< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات


(مسألة: 724) الظاهر أن الحريم مطلقا ليس ملكا لمالك ما له الحريم سواء أ كان حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك و إنما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أنه من متعلقات حقه(1).

(مسألة: 725) لا حريم للأملاك المتجاورة مثلا لو بنى المالكان المتجاوران حائطا في البين لم يكن له حريم من الجانبين و كذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه حائطا أو غيره لم يكن له حريم في ملك الآخر

(مسألة: 726) يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضررا على جاره و إلا فالظاهر عدم جوازه كما إذا تصرف في ملكه على نحو يوجب خللا في حيطان دار جاره أو حبس ماء في ملكه بحيث تسري الرطوبة إلى بناء جاره أو أحدث بالوعة أو كنيفا بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها أو حفر بئرا بقرب بئر جاره فأوجب نقصان مائها
و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون النقص مستندا إلى جذب البئر الثانية ماء الأولى و ان يكون مستندا إلى كون الثانية أعمق من الأولى نعم لا مانع من تعلية البناء و إن كانت مانعة عن الاستفادة من الشمس أو الهواء (2)

(مسألة: 727) إذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به على جاره و لم يكن مثل هذا الضرر أمرا متعارفا فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه و لو تصرف وجب عليه رفعه (3).
هذا إذا لم يكن في ترك التصرف ضرر على المالك و أما إذا كان في تركه ضرر عليه ففي جواز تصرفه عندئذ و عدمه وجهان(4) و الاحتياط في ترك التصرف لا يترك. كما أن الأحوط ان لم يكن أقوى ضمانه للضرر الوارد على جاره إذا كان مستندا إليه عرفا مثلا لو حفر بالوعة في داره تضر ببئر جاره وجب عليه طمها إلا إذا كان فيه ضرر على المالك و عندئذ ففي وجوب طمها و عدمه إشكال و الاحتياط لا يترك. نعم الظاهر عدم جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر متأخرا عن حفر البالوعة.

1- فسرنا عبارة السيد الماتن (باعتبار انه من متعلقات حقه) بأن حق مالك العامر يتعلق بالحريم أي أن الحريم أصبح متعلقاً لحق مالك العامر، وقلنا بأن هذا لا ينسجم مع تقييد عدم جواز التصرف بالمزاحمة فهو يقتضي المنع من التصرف مطلقاً

ولكن هناك تفسير آخر وهو أن المقصود من متعلقات حق مالك العامر في العامر، فلا يرد عليه هذا الاعتراض

فقد تعلق حق مالك العامر بالعامر لأنه أحياه، وهذا الحق لمالك العامر في العامر هو الذي يقتضي هذا الاستحقاق

فيكون اختصاص جواز التصرف في الحريم اذا لم يزاحم مالك العامر ويفهم منه عدم جواز التصرف إذا زاحم مالك العامر من شؤون تعلق حق مالك العامر بالعامر، لأن المزاحم منعه من الانتفاع بحقه في العامر

فالتصرف الذي يقوم به الغير في الحريم عندما يكون مزاحماً لإنتفاع مالك العامر بالعامر يمنع منه واذا لم يكن مزاحماً فلا يمنع منه فالتقييد على الأصل

2-الحكم بجواز أن يتصرف المالك بداره بهذا الشكل قد يستدل عليه بأن يقال بأنه ليس إضراراً بالجار بل هو مجرد منع انتفاع ولا دليل على حرمة مثل هذا والدليل دلّ على حرمة الاضرار بالغير

ولكن الظاهر أن الاضرار يصدق في بعض الصور الواضحة من تعلية البناء على الأقل بحيث يسد عليه الهواء والشمس فالاضرار لا يتوقف على وجود شيء يظهر في الخارج

وقد يستدل له بالسيرة القائمة والتعارف الخارجي فتكون هي الدليل على الجواز

ولكن افتراض انعقاد سيرة في زمان المعصوم على هذا الأمر غير واضح باعتبار أنه ما كان متعارفاً تعلية البناء بهذا الشكل بحيث يسد عليه الهواء والشمس

نعم ارتفاع البناء بنحو يمنعه من الاستفادة الكاملة من الشمس او الهواء بحيث تقل استفادة الجار منهما يمكن أن يدعى وجود سيرة عليه

فيصعب إثبات انعقاد سيرة على النحو الاول، وإن كان لا يبعد انعقاد سيرة على النحو الثاني

وعلى كل حال يشكل الالتزام بما ذكره على اطلاقه لأن بعض فروض التعلية تستلزم الاضرار بالجار فتشملها أدلة تحريم الاضرار بالغير وخصوصاً الجار

نعم اذا كان الضرر المتوجه الى الجار متعارفاً يمكن الالتزام بجوازه اما باعتبار ما اشرنا اليه من قيام السيرة والتعارف الخارجي على تعلية البناء بمقدار ما بحيث يمنع الجار من الاستفادة الكاملة من الشمس او الهواء

او يقال بأن التعارف الخارجي وقيام العقلاء بتعلية البناء بهذا المقدار وإن كان مضراً بالجار يكشف عن أن هذا المقدار لا يشكل ضرراً معتداً به بنظر العقلاء

3-تقدم هذا الحكم في المسألة السابقة ولعله كرره لبيان أن عدم جواز التصرف مشروط بأمرين:

الاول: أن يكون الضرر الذي يوقعه بجاره بتصرفه ضرراً معتداً به

الثاني: أن لا يكون هذا التصرف أمراً متعارفاً بين الجيران

ومن هنا نفهم بأن عدم الجواز يرتفع بارتفاع أحد الشرطين المذكورين، فإن كان الضرر غير معتد به يثبت الجواز وإن لم يكن متعارفاً بين الجيران، كما أنه اذا كان ضرراً متعارفاً بين الجيران يكون جائزاً ايضاً وإن كان ضرراً معتداً به

ولعل الدليل على الحكم الاول هو أن أدلة تحريم الضرر تنصرف الى الضرر المعتد به، فعادة ما يقيد الفقهاء التحريم بما اذا كان الضرر معتداً به فانهم يخصصون حرمة الإضرار بالغير بما اذا كان الضرر معتداً به، بل قيدوا حتى مسألة الاضرار بالنفس، ومنشأ هذا التقييد هو انصراف ما دل على حرمة الاضرار الى ما اذا كان الضرر معتداً به

ولعل الدليل على الحكم الثاني هو مسألة السيرة والتعارف الخارجي فاذا تمت شروط السيرة فبضميمة سكوت الشارع وعدم ردعه تكون هي الدليل على الجواز

4-تقدم بحث مسألة تعارض الضررين، وفيها أقوال:

الاول: جواز التصرف اذا كان المالك يتضرر بترك حفر البالوعة وفي حفرها يتضرر الجار، فيجوز له حفرها مع الضمان، قال به السيد الحكيم والسيد الشهيد (قدهما)

الثاني: عدم الجواز وإن تضرر هو بعدم الحفر، ذهب اليه السيد المرجع (دام ظله) وغيره

الثالث: الاحتياط والتوقف وهو ما ذهب اليه السيد الماتن (قده)

وتقدم بحث هذه المسألة مفصلاً

وانتهينا الى الحكم بالجواز لأن قاعدة لا ضرر ترفع حرمة الاضرار بالنسبة الى المالك لأنها ضررية بالنسبة له فيثبت الجواز، ولا يمكن أن تجري قاعدة لا ضرر في الجواز وإن كان فيه ضرر على الجار لأن منشأ هذا الحكم هو قاعدة السلطنة وشمولها لمثل ذلك غير واضح

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo