< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة: 727) إذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به على جاره و لم يكن مثل هذا الضرر أمرا متعارفا فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه و لو تصرف وجب عليه رفعه.
هذا إذا لم يكن في ترك التصرف ضرر على المالك و أما إذا كان في تركه ضرر عليه ففي جواز تصرفه عندئذ و عدمه وجهان(1) و الاحتياط في ترك التصرف لا يترك. كما أن الأحوط ان لم يكن أقوى ضمانه للضرر الوارد على جاره (2) إذا كان مستندا إليه عرفا مثلا لو حفر بالوعة في داره تضر ببئر جاره وجب عليه طمها(3) إلا إذا كان فيه ضرر على المالك و عندئذ ففي وجوب طمها و عدمه إشكال و الاحتياط لا يترك. نعم الظاهر عدم جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر متأخرا عن حفر البالوعة (4)

تقدم نقل الاقوال في مسألة تعارض الضررين، وهي ثلاثة:

الاول: جواز التصرف مع الضمان، قال به السيد الحكيم والسيد الشهيد (قدهما)

الثاني: عدم الجواز وإن تضرر هو بعدم الحفر، ذهب اليه السيد المرجع (دام ظله) وغيره

الثالث: الاحتياط والتوقف وهو ما ذهب اليه السيد الماتن (قده)

وقلنا بأن الصحيح هو الجواز مع الضمان فيجوز حفر البالوعة لكنه يضمن الضرر اللاحق بالجار

2-بعد أن احتاط السيد الماتن (قده) في الحكم التكليفي اختار الضمان في الحكم الوضعي بناء على ان هذه العبارة فتوى

3-لأنه في أصل إحداث بالوعة قال الاحتياط في ترك التصرف لا يترك، وطمها بعد إحداثها يأتي فيه نفس الكلام المتقدم

أقول تقدم أن الصحيح في الحكم الوضعي هو الضمان حتى إذا قلنا بجواز الحفر، لأن المفروض أن الضرر اللاحق بالجار يستند الى الاول لأنه أحدث البالوعة لى جنب بئر جاره فيكون ضامناً استناداً الى قاعدة الاتلاف

وأما الحكم التكليفي فقلنا يجوز له أن يحفر بالوعة في مورد تعارض الضررين

وأما ما ذكره في تمثيله من أنه يجب عليه طمها فواضح أن هذا في غير مورد تعارض الضررين لأنه يحرم عليه إبقاء هذه البالوعة لأنها بقاءً أضرت ببئر جاره

فإحداث بالوعة في غير مورد تعارض الضررين لا يجوز إن أضرت بالجار، ويحرم إبقائها بمعنى وجوب طمها فكل من إحداثها وإبقائها مشمول لدليل حرمة الاضرار بالجار

نعم، ذكرُ هذا المثال بعد الضمان ليس في موقعه لأن وجوب طم البالوعة بعد إحداثها لا علاقة له بالضمان فيكون فصله عن الضمان اولى

واما في مورد تعارض الضررين فلا بد أن يحتاط في حرمة الابقاء كحرمة الاحداث لأنه احتاط هناك

ولكن الصحيح هو الجواز فكما يجوز الإحداث يجوز الإبقاء

وقد عرفت أن المختار هو جواز الحفر في مسألة تعارض الضررين وعليه فلا يجب عليه طم البالوعة التي حفرها

4- في صورة تقدم حفر البالوعة تارة نفترض عدم تعارض الضررين بأن كان بقاء البالوعة مضراً ببئر الجار مع عدم تضرر المالك بطم البالوعة، واخرى نفترض تعارض الضررين بأن كان بقاء البالوعة مضراً ببئر الجار وطمها مضر بالمالك

اما في الفرض الاول فالكلام يقع تارة في حرمة ابقاء البالوعة او في وجوب طمها وعدمه واخرى في ضمانه للضرر الحاصل لجاره بعد الفراغ عن عدم جواز حفر البالوعة في صورة تقدم حفر البئر على حفر البالوعة وفي ضمان الضرر هذا في غير صورة تعارض الضررين، فبعد الفراغ عن عدم جواز حفر البالوعة وضمان الضرر الحاصل من حفرها، يقع الكلام حول الابقاء مع عدم تعارض الضررين فهل هو كالاحداث او لا؟

والصحيح هو الثاني أي لا يحرم الابقاء ولا ضمان في صورة ما اذا تمكن الجار من حفر البئر في مكان آخر بحيث لا يتضرر البئر اذا حفره في المكان الاخر بالبالوعة

وقد يقال لا يحرم على المالك إبقاء البالوعة في هذه الصورة كما أنه لو تضرر جاره لا يكون ضامناً باعتبار أن الجار في هذه الصورة يكون مقدماً على الضرر متحملاً له والعرف يرى أن توجه الضرر اليه نشأ من قبل نفسه فهو أضر بنفسه فلا يجب على ذلك المالك طم البالوعة وليس عليه ضمان، ومثاله ما لو عمل حقل دواجن الى جنب أرض مسبعة مملوكة لغيره مع افتراض إمكانه أن يقيم الحقل في مكان آخر، فلو اضرت الحيوانات المفترسة بما يملكه من الدواجن فالعرف لا يرى الآخر ضامناً لأن الاول أقدم على الضرر

واما اذا فرضنا عدم المكان الآخر الا الى جنب بالوعة جاره فهنا يثبت الضمان لأن الضمان تابع لتحقق موضوعه وهو متحقق في المقام بحسب الفرض فقد تضرر بئره من ابقاء البالوعة فيثبت الضمان اذا استند الضرر اليه عرفاً كما هو المفروض، كما اذا اجرى ساقية الى جنب حائط جاره وبنى الجار غرفة الى نفس ذلك الجانب مع افتراض أن إنشاء الساقية قبل الغرفة فاضرت الساقية بالغرفة فإن الضرر الذي تسببه الساقية على الغرفة يكون مضموناً على صاحب الساقية وإن تقدم انشاء الساقية على انشاء الغرفة

والوجه في ذلك أن الضمان يثبت اذا تحقق موضوعه وهو إتلاف مال الغير وهو متحقق في المقام، والضمان لاعلاقة له بجواز العمل تكليفاً او عدم جوازه

واما الحكم التكليفي فيجب عليه طم البالوعة لأن الابقاء إضرار بالجار بحسب الفرض ولا يفرق في حرمة الاضرار بين الإحداث والابقاء ولا موجب لتخصيص ادلة حرمة الاضرار بالاحداث فقط بل هي تشمل الابقاء ايضاً

الفرض الثاني وهو تعارض الضررين في ما اذا تقدم حفر البالوعة على حفر البئر وكان حافر البالوعة يتضرر من طم البالوعة وبقائها يضر ببئر الجار

والصحيح في هذه الصورة هو جواز الابقاء وعدم لزوم طمها مع الضمان كما هو الحال في فرض تعارض الضررين في أصل المسألة لأن الابقاء مضر بالجار فيكون حراماً ولكنه لما كانت حرمة الابقاء ضررية بالنسبة الى المالك ترتفع بحديث لا ضرر، فلا يجب عليه طم البالوعة

لا يقال إن جواز الابقاء ضرري بالنسبة الى الجار ايضاً، فيأتي حديث لا ضرر ويرفع هذا الحكم الضرري فتثبت الحرمة فيتعارضان

لما تقدم من أن هذا التطبيق يواجه مشكلة جريان حديث لا ضرر في الاحكام الترخيصية وهو محل كلام

وثانياً: لما أشرنا اليه من انه لا يوجد حكم بجواز الابقاء او جواز الاضرار بالغير، إذ الدليل الوحيد عليه هو قاعدة السلطنة، ويشكك في شمولها لجميع تصرفات المالك حتى لو كانت مضرة بالآخرين

فتصرف المالك في ما يملكه اذا كان مضراً بالآخرين لا دليل على جوازه

فالصحيح هو جواز إبقاء البالوعة مع الضمان فيكون حكمه حكم هذه الصورة في غير المورد في صورة تعارض الضررين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo