضرر لأنه مسلط على ماله

وأما اذا كان مضراً فالظاهر عدم جواز الرجوع من جهة لزوم الضرر باعتبار أن الرفع يكون فيه ضرر على الجار فيكون اضرار بالجار فتشمله الأدلة الدالة على حرمة الاضرار بالغير

نعم اذا فرضنا أن في منع المالك من رفع الخشب ضرر عليه دخل في باب تعارض الضررين وقد اخترنا الجواز فيه بلا إدخال عناصر اخرى

وقد يقال يمكن الاستدلال على عدم الجواز بأن الإذن يقتضي الدوام ويمنع من الرجوع

وهذا الكلام غير دقيق باعتبار انه اذا التزمنا به فلا بد أن لا نجيز له الرجوع حتى مع عدم الضرر إذ لا يفرق في كون الاذن يقتضي الدوام بين أن يكون مضراً بالجار او لا

مضافاً الى أنه لا دليل على أن الإذن يقتضي الدوام بمعنى عدم جواز الرجوع، فالإذن لا يزيد عن كونه إباحة للتصرف فيجوز له أن يرجع لأنه مالك ومسلط على أمواله

لو تداعى جاران جداراً لا يد لأحدهما عليه، ففي المسألة فروع:

الفرع الاول: إذا نكل أحدهما وحلف الآخر فهو للحالف، وهذا على القواعد باعتبار أن المفروض في المقام أن الجدار لأحدهما ولا مرجح لأحدهما على الآخر لأنه فرض في المسألة أنه لا يد لأحدهما عليه فإذا حلف أحدهما ونكل الآخر فالحق للحالف

الفرع الثاني: لو حلفا او نكلا فهو لهما باعتبار أن كلاً منهما يكون منكراً لما يقوله الآخر فلا بد أن نحكم بأن هذا الجدار لهما

الفرع الثالث: لو اتصل الجدار ببناء احدهما دون الآخر أو كان له عليه طرح أي علامة بكون الجدار له فالقول قوله مع يمنه، لأنه يكون منكراً لأن قوله يوافق الظاهر اما باعتبار أن الجدار متصل ببناءه فالظاهر أن الجدار تابع لبناءه او باعتبار وجود علامة بحيث يكون ظاهر الحال انه ذا يد على الجدار فيكون منكراً فعند عدم البينة عند الآخر يطالب هذا باليمين ولو حلف يكون مالكاً للجدار

5- لو اختلفا في جدار البيت يكون قول مالك السفل مقدماً، والظاهر أن هذا تطبيق للظهور فظاهر الحال هو هذا فيكون منكراً فيطالب باليمين الا اذا جاء الآخر بالبينة

بخلاف ما لو اختلفا في السقف و جدران الغرفة و الدرجة فالقول قول مالك الاعلى

فالميزان هو اليد، وعرفاً يعتبر هذا صاحب يد على هذه الامور فإن الاعلى هو الذي يصعد بالدرج ويتصرف فيها


[1] ينظر، نيل الاوطار، ج5، ص310.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo