< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة720): للبئر حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين بئر و بئر أخرى بمقدار لا يكون في أحداث البئر الثانية ضرر على الأولى من جذب مائها تماما أو بعضا أو منع جريانه من عروقها و هذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها (1)

(مسألة 721): للعين و القناة أيضا حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين عين و عين أخرى و قناة و قناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع و في الأرض الرخوة ألف ذراع (2)
و لكن الظاهر أن هذا التحديد غالبي حيث أن الغالب يندفع الضرر بهذا المقدار من البعد و ليس تعبديا.
و عليه فلو فرض أن العين الثانية تضر بالأولى و ينقص ماؤها مع هذا البعد فالظاهر عدم جواز إحداثها و لا بد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو يرضى به مالك الأولى كما أنه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في أحداث قناة أخرى في أقل من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة إلى الإذن من صاحب القناة الأولى. و لا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات و بين إحداثها في ملكه فكما يعتبر في الأول أن لا يكون مضرا بالأولى فكذلك في الثاني.
كما أن الأمر كذلك في الآبار و الأنهار التي تكون مجاري للماء فيجوز احداث بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر أخرى كذلك.
و كذلك احداث نهر قرب آخر و ليس لمالك الأول منعه إلا إذا استلزم ضررا فعندئذ يجوز منعه.

1- الامر الثاني: في ان الممنوع هل هو حفر بئر اخرى فقط في المسافة المحددة على قول المشهور او اذا كان مضراً على القول الآخر او هو الأعم من حفر البئر وغيره من التصرفات

وينبغي أن يكون الجواب واضحاً على الرأي الآخر وهو عدم اختصاص المنع بحفر البئر كزراعة الارض االى جنب البئر اذا كان مضراً بالبئر القائمة

فإن الزرع والغرس وسائر التصرفات الاخرى التي يحدثها الى جنب البئر القائمة حالها حال حفر البئر اذا كان مضراً فتكون ممنوعة واما اذا لم يكن مضراً فيجوز، والسر هو أن حفر البئر لا خصوصية له الا باعتبار كونه مضراً بالبئر الاولى فاذ كان غير حفر البئر مضرا فيمنع منه لانه مضر

وهذا ليس استنادا الى قاعدة لا ضرر فقط بل استنادا الى الروايات ايضاً بناء على ما فهمناه من الروايات من ان المناط هو الاضرار

بل ينبغي ان نلتزم بجواز هذه التصرفات من الزرع والغرس وغيرها من التصرفات حتى اذا قلنا بقول المشهور وتقيدنا بالمسافات المحددة في الروايات وقلنا بعدم جواز حفر بئر اخرى الى جنب البئر الاولى في ضمن المسافة المحددة شرعا، ينبغي ان نقول بجواز الغرس والزرع في هذه المسافة

لان المنع من حفر البئر على القول الاول انما هو للنص ولكن الروايات لم تنه عن الزرع والغرس وغيرها من التصرفات الى جنب البئر الاولى، فلا نص على المنع منها، فبناء على رأي المشهور لا بد أن نلتزم باختصاص المنع بحفر بئر الى جنب البئر الاولى

مثلا معتبرة السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : أنَّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قال : (ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعاً ، وما بين بئر الناضح إلى بئر الناضح ستّون ذراعاً)[1]

فالمستفاد منها أن الاربعون ذراعاً هو حريم البئر الاولى، والممنوع منه حفر بئر اخرى ضمن هذه المسافة وهكذا بقية الروايات كمرسلة الشيخ الصدوق قال : (قضى ( رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ) أنَّ البئر حريمها أربعون ذراعاً ، لا يحفر الى جانبها بئر اُخرى لعطن أو غنم)[2] ،

وكذا رواية عقبة بن خالد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : (يكون بين البِئرين إذا كانت أرضاً صلبة خمس مائة ذراع ، وإن كانت ( أرضاً ) رخوة فألف ذراع)[3]

وبالرغم من أن المستفاد من هذه الأدلة هو اختصاص المنع بحفر البئر الاخرى ولكن يظهر من بعض الفقهاء ممن التزموا بها أن المنع لا يختص بحفر البئر بل التزموا بمنع مطلق التصرفات كالزرع والغرس وغيرها

وعلل هذا في بعض الكلمات بأن الغرض من الحريم هو الانتفاع بالبئر في ما أعد له وما يحتاج اليه البئر، وما أعد له البئر هو ما ذكر من المسافة بحيث تأتي الابل وترد فلا بد من منع الشخص الآخر من التصرف فيها

ولكن الروايات محددة فاذا تقيدنا بالروايات فظاهرها أن الممنوع منه حفر بئر في الحريم، هذا على القول المشهور

ولكن اذا لم نعمل بقول المشهور فالكلام واضح كما ذكرنا

2-هذا هو الميزان المعروف في حريم العيون والقنوات، فيمنع الآخرون من حفر عين أخرى او شق قناة أخرى

وفي تحديد حريم العين والقناة هناك روايات كثيرة نستعرضها

الاولى: معتبرة السكوني المتقدمة فقد ورد في ذيلها (وما بين العين الى العين -يعني القناة- خمسمائة ذراع) وواضح انها مطلقة بلحاظ كون الارض صلبة او رخوة

الثانية: مرسلة محمد بن حفص سالته عن قوم كانت لهم عيون في ارض قريبة بعضها من بعض فاراد رجل ان يجعل عينه اسفل من موضعها الذي كانت عليه، وبعض العيون اذا فعل بها ذلك اضر بالبقية من العيون، وبعضها لا يضر من شدّة الارض، قال فقال: (ما كان في مكان شديد فلا يضر وما كان في ارض رخوة بطحاء فانه يضر

وقال: يكون بين العينين الف ذراع)[4]

ويفهم منها أن نقل عين قائمة من موضعها اذا كان يضر بعين اخرى فهو غير جائز، فحفر عين اخرئ مضرة بعين قائمة ممنوع منه ايضاً

وفيها دلالة على ان المناط هو الاضرار، الا انها غير تامة سنداً فهي مرسلة

الثالثة: رواية مسمع بن عبد الملك وهي نفس معتبرة السكوني والفرق بينهما انه اسقط قوله (يعني القناة) مما نقله السكوني

الرابعة: رواية عقبة بن خالد عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: (يكون بين البئرين اذا كانت ارضا صلبة خمسمائة ذراع وان كانت ارضاً رخوة فالف ذراع)[5]

وقالوا بأن هذه الرواية هي الدليل على تفصيل المشهور بين الارض الصلبة والرخوة لأن المشهور قالوا بأن المراد بالبئر الوارد فيها هو العين

وهناك روايات واردة في القناة

الأولى: مكاتبة محمد بن الحسين المتقدمة قال : كتبت الى أبي محمد ( عليه السلام ) : رجل كانت له قناة في قرية ، فأراد رجل أن يحفر قناة اُخرى الى قرية له ، كم يكون بينهما في البعد ، حتى لا تضرّ إحداهما بالاُخرى في الأرض ، إذا كانت صلبة أو رخوة ؟ فوقع ( عليه السلام ) : (على حسب أن لا تضرّ إحداهما بالاُخرى إن شاء الله)[6]

الثانية رواية عقبة بن خالد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في رجل أتى جبلاً ، فشقّ فيه قناة فذهبت قناة الآخر بماء قناة الأوَّل ، قال فقال : (يتقاسمان بحقائب البئر ليلة ليلة ، فينظر أيّتهما أضرّت بصاحبتها ، فإن رأيت الأخيرة أضرّت بالأولى فلتعوّر)[7]

 

الثالثة: رواية عقبة بن خالد عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في رجل احتفر قناة وأتى لذلك سنة ، ثمَّ إنّ رجلاً احتفر الى جانبها قناة ، (فقضى أن يقاس الماء بحقايب البئر ، ليلة هذه ، وليلة هذه ، فإن كانت الأخيرة أخذت ماء الأُولى عوّرت الأخيرة ، وإن كانت الأُولى أخذت ماء الأخيرة لم يكن لصاحب الأخيرة على الاُولى شيء)[8] لأن تلك قناة قائمة

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo