< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة: 722) يجوز احياء الموات التي في أطراف القنوات و الآبار في غير المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها (1) فإن اعتبار البعد المذكور في القنوات و الآبار إنما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر أخرى فقط.
(مسألة: 723) إذا لم تكن الموات من حريم العامر و مرافقه على النحو المتقدم جاز إحياؤها لكل أحد و إن كانت بقرب العامر و لا تختص بمن يملك العامر و لا أولوية له (2).
(مسألة: 724) الظاهر أن الحريم مطلقا ليس ملكا لمالك ما له الحريم سواء أ كان حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك و إنما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أنه من متعلقات حقه(3).

 

1-تقدم أن حريم البئر بالمعنى الاول هو موضع وقوف النازح إذا كان الاستقاء باليد وموضع تردد البهيمة والدولاب إذا كان الاستقاء بالحيوان فلا يجوز إحياء هذا المقدار واما ما زاد على ذلك فيجوز احياؤه

واما المسافة المذكورة في الحريم بالمعنى الثاني فيكون بالنظر الى حفر بئر اخرى ضمن هذه المسافة

بمعنى انه لا يمكن للغير أن يحفر بئراً أخرى في هذا المقدار واما إحياء الارض بغرس الاشجار مثلاً فلا يمنع منها فيما زاد عن المقدار الذي يتوقف الانتفاع عليه

وما ذكره واضح إذا التزمنا بالتحديدات المتقدمة وقلنا بأنها تحديدات تعبدية باعتبار أن ظاهر الأدلة الدالة على هذه التحديدات انها ناظرة الى المنع من حفر بئر أخرى

فالمنع في الحريم بالمعنى الاول يكون عن جميع التصرفات، بينما الممنوع في الحريم بالمعنى الثاني هو إحداث بئر أخرى لا جميع التصرفات

باعتبار أن نفس الأدلة التي تدل عليه ليس فيها دلالة على أزيد من منع هذا التصرف المعين كما في قوله (عليه السلام) (ما بين عين وعين ....) أي لا يجوز حفر البئر في هذا المقدار فلا بد أن يكون الفاصل بينها هو هذا المقدار، فمفاد الروايات هو المنع من هذالتصرف فقط

فالممنوع منه هو حفر بئر او قناة في هذا المقدار وأما سائر التصرفات فليس في الروايات دلالة على المنع منه ومقتضى القواعد الجواز

وأما على القول المختار وكون المناط على الضرر وأن هذه التحديدات غالبية فقد يقال -كما ذكرنا- بأنه لا فرق بين حفر بئر أخرى في هذا المقدار وبين إحياء الموات فيه كالزراعة وغرس الاشجار، فعلى تقدير أن يكون كل منهما مضراً بالبئر الاولى يمنع منه واذا كان كل منهما غير مضر بالبئر الاولى فجائز، فلا فرق بينهما حتى يقال بأن الممنوع منه هو حفر بئر أخرى فقط

ففي كل تصرف يتحقق الضرر يمنع منه لأن الميزان هو الضرر وإن لم يكن التصرف مضراً يكون جائزاً سواء كان التصرف هو حفر بئر أخرى او غيره من التصرفات

ويمكن التأمل في هذا الكلام باعتبار أن الرأي الثاني يحمل التحديدات الواردة في الروايات على انها غالبية فلا خصوصية لها الا باعتبار أن الضرر غالباً وعادة يندفع بها ولكن لا داعي لرفع اليد عن ظهور الروايات في المنع من حفر بئر اخرى ضمن هذه المسافات، فإن مفاد الروايات هو المنع من حفر بئر اخرى

فنلتزم بأن التحديدات غالبية، ولكن تبقى دلالة الروايات على أن الممنوع منه فيها هو حفر بئر أخرى

غاية الامر نحن قلنا نرفع اليد عن التحديد بالمقدار المذكور فيها وننزله على الغالبية فكأن الروايات تقول بأنه لا يجوز حفر بئر أخرى في هذا المقدار لأنه مضر بالبئر الاولى

ونحن نقول إن لم يكن مضراً فيجوز حفر بئر أخرى، فالممنوع منه هو خصوص حفر بئر أخرى لا جميع التصرفات

وأما التصرفات الاخرى غير حفر البئر فيرجع فيها الى القواعد الاساسية فاذا لم يكن التصرف مضراً فيرجع فيها الى عمومات الإحياء وإن كان مضراً فيرجع فيه الى ما دلّ على حرمة الإضرار بالغير

2-تقدمت الاشارة الى ذلك في (مسالة ١٩) في الكلام حول الاراضي المنسوبة إلى طوائف العرب و العجم لمجاورتها لبيوتهم و مساكنهم من دون تملكهم لها بالإحياء وانها باقية على إباحتها الأصلية فيجوز احياؤها لأنها تبقى مواتاً مباحة للجميع

3-يتعرض السيد الماتن (قده) في هذه المسألة لمطلبين:

المطلب الاول: إن الحريم ليس مملوكاً لمالك العامر

المطلب الثاني: إن الحريم يكون متعلقاً لحق مالك العامر

أما المطلب الاول فالظاهر أنه واضح باعتبار أن المفروض انه لم يحيي الحريم وانما أحيا العامر ولم يفرض وجود سبب آخر لتملكه لهذا الحريم الذي لم يحيه

هذا إذا قلنا بأن الاحياء من أسباب الملك وأما اذا انكرنا ذلك وقلنا بأن ما يترتب على الإحياء هو الاولوية بالتصرف فقط كما هو المختار فعدم ملكية الحريم يكون أوضح

كما إن الأمر كذلك حتى اذا قلنا بأن الحريم من توابع الارض المحيطة ولواحقها وأن إحيائها يكون إحياء له بالتبع

فنقول بعدم الملكية لأن المختار في الاحياء أنه ليس من أسباب الملك

المطلب الثاني: ويستدل له بالنصوص التي دلّت على أن حريم البئر كذا وحريم البستان كذا وغيرهما إذ يستفاد منها أن مالك العامر له حق في الحريم، وأنه يختلف عن سائر الاراضي الموات التي تتساوى نسبة الناس اليها ويجوز لكل أحد إحياؤها في انه يثبت حق لمالك العامر فيه

ولكن قد يلاحظ عليه إن كون الحريم من متعلقات مالك العامر يقتضي منع الغير من التصرف في الحريم مطلقاً سواء كان التصرف مزاحماً لمالك العامر او لم يكن كذلك، لأن هذا هو مقتضى تعلق حق الانسان بشيء بينما المستفاد من السيد الماتن وغيره أنهم يقيدون التصرف بالحريم بما إذا كان مزاحماً للأول ومعناه انه لا يمنع من تصرف الغير اذا لم يكن مزاحماً وهذا لا يتناسب مع تعلق حق مالك العامر بالحريم

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo